إقبال أنثوي ضعيف في الأردن على رياضات القتال وكمال الأجسام - أرشيفية
تحاول فتيات أردنيات "كسر الجدار المجتمعي" من خلال ممارسة رياضة كمال الأجسام ورفع الأثقال والفنون القتالية، التي كانت لفترة طويلة حكرا على الرجال.
لينا فياض (28 عاما)، تخرجت من الجامعة الأردنية بتخصص اللغة الإنجليزية، إلا أن شغفها بالرياضة والملاكمة دفعها لدراسة الرياضة عبر الإنترنت من الجامعة الأمريكية، لتفتتح قبل سنة ونصف صالة رياضية متخصصة في تدريب الفنون القتالية.
ملامح لينا الملائكية لم تمنعها من الفوز في بطولة العالم للملاكمة العربية الاحترافية التي جرت في عمّان في آذار/ مارس الماضي، وتطمح في أن تصبح بطلة عالمية.
تنحدر لينا من عائلة رياضية بامتياز إذ كان والدها ملاكما وأمها كانت رياضية، ما خلق لها الدعم العائلي لتمارس رياضة عنيفة كالملاكمة.
تقول لينا لـ"عربي21"، إنها "تمارس رفع الأثقال منذ خمس سنوات تقريبا كرياضة مساندة للألعاب القتالية التي تتقنها".
وترى فياض أن "لا تعارض بين ممارسة الفتاة للفنون القتالية وبين أنوثتها"، مؤكدة أنه "على النقيض من ذلك هذه الرياضة تزيد من ثقة الفتاة في نفسها، وهو أمر صحي وأسلوب حياة".
ولا تنكر أنها تتعرض إلى انتقادات من البعض بسبب بروز عضلاتها، إلا أنها تؤكد أن "هذه التعليقات تحولت إلى حافز لها للمضي في ما تطمح إليه".
كمال الأجسام
أما الطالبة الجامعية دانا سمبولوغلو (23 عاما) فهي تتصبب عرقا وهي تحمل أوزانا حديدية تفوق وزنها (64 كيلوغراما)، في محاولة لشق طريق لها في رياضة كمال الأجسام، وسط بيئة محافظة لا تتقبل أن تبرز المرأة عضلاتها لأسباب دينية واجتماعية.
وبدأت دانا بممارسة رياضة كمال الأجسام في عام 2012؛ باحثةً عن "الاختلاف عن الأخريات"، وكما تقول لـ "عربي21"، فإنها بدأت تعلقها بهذه الرياضة منذ الصغر، عندما كانت تشاهد بطولة (Ms. Olympia)، وتحلم بالمنافسة في هذه البطولة".
إلا أن طريق دانا لم يكن ممهدا بالورود، بعد أن انهالت عليها الانتقادات من أشخاص مقربين منها، ومن بينهم والدتها التي طلبت منها التوقف عن هذه الرياضة، مبررة ذلك بأن "بروز عضلات الفتاة يفقدها أنوثتها ونعومتها".
انتقادات تسمعها دانا في الشارع ومن بعض المقربين، حتى أثناء ممارستها رفع الأثقال في الجيم المختلط: "أغلب الانتقادات من كبار السن، يسألونني: لماذا تبرزين عضلاتك هكذا وأنت فتاة؟ هذه العضلات للرجال".
أما ناتالي أخت دانا الصغيرة فتدعمها، وتقول لـ"عربي21": "عندما بدأت دانا في رياضة كمال الأجسام، كان ذلك غريبا بالنسبة لي وبالرغم من ذلك شجعتها، لإيصال رسالة أن الفتاة قوية وتستطيع أن تقوم بما يقوم به الرجال".
لم تثنِ الانتقادات دانا عن المضي في رياضة احتكرها الرجال، وعلى العكس من ذلك تؤكد أن "هذه الرياضة زادت من أنوثتها بسبب تناسق الجسم".
وتقول: "أبتسم عندما أسمع هذا النوع من الانتقادات وأحاول توضيح أن الفتاة تستطيع خوض هذا المجال، وهناك من يقتنع بكلامي والبعض يتمسك برأيه ويبقي على استغرابه من إبراز الفتاة لعضلاتها".
