شهدت
جوبا عاصمة
جنوب السودان، السبت، توترا بعد أن حاصر عشرات الجنود مقر إقامة القائد السابق للجيش بول مالونغ في محاولة لتجريد حراسه من أسلحتهم.
وأكدت لوسي أياك زوجة مالونغ أن حكومة البلاد سعت لنزع أسلحة حراس زوجها المحتجز حاليا خوفا من أن يهرب ويبدأ تمردا مما يبرز قلقا داخل قيادة البلاد.
وقالت لوكالة "رويترز" إن مسؤولي أمن وصلوا إلى منزلهم في ساعة متأخرة من مساء أمس الجمعة ومعهم "أوامر محددة" من كير.
وأضافت: "جاؤوا ومعهم أمر من الرئيس وأبلغوا الجنرال مالونغ بأن لديهم أمرا بنزع أسلحة حراسه"، مشيرة إلى أنهم حاولوا أخذ هاتفه وقالوا إنه لن يُسمح لأفراد أسرته بزيارته.
وتابعت: "الحكومة تعتقد أن الجنرال مالونغ ربما يعيد البلاد مجددا إلى الحرب.
التوتر لا يزال سائدا... لا نعلم ما إذا كانوا سيعودون مرة ثانية للقبض عليه بالقوة في حالة مقاومتهم".
وكانت شوارع المدينة شبه مقفرة مع ملازمة السكان لمنازلهم خوفا من أن تتطور الأزمة إلى اشتباكات، بحسب.
وحين جرى عزله من الجيش فر مالونغ من العاصمة جوبا ومعه قافلة من المركبات متوجها إلى مسقط رأسه أويل، مثيرا مخاوف من انضمامه إلى قوات المعارضة ثم العودة بهم إلى العاصمة.
وقال سكان في جوبا لوكالة "رويترز" إن جنودا مدججين بالأسلحة الثقيلة أغلقوا الطريق الرئيسي المؤدي إلى منزله.
وأوردت وسائل إعلام في جوبا أن قائدا كبيرا في الجيش متحالفا مع مالونغ انشق عن الجيش بهدف شن تمرد.
وامتنع المتحدث الرئاسي تني ويك أتني عن التعليق وقال إن "الأمر لا يخص سوى الجيش".
وأكد تني ويك أتني أن الانتشار العسكري يندرج في إطار "عملية روتينية"، وقال لوكالة "فرانس برس" إن "الوضع طبيعي... هذا الأمر لا يدعو للقلق"، وهو ما أكده بدوره وزير الإعلام مايكل ماكوي.
ويأتي التحرك بعد خمسة أيام من توقيع الرئيس سلفا كير قرارا يسمح بتوقيف حراس مالونغ وتجريدهم من أسلحتهم، مؤكدا كذلك أن أية مقاومة (من قبل الحراس) "يجب أن تواجه بالقوة المتناسبة".
ولم تتضح الأسباب وراء القرار الذي اتخذه كير.
وكان كير أقال في أيار/ مايو الجنرال مالونغ القومي-الاتني المتشدد، والمنتمي إلى قبيلة الدنكا التي تشكل غالبية في البلاد، وينتمي إليها كذلك الرئيس كير.
ويعتبر كثيرون أن مالونغ هو العقل المدبر للمعارك التي شهدتها جوبا في تموز/ يوليو 2016 وأدت إلى مقتل المئات وتبخر الآمال بتشكيل حكومة شراكة بين كير ورياك مشار، النائب السابق للرئيس، المنتمي إلى قبيلة النوير، والذي تحول إلى زعيم للتمرد.
وقبيلتا الدنكا والنوير هما الأكبر في جنوب السودان وبينهما عداوة دموية تاريخية.
وكان جنوب السودان غرق في حرب أهلية استمرت قرابة أربع سنوات، وقد دفعت المخاوف من تكرار ما حصل في السابق سكان جوبا إلى ملازمة منازلهم.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن موزس الير المقيم في حي منى في غرب جوبا، قوله: "لم أخرج من منزلي منذ الصباح لأن... المعارك قد تندلع".
وكان قرار إقالة مالونغ في أيار/ مايو أثار المخاوف لدى السكان من خطر اندلاع اشتباكات بين مناصريه وقوات الجيش الموالية للرئيس كير.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت في أيلول/ سبتمبر فرض عقوبات ضد مسؤولين كبار في جنوب السودان بينهم مالونغ بداعي "تهديد السلم والأمن أو الاستقرار في جنوب السودان".
ويخضع مالونغ حاليا للإقامة الجبرية بموجب قرار رئاسي أصدره كير في 30 تشرين الأول/ أكتوبر يمنعه من مغادرة مقر إقامته منعا باتا.
ونال جنوب السودان استقلاله بعد انفصال الجنوب ذي الغالبية المسيحية عن الشمال ذي الغالبية المسلمة في 2011 بعد 22 عاما من الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل مئات آلاف الأشخاص.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2013، وبعد اتهام كير لمشار بالتخطيط لانقلاب، غرقت الدولة الفتية في حرب أهلية أوقعت عشرات آلاف القتلى ودفعت 4 ملايين شخص للنزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى البلدان المجاورة. وجعلت هذه الحرب نحو نصف السكان (12 مليون نسمة) تحت رحمة المساعدات الإنسانية.
وفر أكثر من 450 ألف لاجئ من جنوب السودان إلى السودان منذ اندلاع الحرب بحسب الأمم المتحدة، لكن الخرطوم تؤكد أن عددهم نحو 1,3 مليون شخص.