هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أحال رئيس البرلمان المصري علي عبد العال، مشروع قانون يحظر إهانة الرموز والقيادات التاريخية للمناقشة عبر اللجان التشريعية والدينية والإعلام، في مجلس النواب.
وينص القانون على عقاب من أهان الرموز والشخصيات التاريخية بالحبس ثلاث إلى خمس سنوات وغرامة 100 ألف جنيه وحتى 500 ألف جنيه.
ولكن في حالة العودة للإهانة، يعاقب صاحبها بالحبس خمس إلى سبع سنوات، وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه، ولا تزيد عن مليون جنيه.
ومؤخرا، تمت تجاوزات عديدة بحق رموز تاريخية ودينية، وفي أيار/ مايو الماضي، وصف الكاتب يوسف زيدان، القائد صلاح الدين الأيوبي بأنه "أحقر شخصيات التاريخ"، وهاجم أبرز الشخصيات الإسلامية من بينها أحمد عرابي وعبد الرحمن الداخل، والحجّاج بن يوسف، وقطز، وبيبرس.
وتطاول الإعلامي مفيد فوزي، والكاتبة فريدة الشوباشي، على الشيخ محمد متولي الشعراوي، ما أثار حالة من الغضب بين المصريين.
مؤيدون للقانون
من جهته، أكد صاحب مشروع القانون النائب عمر حمروش، أن مقترحه جاء إثر الانتقادات الدائمة للرموز التاريخية.
وأضاف في حديثه للإعلامي وائل الإبراشي، عبر قناة "دريم"، أنه لا يجب انتقاد تلك الرموز من غير المتخصصين، وأن مصر تواجه تحديات تستلزم مواجهة مثيري الفتن.
وفي دفاعه عن القانون، قال وكيل اللجنة الدينية في مجلس النواب اللواء شكري الجندي، إن أعضاء اللجنة الدينية أبدوا ترحيبهم بمشروع القانون، مضيفا لصحيفة "الدستور"، أن "مصر بلد عظيمة، ولا يجوز إهانتها من أبنائها".
وأكد رئيس نقابة الإعلاميين حمدي الكنيسي، رفضه إهانة أي رموز مصرية أو من الأمة العربية.
وأكد لصحيفة "الوطن"، أن ميثاق الشرف الإعلامي يحظر إهانة أي شخص، والأمر أشد إذا تعلق بالرموز التاريخية والوطنية والدينية.
وأعلن عدد من المصريين قبولهم القانون، معترفين بأهميته، في وقف يجري فيه تشويه الرموز، مع عدم اتخاذه ذريعة لكبت الحريات، وفق قولهم.
رافضون للقانون
في المقابل، انتقد الكاتب يوسف زيدان القانون، وقال إنه "يجعل مصر أضحوكة العالم"، مطالبا في تصريحات صحفية بإعادة النظر في القانون.
أما الإعلامية درية شرف الدين، فطالبت في مقال لها الأربعاء، في صحيفة "المصري اليوم"، بمنع القانون، وتساءلت: "من الشخصيات التاريخية المجرمةُ تمت إهانتها؟ ومن هؤلاء الرموز؟ وفي أي عصر؟ من هو المسموح بانتقاده والمساس به؟ ومن هم الممنوع الاقتراب منهم؟ ومن وجهة نظر من؟ ومن الحكَم هنا؟ عضو مجلس النواب، أم القاضي، أم الرأي العام، أم كتب التاريخ؟!".
حماية للسيسي
في سياق متصل، رأى الإعلامي محمود جعفر، أن "الشخصيات التاريخية يحميها تاريخها الموثق وإنجازاتها وأعمالها"، مضيفا أن "هذه الشخصيات ليست مقدسة ولا فوق النقد مادام الناقد يوثق ما يقول".
وأوضح أن "الشطط في انتقادات هذه الشخصيات أمر غير مقبول، ولكن الرد عليه يكون بضحده وتفنيده".
