بورتريه

ديفيد فريدمان.. سمسار أراض برتبة سفير

ديفيد فريدمان
ديفيد فريدمان
- يميني متطرف، متحمس للاستيطان الإسرائيلي في فلسطين المحتلة

- صديق شخصي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ودائما ما يأخذ ترامب بوجهات نظره

- يؤيد نقل سفارة أميركا من تل أبيب للقدس المحتلة التي يعدها "العاصمة الموحدة لإسرائيل".

يحاول أن يبقى بعيدا عن وسائل الإعلام، خاصة أن تعيينه سفيرا للولايات المتحدة في "إسرائيل" لقي الكثير من الشجب من قبل اليهود في أميركا، لعدم ملاءمته للمنصب، وعدم توفر الخبرة الدبلوماسية، وتاريخه في دعم قضايا جماعات المتطرفين في "إسرائيل"، بما في ذلك مستوطنة "بيت إيل".

يتبنى الموقف الإسرائيلي في جميع مواقفه وتصريحاته، وتحديدا عندما أشار في حديثه لصحيفة "جيروسالم بوست" الإسرائيلية عن "احتلال مزعوم" للأراضي الفلسطينية.

ديفيد فريدمان المولود عام 1959 في نيويورك، يهودي أرثوذكسي، ابن حاخام، يتكلم العبرية بطلاقة، درس في جامعة كولومبيا، ثم التحق بجامعة نيويورك لدراسة الحقوق وتخرج منها عام 1981.

رافق ترامب منذ عام 1994 حين عمل محاميا متخصصا بقضايا الإفلاس والعقارات لدى مجموعة ترامب، وعينه ترمب مستشارا له للعلاقات الأميركية الإسرائيلية أثناء حملته للانتخابات الرئاسية الأميركية ضد هيلاري كلينتون.

ساهم فريدمان بالعديد من الأنشطة المالية واللوجستية لدعم مخططات الاحتلال الإسرائيلي الاستيطانية، وترأس "رابطة الصداقة الأميركية مع مستوطنة بيت إيل" التي حولت إليها ملايين الدولارات.

هاجرت ابنته تاليا فريدمان، الشهر الماضي إلى الأراضي المحتلة، وقال فريدمان عنها: "كوالد، أنا أحتفل بتحقيق ابنتي تاليا لحلم حياة طويل في أن تصبح جزءا من دولة إسرائيل"، وأضاف أن "عائلتنا بأكملها تشعر بالفخر برؤية تاليا وإصرارها على المساعدة في تدعيم دولة إسرائيل واحدة من أقوى وأهم حلفاء أمريكا".

ويرى فريدمان أن المستوطنات في الضفة الغربية "شرعية"، مؤكدا أن "هناك أجزاء من الضفة الغربية ستبقى جزءا من إسرائيل في أي اتفاق سلام" فالرئيس ترامب "لن تكون له مشكلة مع ذلك".

وكتب فريدمان في "جيروزاليم بوست" يؤكد أن ترامب "لن يطلب من إسرائيل أن تتوقف عن النمو"، وبالتالي عن البناء في مستوطنات الضفة الغربية، مشيرا إلى أن ترامب لا يعتبر بناء المستوطنات "مسألة غير قانونية".

موقفه المتطرف هذا دفعه إلى الهجوم في مقابلة تلفزيوينة على إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وقال إنها "ارتكبت خيانة مطلقة" بحق "إسرائيل" حين امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن 2334 الذي يعتبر المستوطنات "انتهاكا صارخا" للقانون الدولي، الأمر الذي سمح بتمريره.

لا يتوانى ترامب عن الدفاع عن حليفه فريدمان بوصفه بأنه "كان صديقا له لفترة طويلة ومستشارا موثوقا به"، واعتبر علاقاته القوية في "إسرائيل" الأساس لمهمته الدبلوماسية، ورأى أنها ستكون رصيدا هائلا للولايات المتحدة "في الوقت الذي نعزز فيه العلاقات مع حلفائنا ونسعى للسلام في الشرق الأوسط".

وقال ترامب تعقيبا على تعيينه في منصب سفير إنه ينوي العمل على تعزيز الشراكة الراسخة مع "إسرائيل" لتعزيز السلام في المنطقة، وإنه ينتظر بفارغ الصبر القيام بذلك انطلاقا من السفارة الأميركية في "عاصمة إسرائيل الأبدية القدس".

