أعلنت المبادرة
المصرية للحقوق الشخصية، اعتراضها على قوانين الطاقة
النووية التي تم إصدارها مؤخرا في مصر، حيث أكدت أن هذه القوانين "تتعارض مع عدد من المبادئ القانونية والدستورية، وتنتقص من استقلالية هيئة الرقابة النووية، وضمانات الأمان النووي، كما تؤدى إلى إهدار موارد الدولة".
وطالبت في بيان لها، الأحد، وصل "
عربي21" نسخة منه، بضرورة مراجعة قوانين
الطاقة النووية، وعدم توقيع عقود المحطة النووية الآن.
واعترضت المبادرة كذلك على "الطريقة التي تم بها إصدار هذه القوانين في عجالة ودون فرصة حقيقية للنقاش"، معبرة عن قلقها من "استمرار أسلوب التعتيم الشديد، والانفراد بالقرار الذي صاحب المشروع النووي منذ بدايته"، مطالبة بـ "التروي، وباتباع مبادئ الشفافية، والمشاركة الشعبية".
وكان
البرلمان المصري قد عقد جلسة عامة طارئة بتاريخ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وافق خلالها، دفعة واحدة، على ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بالطاقة النووية تقدمت بها الحكومة، هي مشروع قانون بإنشاء الجهاز التنفيذي للإشراف على مشروعات إنشاء المحطات النووية لتوليد الكهرباء، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 13 لسنة 1976 بإنشاء هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية رقم 7 لسنة 2010.
وصرّح علي عبد العال، رئيس برلمان عبد الفتاح
السيسي، في صدر جلسة البرلمان بأن هناك حاجة إلى سرعة إصدار هذه القوانين، فيما يبدو أنه "تحضير لتوقيع عقود الضبعة أثناء زيارة الرئيس الروسي المرتقبة، وبالفعل تم عرض مشروعات القوانين الثلاثة والموافقة عليها في نفس الجلسة، الأمر الذي يصعب أن يتصور معه توفر فرصة حقيقية للنقاش"، بحسب بيان المبادرة المصرية.
من جهتها، قالت الباحثة في مجال البيئة في المبادرة المصرية، راجية الجرزاوي، إن "الشفافية واستقلالية الهيئات الرقابية من أهم ضمانات الأمان النووي، ولكن للأسف لا يبدو أن التوجهات وراء إدارة الملف النووي، التي أدت إلى إصدار القوانين التي تقضى على استقلالية هيئة الرقابة وتحشد ممثلي الحكومة في المنظومة النووية وتفتح الباب أمام التربح، والتي تتصف بالاستبعاد وحجب المعلومات، تأبه كثيرا لسياسات الأمان النووي، وأضافت أن الطاقة النووية شأن يخص المجتمع كله".
وأوضحت أن "القوانين الثلاثة شاركت في الانتقاص من هذه الاستقلالية، إذ ضم مجلس إدارة الجهاز التنفيذي في عضويته، وهو الجهاز المنوط به الإشراف على إنشاء المحطة النووية، ممثلا عن هيئة الرقابة النووية، في مخالفة مباشرة للقانون رقم 7 لسنة 2010 نفسه الذي يحظر على أعضاء هيئة الرقابة أي صلة بالمرافق التي يراقبونها، كما يخالف متطلبات الأمان التي تصدرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تحظر على هيئات الرقابة ممارسة أنشطة تتعارض مع دورها الرقابي".
وبخصوص إهدار موارد الدولة، أوضحت المبادرة المصرية أن قانون "إنشاء الجهاز التنفيذي للإشراف على المحطات النووية ينشئ كيانا يتشابه ويتداخل في اختصاصاته وصلاحياته وموارده مع كيان قائم بالفعل هو هيئة المحطات النووية، التي من مهامها أيضا إنشاء محطات نووية، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار موارد الدولة البشرية والمادية".
وذكرت أن "قانون هيئة المحطات النووية يقدم حزمة هائلة من الإعفاءات والمزايا والاستثناءات المالية إلى الهيئة وإلى مشروعاتها، إذ يعفي القانون المحطات النووية من جميع الضرائب والرسوم، ويعفى ما تستورده الهيئة من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم، كما يعفيها من كافة الضرائب على فوائد القروض الخارجية التي تعقدها".
وتابعت: "كما يعفي ما تستورده الشركات والهيئات المتعاقدة مع هيئة المحطات النووية والمقاولين من الباطن من جميع الضرائب والرسوم ومن الالتزام بالحد الأدنى لنسب توزيع الارباح، ويعفي الأجانب العاملين في مشروعات الهيئة من كافة الضرائب على المرتبات والأجور والمكافآت والمهن الحرة ومن الضريبة العامة على الإيراد".
ورأت المبادرة المصرية أن "هذه الإعفاءات والمزايا غير المبررة تمثل إهدارا لموارد الدولة، إذ أن مشروع المحطة النووية هو مشروع مربح، وكان ضمن مبررات إنشاء المحطة النووية: إنها ستحقق أرباحا عالية تضمن أداء القرض، الذي يبلغ 25 مليار دولار، وتزيد، وهو ما ينفي وجود أي مبرر لهذا الفيض من المنح والإعفاءات والاستثناءات وإضاعتها على خزانة الدولة".
وأشارت إلى أن القانون يسمح للهيئة بتأسيس شركات لاستثمار فائض أموالها في أنشطة، قد لا تكون بالضرورة، متعلقة بالطاقة النووية، وأن هذه المزايا المالية تمتد قانونيا إلى كافة مشروعات الهيئة، بما في ذلك التي ليس لها علاقة بالطاقة النووية، مشددة على أن هذا الوضع يمثل تمييزا للطاقة النووية على مصادر توليد الكهرباء الأخرى التي لا تتمتع بهذه المزايا.