هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن تغريدة ترامب الأولى خلال السنة الجديدة، التي تهجّم من خلالها على باكستان، واتهمها بالكذب والخداع، في حركة تعكس حجم العلاقة المتوترة بين البلدين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان هادئا نسبيا خلال الأيام الماضية، في حين قلص من عدد تغريداته المثيرة للجدل، على حسابه على موقع تويتر، علما أنه يحظى بنحو 54.6 مليون متابع. ولكن الرئيس الأمريكي افتتح السنة الجديدة بوابل من الهجمات، لعل من أبرزها تلك التي شنها ضد باكستان.
ونقلت الصحيفة ما نشره ترامب على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، الذي يعد أفضل وسيلة بالنسبة له لمخاطبة ناخبيه، حيث قال: "لقد منحت الولايات المتحدة بحماقة باكستان أكثر من 33 مليار دولار في شكل مساعدات على امتداد 15 سنة الأخيرة، في حين لم تعطنا أي شيء سوى الأكاذيب والخداع، معتقدة أن قادتنا حمقى".
واعتبرت الصحيفة أن ما كتبه ترامب يعكس غياب الثقة بين واشنطن وإسلام أباد. وقد تجلى مدى توتر العلاقات بين الجانبين بشكل خاص في سنة 2011، حيث بادرت القوات الأمريكية بالبحث عن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، في إطار عملية عسكرية قام بها الجانب الأمريكي فوق الأراضي الباكستانية، دون إعلام إسلام أباد.
وأضافت الصحيفة أن ذلك التحرك أحادي الجانب من قبل واشنطن سبقه أيضا امتناعها عن إعلام إسلام أباد بشكل مسبق بعملية إطلاق صواريخ من طائرات من دون طيار على الحدود الأفغانية. وتأتي هذه العملية بسبب شكوك أمريكية إزاء قيام السلطات الباكستانية بالتواصل مع عناصر طالبان لتحذيرهم.
وذكرت الصحيفة أن ترامب قال أيضا، في إطار هجماته على باكستان خلال الساعات الأولى من السنة الجديدة: "إنهم يوفرون ملاذا للإرهابيين الذين نلاحقهم في أفغانستان". وقد دفعت هذه الاتهامات بوزارة الخارجية الباكستانية لاستدعاء السفير الأمريكي لديها، ديفيد هيل. من جهته، قرر رئيس الوزراء الباكستاني شاهد خاقان عباسي، يوم الأمس، عقد اجتماع حكومي، من أجل تدارس فحوى تغريدة ترامب على تويتر، وينتظر أن يناقش اليوم مسألة تدهور العلاقات بين البلدين.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية الباكستاني، خواجه محمد آصف، رجح في تصريح له لصالح الإعلام المحلي أن، "ترامب نشر تلك التغريدة ضد باكستان؛ من أجل إلهاء الرأي العام الداخلي". وقد أيده في هذا الرأي، روبرت شابيرو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا. وفي هذا الصدد، أوضح شابيرو أن "تعليقات الرئيس الأمريكي تأتي في سياق التوترات المستمرة منذ وقت طويل بين واشنطن وإسلام أباد. لكن ترامب يتعامل بشكل متساهل مع مسألة وقف المساعدات عن هذا البلد، تماما مثلما عمد الناتو إلى تهديد الأمم المتحدة واليابان".
وأوضحت الصحيفة أن تصريحات ترامب ليست مجرد تهديد، حيث كان قد شرع في إعادة النظر في المساعدات التي تقدمها بلاده، منذ الصيف الماضي. وبعد التعليقات الأخيرة، أكد عضو في مجلس الأمن القومي الأمريكي أن واشنطن لا تخطط في الوقت الحالي لتسليم باكستان حزمة المساعدات، التي تبلغ قيمتها 255 مليون دولار.
وأشارت الصحيفة إلى أن سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أكدت أن امتناع بلادها عن تقديم هذه المساعدات يعزى إلى فشل باكستان في محاربة الإرهاب. وأردفت هيلي بأن "الإدارة الأمريكية علقت إرسال مبلغ 255 مليون دولار من المساعدات إلى باكستان، علما أن هناك أسبابا وجيهة لهذا القرار، لعل أبرزها إصرار إسلام أباد على ممارسة لعبة مزدوجة لسنوات عديدة".
وأضافت هيلي قائلة: "إنهم يعملون معنا، وفي الوقت ذاته يقومون بإيواء الإرهابيين، الذين يهاجمون قواتنا في أفغانستان. نحن نتوقع من باكستان المزيد من التعاون في الحرب ضد الإرهاب".
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات بين البلدين شابها التوتر منذ عقود، إلا أن واشنطن كانت دائما تقدم المساعدات لباكستان؛ من أجل فرض نفوذها داخل البلاد. ومن أبرز الملفات التي ساهمت في التأثير سلبا على هذه العلاقة جماعة طالبان، التي تعد حليفة لباكستان وعدوة للولايات المتحدة، إضافة إلى الشراكة التجارية الأمريكية الهندية.
ونقلت الصحيفة على لسان الخبير الاقتصادي الباكستاني عبد الرحمن، أن "الولايات المتحدة ظلت حليفة لباكستان منذ استقلالها في سنة 1947، إلا أن حجم المساعدات العسكرية والاجتماعية بدأ يتضاءل، وفي حال توقفه، ستتجه إسلام أباد نحو الصين". وأضاف عبد الرحمن أن "هذه الفرضية واردة على المستويين الأمني والاقتصادي، خاصة أن هناك تعاونا قائما الآن على مستوى العديد من مشاريع البنية التحتية، كما أن العلاقات مع روسيا يمكن أن تتطور بشكل كبير".
وفي الختام، اعتبرت الصحيفة أن السؤال المطروح الآن يدور حول ما إذا كانت تغريدة ترامب تعكس تغيرا حقيقيا في السياسة الخارجية لبلاده تجاه الحليف الباكستاني، أم أنها مجرد محاولة منه لخلق زوبعة في مواقع التواصل الاجتماعي؟