رغم الإشادة الأردنية بالمصالحة الفلسطينية التي جرت الاثنين الماضي بين حركتي "
فتح" و"
حماس" في قطاع غزة، إلا أن أسئلة طرحتها شخصيات سياسية أردنية حول سبب غياب الدور الأردني عن هذه المصالحة التي تصدرتها
مصر.
وذهبت شخصيات بوزن رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين زكي بني ارشيد، للقول إن "هناك شعورا أردنيا بالمرارة على هامش
المصالحة الفلسطينية وغياب الحضور والدور الأردني" الذي وصفه بـ"خارج التغطية وعلى رصيف الحدث".
الأردن الذي يطرح نفسه مرارا بقوة في الملف الفلسطيني، وتحديدا في ملفي المقدسات الإسلامية في القدس، وملف مفاوضات السلام، لم يكن له دور في هذه المصالحة كما ترى تلك الشخصيات في حديثه لـ"
عربي21".
وعلق بني ارشيد الخميس على صفحته في "فيسبوك": "للأسف الشديد فقد الأردن دوره الإقليمي ويواجه الإعصار القادم مكشوفا من الدعم الشعبي وتابعا للمواقف العالمية نتيجة لسياسته الرسمية ومواقفه الدولية، الأردن يملك نوافذ العبور نحو المستقبل، سياسة فتح النوافذ تحتاج إلى جرأة وثقة، الأردن إلى أين؟".
الحكومة الأردنية وعلى لسان الناطق باسمها، وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال محمد المومني، اكتفى بتصريح مقتضب للتلفزيون الأردني الخميس، وأشاد بالمصالحة قائلا إن "إنهاء الانقسام البغيض الذي استمر لفترة من الزمن يعكس صورة مشرقة عن الشعب الفلسطيني".
مضيفا أن "الانقسام الفلسطيني أحد الأسباب التي تذرعت بها إسرائيل حتى لا تنخرط بعملية سلام، وأن المصالحة، تحقق مصالح الشعب الفلسطيني، في بناء دولته".
ويضطلع الأردن بدور كبير في الملف الفلسطيني وتحديدا دور ديني بالوصاية على المقدسات، وتأخذ الوصاية الهاشمية على القدس بعدا قانونيا أيضا، بعد أن نصت المادة التاسعة في معاهدة وادي عربة، الموقعة بين الأردن وإسرائيل، على حق الأردن في الوصاية على القدس. وجاء في النص: "سيمنح كل طرف للطرف الآخر حرية الوصول للأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية، بما يتماشى مع إعلان واشنطن، على أن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس".
مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، جواد الحمد، يؤكد في حديث لـ"
عربي21" أن " الدور الوحيد الذي سمحت به السلطة الفلسطينية هو الدور المصري، إذ قالها الرئيس محمود عباس علانية في حوار تلفزيوني مع إعلاميين مصريين، وأكد أنه لن يقبل التدخل في شؤون الدولة الداخلية باستثناء مصر، موضحا أن الرعاية المصرية موجودة ومقبولة".
عطفا على ذلك، يرى الحمد، أن "الدور المصري هو الموكل له دوليا وعربيا بهذا الملف، وليس هناك ارتياح من قبل حركة فتح لدور أردني في الشأن الفلسطيني بشكل عام، في وقت قبلت فيه حركة حماس علنا الوساطة الأردنية بالمصالحة ورفضتها فتح عدة مرات؛ والسبب وجود توافقات بين فتح ومصر لا ترقى للموافقات بين فتح والأردن في هذا الملف".
إلا أن أمين عام حزب الوحدة الشعبية (يساري)، سعيد ذياب، يرى في تصدر مصر لمشهد المصالحة "تقاسما للأدوار"، ويقول لـ"
عربي21" إن المصالحة تأتي "استكمالا للجنة الرباعية العربية (السعودية، الأردن، مصر، والإمارات) التي أنجزت المصالحة بين دحلان وحماس، لتأتي مصر وتستثمر في ورقة المصالحة مدعومة من أطراف عربية رغبت أن لا يكون دور أردني".
ويفسر ذياب الحماس المصري لهذه المصالحة بعدة عوامل أبرزها "إعادة الدور الإقليمي لمصر، وتخفيف الضغط العربي في الشارع المطالب برفع الحصار عن غزة، كما أن الرؤية المصرية ليست ببعيدة عن الرؤية الأمريكية والإسرائيلية بمشاريع التسوية المطروحة على المنطقة، وهذا لن يتحقق إلا بوجود جو فلسطيني متوافق، لذا أخذت مصر على عاتقها الوصول إلى هذه التهيئة، بينما سيكون للأردن دور وعلاقة مع الضفة الغربية ضمن هذه التسوية".
بينما عبّر عضو المجلس الوطني الفلسطيني، زهير صندوقة، عن تفاؤله لـ"
عربي21" من انعكاس هذه المصالحة على كل الدول العربية إيجابا وعلى رأسها الأردن، مكتفيا بالقول إنها "مصلحة وطنية وقومية لكل العرب وعلى رأسهم الأردن التي دائما تتحدث عن ضرورة المصالحة الفلسطينية"، رافضا الحديث حول سبب غياب الدور الأردني.
العلاقة بين الأردن والسلطة الفلسطينية لم تكن دائما "دافئة" رغم دخول الطرفين في نفس التحالفات الدولية والعربية، فقد تعرضت هذه العلاقة إلى نكسات بسبب الدور الأردني في القدس، فقد شهد عام 2015 خلافا وتوترا في العلاقات تحت عنوان من يفاوض الإسرائيليين على الأقصى، على خلفية المقترح الأردني تركيب كاميرات في الحرم القدسي، الأمر الذي حذر منه مسؤولون فلسطينيون ووصفوه بـ "الفخ".
فهل يأتي غياب الدور الأردني عن المصالحة الفلسطينية متعمدا من حركة فتح؟ وسحبا للبساط من تحت أقدام الأردنيين؟ أم أنه تقاسم للأدوار العربية في المنطقة، وإعطاء مصر هذه الورقة بتوافق أردني؟