أثار تحول موقف
الإعلام المصري من حركة
حماس الفلسطينية، التي طالما نعتها بالإرهابية، واعتبار لقاء قياداتها سبقا صحفيا، علامات استفهام في أوساط خبراء الإعلام والصحافة.
ويرى مراقبون أن هذا التغير يأتي في إطار إظهار قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي؛ في صورة بطل المصالحة الفلسطينية، وجعلها ضمن إحدى إنجازاته قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وسارع الإعلامي المصري الموالي للانقلاب، عمرو أديب، وزوجته الإعلامية لميس الحديدي، لزيارة قطاع
غزة، حيث أجريا حوارات مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في القطاع، إسماعيل هنية، ونشرا صورا لهما بصحبته، وذلك بعد تسلم وفد الحكومة الفلسطينية مهامها هناك، الثلاثاء.
ولم يشكل التحول الإعلامي الكبير في الموقف من حركة حماس مفاجأة للكثير من المراقبين؛ بسبب تبعية الإعلام لأجهزة السيسي بشكل مباشر، وهي التي تحكم وتتحكم في محتوى القنوات الفضائية والإذاعية، بالإضافة إلى الصحف الورقية والإلكترونية.
وشدد نظام السيسي الحصار الاقتصادي والسياسي على قطاع غزة عقب الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، رافقه حصار إعلامي وصحفي بعدم إجراء أي حوارات أو مداخلات مع أي من قيادات أو مسؤولي حركة حماس، حتى خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، شهد الإعلام المصري تحريضا على قطاع غزة بحجة تشكيله خطرا على مصر وأنه يؤوي إرهابيين يشنون هجمات في سيناء.
"السيسي يغسل وجهه بحماس"
ورغم الأجواء الإيجابية، توقع الصحفي بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، ألا يستمر شهر العسل بين الطرفين طويلا، قائلا: "أتوقع ألا تستمر هذه الحفاوه كثيرا، فمع أول منعطف في ملف المصالحة قد يتحول المديح إلى هجاء وتخوين، واتهامات بالتأمر".
وقال لـ"
عربي21": "السيسي حرص على استدعاء قادة حماس إلى دائرة الضوء لدحض حالة الهجوم عليه بعد ظهوره العلني والفج مع نتنياهو، فجاءت لحظة ظهور قادة المقاومة لمحو الآثار السلبية لتلك الصورة"، وفق تقديره.
ورأى أن "حرص أديب على لقاء هنية يؤكد أنه لقاء سياسي وليس إعلاميا، جاء لانتزاع جملة من المواقف المؤيدة لتحرك السيسي باعتباره بطل المصالحة، ونجم عنه السلام المنتظر بين منظمة التحرير الموحدة بقيادة دحلان وبين الكيان الصهيوني قريبا، وتوريط قادة حماس في تصريحات تهز ثقة القاعدة الشعبية للحركة في مصر وبلدان الربيع العربي"، كما قال.
تعليمات مخابراتية
وأجمل الخبير الإعلامي، ومدير قناة "مصر 25" سابقا، حازم غراب، التغير الحاصل في موقف الإعلام المصري بالقول: كلمة واحدة "تعليمات".
وأضاف لـ"
عربي21": "لا يوجد في مصر إعلام ولا إعلاميون؛ هؤلاء مطايا كأسلافهم يمتطيهم الحاكم وينخسهم من الخلف فيرفسون أو يعضون، ويشد اللجام يميناً فيتجهون يميناً والعكس"، بحسب تعبيره.
وتابع: "الساسة في العالم الثالث يعتبرون الميديا (الإعلام) مجرد أذرع وأبواق تؤمر فلا تملك إلا أن تطيع". وتحدث عن نفسه قائلا بأنه "ممن كانوا لنحو سنتين كاملتين ممن يأمرون موسى صبري، وأنيس منصور، وعلي حمدي الجمال، ومكرم محمد أحمد، وصبري أبو المجد وأحمد زين.. طبعا كنت آمرهم بلسان السادات شخصيا وبعض الأجهزة المهمة"، وفق قوله.
تسديد فواتير لإسرائيل
وأرجع الإعلامي المصري، ومقدم البرامج، شريف منصور، التحول في الموقف المصري تجاه حركة حماس إلى "ارتباطه بالتحول في الموقف الصهيوني، الذي يسعى إلى تحقيق ما يسمى بالسلام الاقتصادي، واختراق قطاع غزة، وإعادة دمج حماس وفق معادلة أوسلو".
وقال لـ"
عربي21": "بالعودة إلى مقال الكاتب عماد جاد في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، بعنوان "لقاءات الرئيس في نيويورك" في جريدة الوطن الموالية للسيسي، ذكر فيه بشكل صريح وواضح أن إسرائيل هي الداعم الأكبر لما يسمى بثورة 30 يونيو، وأن الوفود التي أرسلها نتنياهو إلى واشنطن نجحت في تغيير الموقف الأمريكي من الانقلاب؛ وبناء عليه فإن نظام السيسي يسدد الآن الفواتير ويرد الجميل"، وفق قوله.
"إعلام القوادة"
وسخر الصحفي عبد المنعم الحشاش، قائلا لـ"
عربي21": "سبحان مغير الأحوال، ما بين عشية وضحاها أصبحت حماس عدوة الأمس صديقة اليوم؛ فتغيرت العبارات وتبدلت التوصيفات".
وأضاف: "في الحقيقة لم نتفاجأ كثيرا ولم نصدم من تحول إعلام القوادة، والتراجع عن توصيفها بالكيان الإرهابي الضالع في معظم العمليات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، إلى امتداحها والثناء على موقفها"، كما قال.
وأكد أن "هذا التناقض الواضح والفج يؤكد، وبما لا يدع مجالا للشك بأنهما (أديب والحديدي) أذرع لنظام الانقلاب، ويسيران وفق توجيهاته وأجندته السياسية، لا وفق معايير مهنية وموضوعية"، بحسب تعبيره.
واستدرك قائلا: "لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وألم شديد: إذا كنتم قد برأتم حماس من كل التهم السابقة التي اتهمتموها بها، فماذا عن الضحايا القابعين فى غياهب السجون المصرية منذ سنين بتهمة التخاير مع حماس، منهم الزميل الصحفي إبراهيم الدراوي؟ ولكم أن تردوا على السؤال بأي لغة تريدونها"، وفق قوله.