نشرت صحيفة "دير شتاندارد" النمساوية تقريرا؛ تناولت فيه
سياسة ولي العهد السعودي، محمد
بن سلمان، "المحفوفة بالمخاطر"، ولكنه يعتقد أن نسبة هامة من السعوديين يساندونه في مسعاه نحو إعادة
السعودية إلى "النهج المعتدل" للإسلام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ابن سلمان يحاول في الوقت الحالي نشر رسالة التغيير والرغبة في انفتاح بلده على العالم؛ من خلال التعاقد مع شركات عملاقة في مجال العلاقات العامة. وقد أعلن ولي العهد عن ذلك خلال الاحتفالية المكلفة للغاية، التي نظمها في إطار الإعلان عن مدينته الاقتصادية العملاقة "نيوم".
وذكرت الصحيفة أن السعودية لن تجني ثمار هذه الحداثة والانفتاح الاقتصادي؛ ما لم يتطور المجتمع. ومن الصعب الشروع في تنفيذ الخطط الإصلاحية، التي يقودها ابن سلمان في إطار "رؤية 2030"، ما دام المسؤولون والاقتصاديون يفكرون بطريقة رجعية. ولعل هذا ما أكده أحد المراقبين الغربيين لشؤون المملكة، الذي يرى أن القواعد الاجتماعية القائمة على "الوهابية" تضاهي العصور الوسطى.
وأوضحت الصحيفة أن المقصود بكلمة "وهابية" هي القواعد السلفية الصارمة، وهي كلمة مشتقة من اسم الداعية الأصولي "محمد بن عبد الوهاب"، الذي أسس منهجه في القرن الثامن عشر. وقد جمعت بين عائلة آل عبد الوهاب وآل سعود؛ روابط وثيقة، ما زالت ممتدة حتى اليوم.
وأوضحت الصحيفة أن آل سعود يحكمون البلاد، بينما تضع سلالة عبد الوهاب؛ يدها على المؤسسة الدينية، برئاسة المفتي الأكبر للمملكة، عبد العزيز بن عبد الله الشيخ، المعروف بصرامته الشديدة.
وأفادت الصحيفة بأن ابن سلمان اصطدم بالفعل بمعارضة المؤيدين للشيخ الوهابي في المملكة. من هذا المنطلق، يعتقد الغرب أن مشكلة المملكة تكمن في نظام الحكومة البعيد عن الليبرالية، خاصة في ظل وجود العديد من الدوائر المحافظة في المملكة. وبالتالي، سوف يواجه ابن سلمان تلك الدوائر مرتكزا على التأييد من النخبة الذين أكملوا دراستهم في الخارج بفضل المنح التي قدمتها المملكة.
وفي هذا السياق، صرح ابن سلمان بأن "الشعب يريد أن يحيا حياة طبيعية، مثل الذهاب إلى حفلات الموسيقى أو إلى السينما". في المقابل، دأب المفتي الأكبر للبلاد على وصف مثل هذا الكلام من قبل؛ بأنه كفر ودعوة للفساد. ومع ذلك، بدأت صناعة الترفيه في المملكة بالفعل.
وأشارت الصحيفة إلى أن ابن سلمان يسعى إلى التخلص من العداء الشديد للشيعة المتأصل في المذهب الوهابي، حيث قال إن "الوضع كان مختلفا في السابق". وفي الحقيقة، بعد سنة 1979، فرضت المملكة قيودا على الحركات الإسلامية، وخاصة بعد الثورة الإسلامية في إيران، وحادثة اقتحام المسجد الحرام. وبعد ذلك، قدم النظام نفسه على أنه المنهج الإسلامي الوحيد في البلاد.
وأوضحت الصحيفة أن رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة يعتبر محاولة للترويج للمذهب الجديد في المملكة، الذي يلقى معارضة شديدة من قبل رجال الدين. وفي ظل محاولة التغيير، يجب عدم الخلط بين منهج ابن سلمان الإصلاحي والديمقراطية. فالنظام الملكي لا يزال قائما، وكل من طالب بقيام "نظام دستوري" تم الزج به في السجن.
بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يلقى المتشددون الرافضون لرؤية ولي العهد الجديدة للمملكة نفس المصير، خاصة أنهم سوف يشهدون تغييرات أكثر حدة في الأيام القادمة. وتجنبا للصدام مؤقتا، شنت الحكومة حملة اعتقالات ضد العديد من المعارضين خلال الأسابيع الماضية.
وأضافت الصحيفة أن ولي العهد ووزير الدفاع، يعتبر الابن المفضل عند أبيه المريض، الملك سلمان. فهو يسيطر على كل شيء في المملكة، ناهيك عن أنه معروف داخل عائلته بحبه للسلطة، وقد بدا ذلك جليا بعد إطاحته بولي العهد السابق محمد بن نايف. كما أن ابن سلمان يعتبر المسؤول الأول عن إقحام السعودية في حرب مكلفة لا طائل منها في اليمن، كما تقول الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن انخفاض سعر البترول وضع المملكة في مأزق، فمن الواضح أن النفقات لن تتراجع مستقبلا. لهذا السبب، يحاول ابن سلمان توعية الشعب بما سيحدث في الأيام القادمة، بسبب الزيادة في النفقات، مثل تمويل عملية إعادة إعمار سوريا. ومن الواضح أن السعودية لا تملك الأموال الكافية لتحقيق مبتغاها، ما ينذر بوقوعها في مآزق أخرى هي في غنى عنها.