أعلنت جمعية رجال الأعمال الأتراك
المصريين "تومياد"، عقد مؤتمر اقتصادي تركي مصري في مدينة إسطنبول التركية، ابتداء من 26 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل تحت عنوان "هيا نصنع معا".
وقالت الجمعية، في بيان صادر يوم الأربعاء الماضي، إنها ستنظم المؤتمر على مدار خمسة أيام، بالتعاون بين كل من الغرفة التجارية بمدينة "قونيا" التركية، ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية "دياك"، ووكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا"، وجمعية رجال الأعمال المصريين بالقاهرة.
ويأتي المؤتمر الذي يعقد، حسب بيان الجمعية؛ بهدف خلق فرص صناعية واستثمارية جديدة في مختلف المجالات لإحياء التعاون الاقتصادي، بما يعود بالنفع على البلدين، في وقت تشهد فيه العلاقات السياسية بين القاهرة وأنقرة توترا مستمرا منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013 الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
لكن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين ظلت بمعزل عن هذه الأجواء السياسية المحتقنة طوال هذه السنوات، حيث حرضت الحكومتان على الفصل بين العلاقات السياسية والتعاون الاقتصادي فيما بينهما، بحسب مراقبين.
الأتراك يريدون الحفاظ على العلاقات
ونقلت صحيفة "المصري اليوم" المصرية، يوم الثلاثاء الماضي، عن مصادر بالغرف التجارية والصناعية المصرية، عن وجود تحركات تركية جديدة للحفاظ على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين دون تأثر، مؤكدة أن هناك ضغوطا قوية على السلطات التركية من جانب المنظمات الاقتصادية ورجال الأعمال، لتعديل الموقف التركي تجاه مصر، بعد تراجع حركة التصدير ونقل البضائع التركية إلى مصر.
وأكدت المصادر أن منظمات أعمال تركية حصلت على ضوء أخضر من الحكومة، للعمل على الحفاظ على العلاقات التجارية والاستثمارية مع مصر، وهو ما تم ترجمته إلى زيارات من مسؤولي تلك المنظمات للقاهرة طوال العام الماضي.
وبحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة المصرية، فإن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا بلغ أكثر من 4 مليارات دولار خلال عام 2016.
وكان وزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل صرح في شهر آب/ أغسطس الماضي بأنه "لا يوجد اتجاه سياسي لدى القاهرة لعرقلة التجارة مع أنقرة، مشددا على أنه ليس من مصلحة أحد تعطيل التعاون الاقتصادي مع
تركيا".
وأشار قابيل، خلال مقابلة سابقة مع صحيفة "الشروق" المصرية، إلى أن صادرات مصر إلى تركيا ارتفعت بنسبة 52% في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2017 مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2016، مؤكدا أن استفادة مصر من اتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع تركيا، والتي دخلت حيز التنفيذ في آذار/ مارس من 2007، كانت أكبر بكثير من استفادة تركيا.
وأوضح أن الصادرات المصرية لتركيا حققت زيادة 30%، لتصل إلى مليار وسبعين مليونا خلال النصف الأول من 2017، في الوقت الذي شهدت فيها الواردات من تركيا تراجعا بنسبة 50%، لتسجل 912 مليون دولار خلال الفترة ذاتها.
خلافات مؤقتة!
وتعليقا على هذه التوجهات، قال المحلل السياسي جمال مرعي إن العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وتركيا ظلت مستمرة بشكل جيد طوال السنوات الماضية، رغم التوتر والصدام السياسي الحادث بين البلدين.
وأوضح مرعي، في تصريحات لـ "عربي21"، أن التبادل الاقتصادي بين البلدين يوفر مصدرا هاما من مصادر الدخل القومي، لافتا إلى أن البلدين، خاصة مصر، غير مستعدة للدخول في أزمات اقتصادية جديدة تزيد من الأعباء التي تعاني منها الآن.
وأشار إلى أن الحالة ذاتها تنطبق أيضا على العلاقات الاقتصادية بين مصر وقطر، التي تمتلك استمارات كبيرة في مصر، وعلى الرغم من الخلاف السياسي، لم تستطع مصر أن توقف هذه المشروعات؛ لأنها ستسبب لها خسارة اقتصادية كبيرة.
وأكد جمال مرعي أن تركيا هي الأخرى تدرك أن الخلافات السياسية قد تنتهي مع الوقت، مشيرا إلى أن البلدين حريصان على عودة العلاقات السياسية، خصوصا تركيا؛ لأنها أدركت أن النظام الحالي أصبح لديه ثقل دولي أكثر من أي وقت مضي.
مصر ليست السعودية
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي مصطفى عطوة إن التبادل التجارة والعلاقات الاقتصادية بين أي بلدين دائما ما يكون بعيدة تماما عن أي الصراعات السياسية، إلا إذا اتخذت إحدى الدولتين قرار بالمقاطعة الاقتصادية، وكانت قادرة على إدارة اقتصادها دون مساندة أحد، وهذه الحالة غير متوفرة لدى مصر أو تركيا.
وأضاف عطوة، في تصريحات لـ "عربي21"، أن مصر لا تستطيع أن تستغني عن علاقاتها الاقتصادية مع تركيا؛ لأن حجم الواردات من الملابس الجاهزة فقط من تركيا -على سبيل المثال- يتعدى مليار جنيه سنويا، وسيصاب سوق الملابس في مصر بضرر كبير إذا توقفت هذه التجارة، كما أن مصر تصدر أيضا العديد من المنتجات لتركيا، وستتأثر هذه الصادرات إذا اتخذت تركيا قرارا بمنع دخولها للبلاد.
ولفت إلى أن دول الخليج عندما قاطعت قطر اقتصاديا وتجاريا فعلت ذلك لأنها لا تعاني من أزمات اقتصادية؛ بفضل اقتصادها المستقر، لكن مصر ليست السعودية أو الإمارات، ولا يمكنها أن تغامر بربط اقتصادها المريض بالسياسة، حسب قوله.