يزور وفد من
صندوق النقد الدولي، العاصمة الأردنية عمّان، الأسبوع المقبل، للاطلاع على الإجراءات التي اتخذتها المملكة على الصعيدين المالي والاقتصادي.
وينتظر الأردنيون حزمة جديدة من الضرائب ضمن إصلاحات اقتصادية تعهدت الحكومة بتنفيذها، وفقا لمطالب صندوق النقد الدولي.
وتتوالى التحذيرات من ضرر بالغ الأثر، لمحدودي الدخل جراء هذه الإجراءات الجبائية المرتقبة، في وقت تقول فيه الحكومة إن الملف الضريبي سيراعي الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل.
وتتجه الحكومة في مشروع قانون جديد لضريبة الدخل، لخفض سقف إعفاءات ضريبة الدخل للأفراد الذين يبلغ دخلهم السنوي 6 آلاف دينار (8.4 ألف دولار)، بدلاً من 12 ألف دينار (16.9 ألف دولار)، و12 ألف دينار (16.9 ألف دولار) للعائلة بدلاً من 24 ألف دينار (33.8 ألف دولار)، فيما يتوقع تسليمه إلى البرلمان مع نهاية العام الحالي.
وحذر خبراء اقتصاديون من استمرار الحكومة في استهداف دخول المواطنين المتآكلة في الأساس، كوسيلة سهلة للوفاء بالتزاماتها الدولية، معتبرين أن ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية تؤثر على معدلات النمو الاقتصادي.
صندوق النقد الدولي، توقع أن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للأردن إلى 2.3 بالمائة في 2017، بدعم من الإصلاحات الهيكلية والضبط المالي.
وبدأت الحكومة أولى وجبات إصلاحاتها الضريبية، في فبراير/ شباط الماضي، من خلال فرض إجراءات شملت رفع أسعار المحروقات وزيادة رسوم الاتصالات وخدمات الأحوال الشخصية.
الحكومة فرضت، كذلك، زيادات في رسوم بعض المعاملات الحكومية الأخرى بهدف تعزيز الإيرادات وتحقيق عائد يقدر بنحو 450 مليون دولار بموجب التزاماتها مع صندوق النقد الدولي.
زيادة الإيرادات
وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن "هذه الإجراءات تعبر عن عدم قدرة الحكومة على إحداث نمو يحسن الفاعلية الاقتصادية في البلاد، ويحقق المزيد من الإيرادات".
وارتفع عجز ميزانية الأردن قبل المنح الخارجية، بنسبة 19.1 بالمائة على أساس سنوي، خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالي، إلى 674 مليون دينار (950.6 مليون دولار) مقابل 565.5 مليون دينار (797.5 مليون دولار) خلال الفترة ذاتها من 2016.
وقدر قانون الموازنة العامة لهذا العام، بلوغ
عجز الموازنة بعد المنح عند 693.1 مليون دينار (977.1 مليون دولار)، مقابل حجم منح متوقع عند 777 مليون دينار (1.09 مليار دولار).
وأضاف عايش: "نتيجة لهذا العجز فإن الحكومة تلجأ مباشرة للحصول على هذه الإيرادات من المواطنين والمؤسسات الاقتصادية، من أجل الالتزامات التي تعهدت بها للجهات الدولية، وأبرزها صندوق النقد الدولي".
وكان الأردن وصندوق النقد الدولي، وقعا في يوليو/ تموز الماضي، على اتفاقية التسهيل الائتماني الممدد من 2016-2019، وستستخدم قيمة الاتفاقية (700 مليون دولار) كوديعة في البنك المركزي الأردني لدعم ميزان المدفوعات، طيلة فترة الاتفاقية والممتدة لفترة 36 شهرا ضمن برنامج الإصلاح المالي والهيكلي.
ورأى عايش أنه من الأولى أن تفكر الحكومة في سبل تعزيز إيراداتها وأن تكون مصادرها بعيدة عن جيوب المواطنين ودخولهم؛ "لأن هذه الدخول لم تعد تكفي لمواجهة الأعباء المتزايدة".
الخبير الاقتصادي، استند إلى أرقام دائرة الإحصاءات العامة، التي تشير إلى أن 40 بالمائة من دخل المواطن الأردني تذهب للطعام والشراب، وإلى وجود فجوة بين دخل المواطنين بشكل عام تقدر بنحو 970 دينارا (1368 دولارا) ما بين الدخل والنفقات سنوياً.
مفهوم العدالة
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، زيان زوانة، إن "الإجراءات المنظورة من قبل الحكومة، ستلغي مفهوم العدالة الاجتماعية؛ لأنها ستحمل المواطن الضعيف أعباءً أكبر بعكس ما سيتحمله الغني".
وأضاف زوانة، أن "هذا المقترح سيقلل كم الدخل المتاح للإنفاق بين يدي المواطنين، وبالتالي إضعاف العملية الاقتصادية ما يؤدي إلى تراجع النمو".
ورأى أنه "على الحكومة البحث عن بدائل أكثر فاعلية لزيادة الإيرادات، ومنها جعل ضريبة الدخل تصاعدية على المقتدرين، إلى جانب رفع كفاءتها في التحصيل ومتابعة المكلفين، وضبط التهرب الضريبي".
ووصلت الإيرادات المحلية حتى نهاية يوليو/ تموز، إلى 3.9 مليار دينار (5.5 مليار دولار)، مقابل 3.8 مليار دينار (5.3 مليار دولار) للفترة ذاتها من 2016.
ونتجت الزيادة كمحصلة لارتفاع الإيرادات غير الضريبية، بقيمة 121.2 مليون دينار (170.9 مليون دولار) وانخفاض بنود الإيرادات الضريبية أبرزها انخفاض حصيلة ضريبة الدخل والأرباح بحوالي 31.9 مليون دينار (44.9 مليون دولار).