هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن العملية الإرهابية التي هزت شبه جزيرة سيناء، وعجز نظام عبد الفتاح السيسي عن ضبط الأمن ومكافحة الإرهاب رغم اعتماده سياسة الأرض المحروقة والقمع والتعذيب، وخاصة في هذه المنطقة التي يتعرض سكانها للتهميش وانعدام الثقة بينهم وبين النظام الحاكم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن شبه جزيرة سيناء تحمل خصائص تاريخية وجغرافية وتضاريس خاصة، جعلتها نقطة ساخنة للغاية منذ الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي خلال سنة 2013.
والآن، بعد أكثر من أربع سنوات من اعتماد الجيش المصري على سياسة الأرض المحروقة، وارتكابه لعمليات تصفية خارج إطار القضاء، وفرضه لمناطق عسكرية مغلقة وإخلائها من سكانها، لا يبدو أن التمرد والأنشطة المسلحة في هذه المنطقة في تراجع، حيث يواصل تنظيم الدولة في ولاية سيناء تحركه حاصدا مئات الضحايا.
اقرأ أيضا: تندر وسخرية من استخدام السيسي عبارة "القوة الغاشمة"
وأشارت إلى أن مساحة سيناء شاسعة جدا وتبلغ 58 ألف كيلومتر مربع، أي أنها أكبر من بعض الدول مثل كوستاريكا، إلا أن منطقة الجبال والتضاريس الوعرة التي تتركز فيها الهجمات ليست كبيرة، فتلك المنطقة لا يزيد طولها عن 100 كيلومتر، وتقع قرب قطاع غزة.
وبينت الصحيفة أن الهجمات ضد القوات الأمنية في هذه المنطقة باتت أمرا متكررا، ومنذ سنة 2013 تسببت في موت المئات من عناصر الجيش والشرطة.
وبسبب هذا الصراع أيضا، قتل الجيش وتنظيم الدولة عددا كبيرا من المدنيين من السكان المحليين. وخلال السنوات الماضية، ظلت مدن وقرى مثل العريش والشيخ زويد تعيش تحت حظر التجوال، إلى جانب القيام بقطع الاتصالات الهاتفية وشبكة الإنترنت، وهو ما يؤكد أن سيناء باتت منطقة حرب حقيقية.
وذكرت الصحيفة أن هذه الأوضاع مثلت ذريعة للنظام المصري لفرض تعتيم إعلامي كامل على ما يحدث في سيناء، ومنع دخول الصحفيين وخاصة الأجانب منهم. وفي ظل هذا التعتيم، أصبح من الصعب التأكد من حقيقة ما يجري على أرض الواقع، ولم يعد هناك مصدر سوى الرواية الرسمية للنظام الحاكم حول عدد الضحايا خلال كل هجمة، والعمليات التي يقول الجيش إنه يشنها ضد الإرهاب.
في المقابل، تحذر أغلب التقارير الصحفية وآراء مراكز الدراسات المستقلة من حالة الاحتقان في قنوات التواصل بين السكان والدولة، في ظل دوامة العنف المتواصلة. والجدير بالذكر أن أغلب السكان الأصليين لسيناء هم من البدو، الذين عانوا لسنوات طويلة من التهميش من قبل الدولة، بسبب المركزية الإدارية، وأسلوب عيش البدو وثقافتهم، وغياب الثقة بين الطرفين.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الظروف مثلت بيئة مناسبة لظهور مجموعات مسلحة وحركات سلفية متشددة خلال السنوات الأخيرة، انطلاقا من حكم حسني مبارك، الذي شهدت فترته هجمات عديدة ضد المصالح الإسرائيلية. وبعد ثورة يناير 2011، تم تخريب أنبوب تصدير النفط إلى إسرائيل أكثر من 12 مرة.
وأكدت الصحيفة أن الانقلاب الذي نفذه السيسي أشعل النار في سيناء، وحول مجموعات صغيرة من الشباب البدو إلى حركة تمرد حقيقية بعد وصول أعداد من المقاتلين المتمرسين المنتمين لتنظيمات متطرفة إلى المنطقة. وقد تحالفت بعض هذه المجموعة لتشكيل تنظيم أنصار بيت المقدس، الذي أعلن في سنة 2014 ولاءه لتنظيم الدولة، وأعلن عن تسمية شبه الجزيرة "ولاية سيناء".
وبحسب تقديرات مراكز بحث، على غرار معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، فإن فرع التنظيم في سيناء يضم حوالي ألفا من المقاتلين، ويمتلك القدرة على البقاء والتحرك بعد كل ضربة يتلقاها من الجيش المصري. فوسط هذا المجتمع القبلي، لا يتراجع الناس عن الأخذ بالثأر لأقاربهم الذين تعرضوا للتعذيب والقتل على يد الجيش.
اقرأ أيضا : قوى وشخصيات تدين حادث سيناء وتطالب بعزل نظام السيسي
وأوضحت أن هذا التنظيم لا يمكنه فرض سيطرة مستمرة على منطقة محددة من شبه جزيرة سيناء، لكنه أثبت قدرته على تركيز نقاط تفتيش في الطريق والسيطرة على قرى وأحياء لعدة ساعات، ما تسبب في ترهيب السكان. كما أنه يقوم باستمرار بنصب كمائن متطورة توقع ضحايا كثيرين في صفوف الجيش والشرطة.
وقال أليسون ماكانوس، المحلل السياسي من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، إن "هذه الهجمات المتكررة تعد دليلا واضحا على فشل سياسة القمع التي ينتهجها النظام المصري في شبه جزيرة سيناء وباقي أنحاء البلاد".
وفي ختام، التقرير أشار إلى أن أخطر هجوم شهدته مصر قبل هجوم سيناء، استهدف طائرة ركاب روسية في أواخر سنة 2015، وأدى إلى مقتل أكثر من 200 سائح روسي، ولكن هذه المرة الأولى التي تشن فيها عملية إرهابية بهذا الحجم، ضد المدنيين وفي يوم الجمعة.