لم يدعم فريدمان مسألة حل الدولتين بصورة كاملة، إذ يرى أن هذا الأمر يرجع في المقام الأول إلى رغبة تل أبيب، وهو ما جسدته تصريحاته لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بقوله: "على الإسرائيليين أن يقرروا ما إن كانوا يرغبون أم لا بالتخلي عن أراضٍ لإقامة دولة فلسطينية، إن لم يرغب الإسرائيليون بذلك، فإنه (ترامب) لا يعتقد أن عليهم القيام بذلك، الخيار يعود لهم، إنه لا يعتقد بأن قيام دولة فلسطينية مستقلة هو واجب ملزم للأمريكيين".

ووصف اليهود الأميركيين الذين يروجون لحل الدولتين بأنهم "أسوأ بكثير" من الذين كانوا مكلفين بحراسة وضبط مراكز اعتقال اليهود إبان الحكم النازي في ألمانيا، بحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.. في إشارة منه إلى نشطاء السلام في منظمة "جاي ستريت" اليسارية المتمركزة في الولايات المتحدة، والتي تدعم فكرة السلام مع الفلسطينيين.

المنظمة عارضت وبشدة تعيين فريدمان سفيرا للولايات المتحدة في دولة الاحتلال، مشيرة إلى أنه متهور، وداعم قوي للاستيطان، ما يضع سمعة أمريكا على المحك إقليميا ودوليا، فضلا عما سيسببه من أزمات بين واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط.

في بيان له يقول عضو مجلس النواب الأمريكي جيرولد نادلر، وهو يهودي من نيويورك:" فريدمان يمثل تهديدا لأمن الشرق الأوسط والعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل"، لافتا إلى  أن المواقف المتطرفة المتشددة له تضعه خارج التيار الرئيسي للسياسة الأمريكية والصهيونية.

ورأت جماعة "جاي ستريت" أنه "مرشح غير كفؤ وغير ملائم" للمنصب.

أما عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي جيري كونولي، فيشير إلى أن تعيين فريدمان يشكل "إهانة" لسياسات الولايات المتحدة بشأن المستوطنات وحل الدولتين، ووصفه بأنه "متعصب غير متسامح من الدرجة الأولى".

من جانبه أشار عضو جماعة "جاي ستريت" الداعمة  لعملية السلام مع الفلسطينيين ديلان وليامز، إلى أن كثيرا من النواب يعارضون تعيين فريدمان، لا سيما أن سياسته ستمثل "رحيلا تاما لنهج الولايات المتحدة في الصراع الدائر بالشرق الأوسط".

وكانت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي وافقت على ترشيح فريدمان لمنصب سفير واشنطن في تل أبيب في آذار/ مارس 2017، بتأييد 12 ومعارضة 9 أعضاء، وصوت مجلس الشيوخ  الأميركي فيما بعد على تعيينه بتأييد 52 ومعارضة 46 عضوا.

التصويت الضعيف لصالحه دفع  السيناتور الديمقراطية ديان فينشتاين التي عارضت تعيينه إلى القول إنه "شخص ثمة خلاف كبير جدا بشأنه لكي يتولى أحد المناصب الدبلوماسية شديدة الحساسية".

وأضافت أن "آراءه الخطيرة وخطابه المليء بالكراهية سيتسببان بزيادة عدم الاستقرار في هذه المنطقة المضطربة أساسا".

خلال جلسة التصديق على تعيينه، قدم فريدمان اعتذارا لأعضاء مجلس الشيوخ عن اللغة اللاذعة التي كان يستخدمها في الماضي متعهدا باستخدام "لغة محترمة ومتزنة" إذا تم تعيينه في المنصب.

لكن الأمر لا يتعلق فقط باللغة بل في الممارسات التي تقول بأن السفير الأميركي في "إسرائيل" ليس سوى سمسار وممول للاستيطان، فهو نفسه، ديفيد فريدمان، تبرع بالمال من أجل بناء بيت على أرض بملكية فلسطينية خاصة في مستوطنة "بيت إيل" في الضفة الغربية المحتلة.

والبيت باسم فريدمان هو جزء من منطقة في المستوطنة يطلق عليها اسم 'هأولبنا'، وكتب على مدخل البيت: "تبرع به ديفيد وتامي فريدمان لذكرى والديهما، الحاخام والسيدة موريس وأدالييد فريدمان".

بوجود سفير متهور ومتطرف مثل فريدمان فإن نتنياهو واليمين المتطرف المتحالف معه مثل نفتالي بينت وأفيغدور ليبرمان سيزدادون جنونا، فيما هم في الواقع بحاجة لمن يكبح جماح تطرفهم.
التعليقات (0)