واعتقد جعفر، أن الظاهر من القانون المزمع إصداره هو حماية الرموز، ولكن في الحقيقة هو انتهاك للحريات، وفق رأيه.
اقرأ أيضا: حملة في مصر لتشويه "الرموز" وعلماء يطالبون بالتصدي لها
وقال لـ"عربي21" إن "القانون حق يراد به باطل؛ وهدفه النهائي هو قمع حرية التعبير، وفرض المزيد من القيود عليها"، مضيفا أن "هذا القانون فيما لو صدر -وأظنه سيصدر- هو عبث مطلق".
وأضاف: "أراهن أن أول ما تبادر إلى ذهن واضعي القانون هو حماية السيسي من أي انتقادات لأنه شخصية تاريخية من وجهة نظرهم".
ومنذ انقلابه على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013، يتعرض عبد الفتاح السيسي للسخرية والنقد اللاذع عبر مواقع التواصل، وفي الشوارع، وحتى من خلال لعبة انتشار البندول بين الأطفال، التي اعتبرها النظام إهانة له، لا سيما أنه أطلق عليها اسم عدّ أنه إهانة للسيسي.
لن يحمي الرموز
وعلقت الناشطة السياسية ليلى عبدالخالق، على القانون وقالت إنه "لن يحمي الرموز التاريخية".
وأضافت أن "الرموز المحترمة التي تهان الآن جهارا وفي وسائل الإعلام، لن يطبق القانون عليهم"، مؤكدة أن "من يلمزون الرموز الحقيقية هم يؤدون أدوارا مرسومة لهم".
وقالت عبدالخالق لـ"عربي21"، إن "هذا القانون حق أريد به باطل"، موضحة أن "الغرض الأساس منه؛ هو إحكام القبضة الحديدية ضد المعارضين وانتهاك الحريات، وتكميم الأفواه".
وأشارت إلى أن "القانون يأتي مع قرب انتخابات 2018، وأيضا لتحسين صورة النظام القبيحة في مجال حقوق الإنسان، وكله بالقانون".
معيار مطاط
ورأى المحامي المصري في النقض أسامة بيومي، أن "المعيار الذي يضعه القانون لاعتبار الشخص رمز يعد مطاطا، حيث يسمح بوضع رموز من وجهة نظر القائمين على الاختيار فقط"، مؤكدا أنه "يجب أن تكون الرموز محل اتفاق جميع طوائف الشعب".
وحدد القانون الرموز والشخصيات التاريخية بـ"الواردة في الكتب، التي تكون جزءا من تاريخ الدولة، وتشكل الوثائق الرسمية للدولة، وذلك وفقا لـ اللائحة التنفيذية له".
وقال بيومي المحامي المهتم بالشأن الحقوقي، لـ"عربي21"، إن "الكتب تتكلم عن مبارك ورموز وقيادات نظامه وغيرهم، من الثابت تورطهم في فساد".
وأضاف أن "الراقصة فيفي عبده كأم مثالية أصبحت رمزا"، موضحا أنه "لو النظام القائم تغير، فإن الرموز ستتغير".
واعتبر بيومي أن "القانون مفصل لخدمة بعض الشخصيات الحالية في إطار الدفاع عن شخصيات عظيمة وتاريخية".
مخالف للدستور
وشبّه رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، القانون بقانون "العيب في الذات الملكية"، مؤكدا أن "القانون المقترح مخالف للدستور في نصوص متعددة، منها المساواة وتكافؤ الفرص والمواطنة، وأن المواطنين جميعا سواء أمام القانون".
وقال الشهابي لـ"عربي21": "لسنا بحاجة لقانون يحمي رموزنا"، مضيفا أن "هذا القانون قيد على الحريات، وعودة إلى عصر الملكية عندما كان لدينا قانون يحاسب من يعيب في الذات الملكية".