هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خصصت صحيفة "فايننشال تايمز" افتتاحيتها للحديث عن ذكرى الثورة التونسية والاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ فترة، وتقول فيها إن تونس بحاجة لمساعدتها على الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية.
وتقول الافتتاحية إنه "في السنوات التي تلت ثورة الياسمين، كان يوم 14 كانون الثاني/ يناير مناسبة للاحتفال عند التونسيين، وتميزت هذه السنة السابعة على الثورة، التي أجبر فيها التونسيون زين العابدين بن علي على التنحي عن السلطة، بالاحتجاجات، وكانت الشرارة التي أشعلتها هي زيادة الضرائب والتضخم والبطالة وحالة الإحباط التي يعاني منها التونسيون من فشل الحكومات التونسية التي أعقبت الثورة، وعدم قدرتها على مواجهة الأسباب الحقيقية للثورة".
وتعلق الصحيفة قائلة: "للأسف، كان الرد الأولي من الحكومة على الاحتجاجات مذكرا برد الحكومة في الايام الماضية، حيث تجاهل وزراء الحكومة مظالم المتظاهرين، وركزوا عوضا عن ذلك على بعض الحالات التي تصرف فيها مندسون على المحتجين بطريقة إجرامية، واعتقلت الشرطة أكثر من 800 محتج؛ في محاولة منها لترويض وقمع التظاهرات التي تحولت في بعض المناطق إلى العنف".
وتجد الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، أن "الخوف هو أن تنحرف تونس عن مسارها الديمقراطي الحقيقي، وسيكون هذا مأساة، وفي ظل الديمقراطية التي تمتع بها التونسيون منذ عام 2011، فإن أي محاولة لإغلاق باب الحرية باليد الحديدية ستفشل بالتأكيد، وبدلا من ذلك فإنه يجب على الحكومة، المكونة من خليط غير مريح من الإسلاميين والقوميين، أن تظهر تعاطفها مع التحركات الشعبية، كما بدأت في نهاية الأسبوع في المحادثات العاجلة، بتخفيف إجراءات التقشف، التي أثرت بشكل شديد على المواطنين، وبدأت بإعادة الأمل للمواطنين".
وتشير الصحيفة إلى أن "تونس هي من بين الدول العربية التي حافظت على المكتسبات الديمقراطية في أعقاب ثورات عام 2011، إلا أن مؤسساتها المهمة لا تزال ضعيفة؛ بسبب الظروف الإقليمية والدولية، وتوقف الإصلاحات الاقتصادية والدستورية لتقوية أسس الديمقراطية، بالإضافة إلى أن الإرهاب ضرب صناعة السياحة التونسية، وقاد عجز الحكومة، التي انشغل أعضاؤها بانتخابات عام 2019، الكثير من التونسيين للحنين إلى أيام الحكم المركزي".
وتعتقد الافتتاحية أن "هناك الكثير مما يمكن للحكومة التونسية أن تفعله لوقف هذا كله، فالعجز الحالي في الميزانية يحتاج إلى فاعلية تبدأ من القمة، وفي داخل أعضاء الحكومة المكونة من 44 وزيرا، ويجب عليهم تصعيد القتال ضد الفساد، وإعطاء الأزمة الاقتصادية الحالية الأولوية".
وتلفت الصحيفة إلى أن "هناك الكثير مما يمكن فعله لمساعدة تونس من الخارج، فليست الحكومة التونسية فقط التي كانت حذرة في ردها على مطالب الثورة، بل صندوق النقد الدولي أيضا، الذي قام بتقديم وصف علاج ذات مرة في ظل الأزمة الاقتصادية، وطالب بإجراءات بنيوية في بلد عانى طويلا من اللامساواة الاجتماعية، ويحاول أن يجد طريقه في مرحلة انتقالية صعبة".
وتستدرك الافتتاحية قائلة: "لا يمكن توقع معاملة صندوق النقد الدولي لتونس بطريقة مختلفة عن بقية المرضى، لكن إن اعتقدت أوروبا والولايات المتحدة أن تونس هي حالة استثنائية، وأن إجابة تكنوقراطية محددة لمطالب الثورة غير ممكنة، فعليها أن تقدم المساعدة اللازمة".
وتذهب الصحيفة إلى أن "تونس تحتاج لمعالجة المشكلات الاجتماعية والجهوية المستعصية، والرد على مطالب المناطق التي انطلقت منها شرارة الثورة عام 2011، وهي بحاجة إلى برنامج للاستثمار البنيوي وخلق فرص العمل، فالدولة وحدها لا تستطيع إعادة الأمل والتفاؤل بالازدهار والحرية".
وتختم "فايتتشال تايمز" افتتاحيتها بالقول: "قد لا تكون تونس على أجندة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيسة، ولو كان القادة الأوروبيون يعتقدون بضرورة بقاء واحدة من الدول العربية فيها ديمقراطية حقيقية، فإن عليهم المساعدة على تخفيف الضغوط".