هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سارعت أحزاب وجمعيات ونقابات وهيئات برلمانية وصحف وجامعات وقنوات فضائية وشخصيات عامة بجانب ممثلين وصحفيين، إلى إصدار بيانات مؤيدة لبيان القوات المسلحة المصرية الصادر ضد الفريق سامي عنان.
وبالرغم من أنهم جميعا من أنصار رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وأنهم جميعا أعلنوا مبايعته لفترة ثانية، إلا أن العامل المشترك الآخر كان في الصياغة الموحدة للبيانات والتوقيت الزمني الذى صدرت فيه وهى مدة لا تتجاوز الساعة فور انتهاء بيان القوات المسلحة.
جامعة الأزهر التي كانت صاحبة السبق في التأييد وصفت البيان بأنه جاء لمواجهة الإرهاب مطالبين الشعب المصري بالوقوف صفا واحدا خلف القوات المسلحة للحفاظ على الدولة بكل مقدراتها ومؤسساتها، وهو تقريبا ما ذهبت إليه جامعات عين شمس وحلوان وبنها التي طالب رؤساؤها بدعم القوات المسلحة في "الحرب ضد المؤامرات والمتآمرين والإرهاب والإرهابيين".
إلا أن أغرب بيان كان من الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، والتي أذاعت بيانها عبر الإذاعة الداخلية للمترو الذى يتعامل معه يوميا ما لا يقل عن أربعة ملايين مواطن بخطوطه الأربعة. وصاحب بيان شركة المترو إعلانها مبايعة السيسي لفترة رئاسية ثانية، وهو ما تكرر مع اتحاد عمال مصر ونقابة التطبيقيين والنقابة العامة للعاملين بالبترول والثروة المعدنية، نفس بيانات التأييد والمبايعة.
أما الإعلام الذي سيطرت عليه المخابرات المصرية فكان له نصيب الأسد في التأييد، وهو ما ترجمته قناة "Ten" الفضائية وشبكة قنوات العاصمة، والهيئة الوطنية للصحافة ونقابة الصحفيين وصحف الأهرام والأخبار والجمهورية ومؤسسة دار الهلال ومجلة المصور، ومؤسسة دار المعارف ومجلة أكتوبر.
أما ائتلاف الأغلبية بمجلس النواب فأكد أن البيان جاء متسقًا مع إرادة الشعب المصري الرافضة لأى تجاوز ولو بمجرد التلميح للجيش، معتبرين أن عنان غلبَّ مصلحته الشخصية على المصلحة العليا للبلاد، وهو نفس ما أكدته أحزاب المصريين الأحرار والحرية والتجمع والوفد وتحالف من أجل مصر وتكتل 30/25 البرلماني في بيانات حملت اتهامات للفريق سامي عنان وطالبت القوات المسلحة بالتحقيق فيها.
وأعلنت المنظمات الثماني التي وافقت هيئة الانتخابات على مراقبتها للانتخابات القادمة تأييدها لبيان الجيش، مؤكدة أنه التزم بالقواعد القانونية التي تضمن وجود بيئة تنافسية حرة لا مكان فيها للتزوير أو التزييف.
لماذا التأييد؟
بينما بدأ الإعلامي عمرو أديب المقرب من السيسي حملة ترويج لعدم وجود منافسين أمام السيسي الذى توقع أديب أنه سوف ينافس نفسه في الانتخابات القادمة، واستعرض أديب موقف عنان وتعثر خالد علي الذي قال إنه لم يحصل إلا على 16 ألف توكيل فقط، متسائلا خلال تقديمه لبرنامج "كل يوم" المذاع على قناة "On e" مساء أمس الثلاثاء: "ماذا لو ترشح السيسي بمفرده في الانتخابات؟" وقدم بنفسه الإجابة من خلال شرح واف للمادة 36 من قانون الانتخابات الرئاسية الصادر في 2014.
من جانبه أعلن الكاتب الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ عضو مجلس نقابة الصحفيين على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" رفضه للبيان الذي أصدرته النقابة، مؤكدا أنه لا يوجد أحد لا يؤيد القوات المسلحة ويدعمها في القيام بواجبها لحماية الحدود والدفاع عن تراب الوطن، ولكن أن يتم تأييدها بهذا الشكل لأنها أصدرت بيانا في شأن سياسي فهو أمر غير مقبول، موضحا أن نقيب الصحفيين لم يبلغ أحدا من مجلس النقابة بالبيان الذي أصدره.
زمن عبد الناصر
ويرى الكاتب الصحفي حسن البحيري أن حملات التأييد التي أعقبت بيان القوات المسلحة تشير إلى أنها حملة موجهة، تديرها جهة واحدة، متوقعا خلال حديثه لـ"عربي21" أن تكون هذه الجهة هي المخابرات الحربية، في محاولة لإظهار تأييد مصطنع للسيسي الذي استخدم القوات المسلحة بشكل مهين.
وتساءل البحيري عن الإنجاز الذي حققته القوات المسلحة في بيانها ضد سامي عنان حتي تستحق كل هذا الهوس، إلا إذا كان العقل المفكر للانقلاب يرى أن ما جرى هو انقلاب داخل الانقلاب وبالتالي يحتاج إلى استعادة فكرة حملات العهد الناصري مرة أخري للمشهد السياسي المصري. وأبدى البحيري تعجبه من البيان المشترك للمنظمات الثماني المعنية بمراقبة الانتخابات القادمة، والتي كان يجب أن تقوم بانتقاد الإجراء بدلا من تأييده، متسائلا: "كيف يمكن لهذه المنظمات أن تراقب الانتخابات إذن بعد أن فضحت موقفها المؤيد للسيسي؟".
وأضاف البحيري أن المشهد يتم ترتيبه على أساس أنه استفتاء في حب السيسي وجيشه وبالتالي فليس هناك داع للانتخابات إلا لصرف مكافآت للقضاة والموظفين الذين يشرفون عليها، ولقوات الجيش والشرطة الذين يقومون بتأمينها، مبديا أسفه للحالة التي وصلت إليها مصر على يد من وصفهم بـ"عصابة السيسي التي خربت البلاد وأهانت العباد".