وتمارس سمبولوغلو التمرين يوميا، مبينة أنها تذهب إلى الصالة الرياضية 6 أيام في الأسبوع: "أوزع الأيام بين عضلات الجسم، بمعدل يومين لكل عضلة كي أبرز تناسق الجسد".
تقول دانا: "عندما أرفع أوزانا ثقيلة أشعر بقوة كبيرة تجري في عروقي وثقة في النفس، والأهم من ذلك أفرغ الطاقات السلبية كالغضب".
إلا أن طموحها يذهب أبعد من تناسق الجسد، إذ إنها تأمل في أن تكسر جدار العيب وتشارك في بطولة محلية لكمال الأجسام للسيدات.
وتتلقى سمبولوغلو تدريباتها على يد نديم فران (بطل الأردن في كمال الأجسام 2013) الذي يعتبر ملهمها، ويأمل فران في أن "تهب رياح التغيير على اللجنة الأولمبية لبناء الأجسام واللياقة البدنية ويفتح المجال أمام الفتيات الأردنيات للمشاركة في بطولات محلية"، كما يقول.
يقول فران لـ"عربي21" إن "عدد الفتيات الراغبات في الانخراط برياضة كمال الأجسام شبه معدوم، وتكاد تكون دانا الوحيدة"، مفسرا ذلك "بطبيعة المجتمع المحافظ، الذي يربط جسد الأنثى بالنعومة".
وتقتصر اللجنة الأولمبية الأردنية لبناء الأجسام، على الرجال فقط رغم أن النظام الداخلي للجنة لا يحدد جنس المشتركين.
رئيس اللجنة فايز أبو عريضة، يقول لـ"عربي21" إنه "لا وجود لفتاة تمارس كمال الأجسام في الأردن بشكل رسمي ضمن صفوف اللجنة".
مفسرا ذلك بأنه "لا يوجد تشريع يمنع الفتاة من ممارسة هذه الرياضة، لكن نحن في الأردن لسنا معجبين بأن تمارس فتاة كمال الأجسام؛ لاعتبارات اجتماعية، ولا يتقبل المجتمع أن تخرج فتاة لتعرض عضلاتها على المنصة".
ولا تعد رياضة كمال الأجسام الرياضة الوحيدة التي تسعى أردنيات لكسر احتكار الرجال لها، ففي عام 2012 أسست لينا خليفة (31 عاما) "Shefighter" أول مركز نسائي متخصص في تعليم فنون الدفاع عن النفس لحماية المرأة من العنف.
وتقول خليفة لـ "عربي21" إن فكرة إنشاء المركز، بدأت عندما تعرضت إحدى صديقاتها لعنف أسري في 2010، لتقرر تدريب السيدات في قبو منزلها، ثم تنطلق بمركز خاص للنساء درب ما يزيد على 15 ألف امرأة في محافظات المملكة على الدفاع عن النفس من خلال القتال أو التوعية بكيفية التعامل مع المتحرش أو المعتدي من خلال لغة الجسد".
وتؤكد خليفة أن "إقبال الفتيات على المركز لم يكن كبيرا في البداية، لكن مع مرور الوقت ارتفع هذا الإقبال، خصوصا في المحافظات بعد حملات التوعية التي قمت بها على مدار سنوات".
تستهدف خليفة في التدريب والتوعية الفئات المستضعفة من السيدات، إذ دربت 2000 سيدة سورية لاجئة، وما يقارب الـ100 سيدة من ذوي الاحتياجات الخاصة، و1000 فتاة يتيمة، بهدف إكسابهن قدرة الدفاع عن النفس ومهارات تمييز سلوك الشخص المقابل، وهل هو سلوك معادٍ، من خلال معرفة لغة الجسد.
ويأتي تدريب المرأة الأردنية على فنون الدفاع عن النفس، في وقت ارتفعت فيه حالات الاعتداء على المرأة، إذ كشف مدير إدارة حماية الأسرة العقيد عطاالله السرحان، خلال لقاء تشاوري في نيسان/ أبريل الماضي، أن "الإدارة تعاملت العام الماضي مع 8800 حالة عنف ضد امرأة وطفل، فيما بلغ عدد الحالات 1820 حالة في أول أربعة أشهر من 2017".