هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار تصويت الجميعة العامة للأمم المتحدة، تساؤلات لدى العديدين حول جدوى تأثيره على الواقع السياسي للقضية الفلسطينية وتأثيره على أمريكا وإسرائيل، في حين أنه غير ملزم على خلاف أي قرار يصدر من مجلس الأمن الذي استخدمت فيه أمريكا الفيتو لعرقلة أي مشروع قرار ضد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس "عاصمة لإسرائيل".
وبحسب خبراء سياسيين، فإن تأثير القرار في الجمعية العامة لا أثر له على الأرض، إلا أن له أبعادا سياسية مهمة، طرأت على أمريكا وإسرائيل خصوصا، بعد تصويت 128 دولة ضد قرار ترامب بشأن القدس، وتجاهل تهديدات مندوبة الولايات المتحدة بشأن المساعدات الأمريكية للدول والأمم المتحدة.
وبحسب ما اطلعت عليه "عربي21"، فإن التأثير السياسي الذي أحدثه تصويت الجمعية العامة ما يأتي:
- عزلة لأمريكا وإسرائيل
- إحراج لإسرائيل أمام المجتمع الدولي
- اهتزاز مكانة أمريكا الدولية
- رفض دولي لأي خطوات أحادية الجانب بخصوص القدس
- الموقف الدولي الإيجابي من الإبقاء على الوضع القائم بالقدس
- القدس قضية لا يحق لأي دولة التدخل فيها
- عرقلة لتطبيع دول عربية مع إسرائيل
- تأييد دولي للوصاية الأردنية
وبحسب الباحث والمتخصص في علوم القدس والمسجد الأقصى، عبد الله معروف، فإن التصويت ليس له على الأرض تأثير فعلي بشكل مباشر، إنما له انعكاسات سياسية على الساحة الدولية، فقد مثل التصويت "صفقة لأمريكا"، وفق قوله.
وقال لـ"عربي21": "ما يهم في التصويت هو قيمة الحدث الذي حصل، فأمريكا ابتزت دول العالم، ونتيجة التصويت مست مكانة الولايات المتحدة في العالم".
وفي حين أكد أنه "لا نعول على تطبيق أي شيء على الأرض بعد التصويت"، إلا أنه لفت إلى أن "النقطة المستفاد منها من التصويت أن أغلب دول العالم أكدت بتصويتها أنها لن تقوم بإجراءات أحادية الجانب كاللتي قامت بها أمريكا، ولن تقوم بنقل سفاراها إلى القدس".
اقرأ أيضا: لماذا تعد قرارات الأمم المتحدة بشأن قرار ترامب "رمزية"؟
وسبق أن كانت الحكومة الإسرائيلية تروج إلى أن دول العالم ستحذو حذو الولايات المتحدة بصفتها القوة رقم واحد عالميا، "إلا أن نتيجة التصويت صفعت الإدارة الأمريكية الحالية، ونغصت على الاحتلال الإسرائيلي احتفاله بقرار ترامب لفترة طويلة"، بحسب معروف.
وأشار إلى أن قيمة التصويت الأساسية، أنه فرغ القرار الأمريكي من مضمونه وقوته.
عزلة أمريكا
ولفت معروف إلى أن الإدارة الحالية، "تسببت بإحداث هزة لمكانة أمريكا في العالم"، مضيفا أنه "لم يحدث أن وصل الأمر بالولايات المتحدة إلى أن تهدد بقطع المساعدات، وتتعامل بهذه الطريقة مع دول العالم، لذلك تسببت بضربة كبيرة لها ومحرجة أمام المجتمع الدولي".
وقال: "مجرد أن تقف دول مختلفة أمام الولايات المتحدة وترفض التهديدات الأمريكية، وتصوت ضد إرادة الولايات المتحدة، فهذا دليل على أن تأثيرها في القرار العالمي أصبح متراجعا في ظل هذه الإدارة الحالية".
وأكد أن الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة ترامب "تسيء لمكانتها وقوتها"، موضحا أن "الإدارة الحالية وضعت نفسها في نفس خانة إسرائيل بغير عقلانية، في حين أن أغلب الإدارات الأمريكية السابقة كانت تقف معها بعقلانية، فعندما كان يتعلق الموضوع بمكانة الولايات المتحدة، كانت الإدارات السابقة تقدم مكانة بلادها على مصلحة إسرائيل".
وتابع: "لكن الأمر الآن مختلف، فقد وضعت الإدارة الحالية مصلحة الولايات المتحدة كرقم اثنين، على حساب مكانة أمريكا"، ما يخالف شعار ترامب الذي رفعه من أن "أمريكا أولا".
التطبيع
ومن بين الأمور التي من المتوقع أن يكون لها انعكاسات سياسية، بحسب الدكتور معروف أن التصويت "يمثل إحرجا لدول من بينها عربية تريد تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
وقال: "أتصور أن الأنظمة العربية التي كانت وما زالت تتحدث عن تطبيع علني مع إسرائيل، أصيبت بخيبة أمل بعد هذا الحدث، بسبب الخوف من الحراك الشعبي الكبير التي تمثل القدس له قضية أساسية".
وقال إن تصويت 128 دولة لصالح القرار في الأمم المتحدة، يجعل "بعض الأنظمة العربية تتريث قليلا لترى إلى أين ستؤول الأمور بعد الصفعة لأمريكا".
وأضاف أن التصويت "سيكون له أثر إيجابي على قضية القدس، وأثر سلبي على الاحتلال وعلاقاته الخارجية".
وشدد على أن "بعض الدول العربية التي تريد التطبيع مع إسرائيل، إما أنها ستخفف من هذه الخطوات خوفا من رد الفعل الشعبي، أو أنها ستلجأ إلى إبقاء هذه العلاقات تحت الطاولة".
الأردن
وذهب معروف إلى أن "الأردن من أكثر المستفيدين من التصويت الذي حدث في الجمعية العامة"، موضحا أنه "تعرض لضغوط كبيرة جدا من الاحتلال وأمريكا، بل من بعض الحلفاء العرب للولايات المتحدة قبل التصويت".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى ما حدث في اجتماع البرلمان العربي، من اقتراح تجاوز الوصاية الأردنية، إلا أن الوفد الأردني انتبه للأمر ووقف ضده.
وأكد أن الأردن بعدما حدث في الجمعية العامة، "يستطيع الآن تأكيد دوره وصيا على الأماكن المقدسة".
وشدد على أن "الوصاية الأردنية قضية أسياسية، وفي غاية الخطورة، لأنها من أهم ما يحفظ الأماكن المقدسة بحسب القانون الدولي، وفي أروقة الأمم المتحدة".
ولفت إلى خطورة الأمر، موضحا أن "دعوة الدول التي تطالب بنزع الوصاية الأردنية أو تحويلها إلى وصاية إسلامية أو إلى دول أخرى، تمس بالأماكن المقدسة لأن الوصاية الأردنية جزء من حالة الوضع الراهن".
وقال إن "الاحتلال يحاول منذ احتلال الشطر الشرقي من القدس المحتلة تغيير الوضع القائم، ولكنه غير قادر على ذلك بحسب القانون الدولي، لذلك فإن أي مطالبة لسحب الوصاية الأردنية بتغيير الأمر القائم من طرف العرب، يحقق حلما للاحتلال".