هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع قرب انطلاق فعاليات لقاء المصالحة الفلسطينية في العاصمة المصرية القاهرة، شدد مختصون فلسطينيون على أهمية الدور المصري في ضمان تطبيق نجاح المصالحة، الذي من شأنه أن يحميها من التدحرج نحو الفشل.
غضب فلسطيني
ووصلت القاهرة عدة وفود فلسطينية، أمس الاثنين؛ للمشاركة في اجتماعات الحوار الفلسطيني، التي من المقرر لها أن تبدأ اليوم الثلاثاء، لمناقشة العديد من ملفات المصالحة الفلسطينية، وذلك بعد أكثر من شهر على توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي "حماس" وفتح" في القاهرة برعاية مصرية في 12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وسادت خلال الفترة الماضية أجواء من عدم الارتياح في الشارع الفلسطيني؛ بسبب طريقة تعاطي السلطة الفلسطينية مع قطاع غزة، وتفاقم الأوضاع الإنسانية، وبقاء الإجراءات العقابية التي فرضها رئيس السلطة محمود عباس ضد القطاع المحاصر للعام الحادي عشر على التوالي، إضافة للعديد من الإجراءات التي تسببت بحالة غضب فلسطيني، منها؛ إحالة آلاف الموظفين في القطاع للتقاعد المبكر.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، هاني البسوس، أن "نجاح المصالحة الفلسطينية مرهون بالنوايا الصادقة والالتزام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه، وفق المواعيد المحددة"، لافتا إلى أن "هناك محاولات لعرقلة المصالحة من الجانب الإسرائيلي، ومن شخصيات فلسطينية منتفعة من الانقسام".
وقدّر في حديثه لـ"عربي21"، أن "فرص نجاح المصالحة، التي تسير بشكل بطيء جدا، لا تتجاوز احتمالات الفشل"، موضحا أن "السلطة الفلسطينية بدت مترددة جدا في تحمل مسؤولياتها في قطاع غزة".
ورأى البسوس أن "مصر هي الجهة الوحيدة التي يمكن أن تلعب دورا مهما في تنفيذ تطبيق اتفاق المصالحة، كوسيط وضامن نزيه"، مرجحا تعرض حركة "حماس"، التي "تعاني من وضع صعب من الناحية السياسية، والتي تكاد تكون وحيدة في الساحة، إلى الضغط وربما الابتزاز من كافة الأطراف المشاركة في عملية المصالحة، ومنها الوسيط المصري".
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن "خيارات حماس، التي تمتلك القوة العسكرية وبإمكانها أن تناور بشكل جيد، أصبحت صعبة"، مؤكدا أن "الظروف الإقليمية والدولية ليست في صالحها".
خيارات صعبة
من جانبه، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني، أن المطلوب لضمان نجاح لقاء القاهرة "ثلاث خطوات؛ الأولى ترتبط بالإرادة السياسية لكل الأطراف الفلسطينية، على قاعدة إنقاذ المشروع الوطني وتعزيز الثقة بينهم".
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن الخطوة الثانية مرتبطة بالراعي المصري، الذي عليه أن يعمل على إشراك خبراء في التفاوض وكتابة النصوص؛ من أجل ضبطها وتوضيحها، بما لا يدع مجالا لأي طرف من التهرب من استحقاقات المصالحة، عبر قدرته على لي أعناق النصوص".
أما الخطوة الثالثة، فهي ترتبط -وفق الدجني- بـ"النظام الإقليمي العربي، الذي يقع على عاتقه دعم جهود المصالحة، والضغط على المجتمع الدولي؛ لوقف أي تدخل سلبي قد يعرقلها".
وشدد الكاتب على وجوب قيام المجتمع الدولي والعربي بـ"دعم موازنة السلطة الفلسطينية، بما يجعلها قادرة على الالتزام باستحقاقات المصالحة، لا سيما أن غزة أصبحت منطقة منكوبة، وهي بحاجة لتعزيز التنمية فيها، والعمل على فتح معابرها بشكل دائم، وربطها بالعالم الخارجي".
وحول إمكانية تعرض "حماس" للابتزاز بعد دخولها -كما يقول البعض- "مصيدة" المصالحة، قال: "حماس توجهت للمصالحة بقوة، وبإرادتها، ونتيجة لقراءتها لطبيعة المتغيرات والضغوط الداخلية والخارجية"، منوها بأن "مسألة تعرضها لابتزاز واردة وبقوة، لكن الأهم هو كيف تتعاطى حماس والفصائل مع المصالحة الفلسطينية".
وتابع: "أنا لا أعتقد أن المصالحة مصيدة، وحتى لو فكر العالم بأن المصالحة مصيدة، فالشعب الفلسطيني يرى بها الخلاص، وحماس من جانبها تتسلح بحاضنتها الشعبية".
الضامن المصري
من جهته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، عبدالله العقاد، أن "هناك خمسة ملفات سيجري الحديث والنقاش فيها خلال لقاءات القاهرة، وهي؛ منظمة التحرير الفلسطينية، وملف الحريات، والمصالحة المجتمعية، وحكومة التوافق، والانتخابات الفلسطينية".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "الملف الأمني الفلسطيني هو من أهم الملفات التي ستجري مناقشتها خلال لقاء القاهرة، وسيتناول النقاش أمرين أساسيين، هما؛ هيكلة وعقيدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك ضمن قانون الخدمة في القوى الأمنية الفلسطينية".
ونوه العقاد بأنه "سيتم دراسة مصير حكومة التوافق الفلسطينية الحالية برئاسة رامي الحمدلله، فإما أن تستكمل عملها، أو أن يتم إعادة النظر فيها، وتشكيل حكومة توافق فلسطينية جديدة تقود المرحلة الانتقالية إلى حين إجراء انتخابات تشريعية، ورئاسية، والبلديات، وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني".
ومن أجل ضمان التنفيذ الصادق لما تم وسيتم الاتفاق عليه في القاهرة، اقترح العقاد "تشكيل لجنة وطنية للمراقبة والمتابعة، من الكل الوطني الفلسطيني (فصائل، قوى، وهيئات مختلفة)، بحيث يرتبط عملها بالضامن المصري لاتفاق المصالحة".
ونبه الكاتب الفلسطيني على أهمية أن "يتم تحديد المفاهيم المختلفة بناء على الوقائع التي يقرها الوسطاء الوطنيون ضمن مفهوم الشراكة الوطنية"، مشددا في الوقت ذاته على "صياغة النصوص بشكل واضح؛ كي لا تكون فضفاضة، وأن ترتبط بجدول زمني محدد للتنفيذ".