هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت الذي هدد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسجن الأفارقة الذين قدموا مهاجرين بحثا عن عمل، والذين يقدر عددهم بنحو 38 ألف شخص، أعلن علماء الآثار عن اكتشاف رفات "أفريقية" تعود لآلاف السنين في جبل الكرمل ما يشير إلى كون فلسطين ممرا للمجموعات البشرية في العالم.
حديثا، أصبحت أفريقيا ساحة صراع دبلوماسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تتضح معالمه يوما بعد يوم.
وطالب الرئيس الفلسطيني في كلمته أمام القمة العادية الثلاثين للاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الأحد الماضي، جميع الدول بالامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس المحتلة.
ودعا إلى إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف، تحت مظلة الأمم المتحدة، يكون للاتحاد الأفريقي، ودوله الأعضاء ممثلون لهم في هذه الآلية أو في المؤتمر الدولي الذي دعا لتنظيمه وفق قرارات الشرعية الدولية.
وعبّر عن "الامتنان والعرفان لدول الاتحاد الأفريقي على مواقفها التضامنية المبدئية والداعمة للقضية الفلسطينية، والتي تجلت بوضوح في التصويت الأخير في الأمم المتحدة المتعلق بالقدس".
بدوره اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود الصيفي، أن إسرائيل تسعى لحصار القضية الفلسطينية في أفريقيا.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "إسرائيل لا تستهدف أفريقيا فقط في موضوع إضعاف الموقف الفلسطيني وإنما أمريكا الجنوبية، وهذا ليس بالجديد، لكن ما نلاحظه خلال سنوات قريبة هو استغلال حكومة نتنياهو لحالة الضعف العربية والحاجة عند بعض الدول الأفريقية، لإقامة علاقات اقتصادية وعلمية وزراعية وصناعية، لتتوغل كثيرا في هذه الدول".
وأكد أن المطلوب من "منظمة التحرير الفلسطينية مواجهة ذلك، وأن يكون هناك نشاط شبه متوازن، وتعميق العلاقات مع الدول والأحزاب الأفريقية، وبرمجة خطة للتوجه لتلك الدول لصيانة وتعميق العلاقات السابقة وعدم ترك المجال لحكومات إسرائيل المتعاقبة".
اقرأ أيضا: السلطة الفلسطينية: سنلجم تحركات إسرائيل في إفريقيا
ونوه القيادي الفلسطيني إلى أن "النشاط الدبلوماسي الفلسطيني أبرز نجاحات في الساحة الأفريقية، وقد صوتت معظم الدول الأفريقية إلى جانب القرار الفلسطيني، ويأتي حضور الرئيس الفلسطيني في مؤتمر الاتحاد الأفريقي ضمن هذا الإطار لتعميق العلاقات الفلسطينية الأفريقية".
ونوه إلى أن "المطلوب توثيق العلاقات مع الدول الأفريقية وصيانة العلاقات الموجودة سابقا لأن غيابنا يعطي فرصة لإسرائيل لاختراقها كونها ذات باع اقتصادي وعلمي".
يذكر أن دولة "توجو" صوتت ضد مشروع القرار العربي الذي دعا إلى تصويت الدول الأعضاء بالأمم المتحدة لرفض قرار دونالد ترامب في الأمم المتحدة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما امتنعت دول أفريقية (هي: جنوب السودان، وأوغندا، ورواندا، والكاميرون، وبنين) عن التصويت لصالح أو ضد القرار، ما اعتبره محللون نجاحا إسرائيليا في شق القارة السمراء.
وتشهد عدد من الدول الأفريقية نشاطا للبعثات الطبية والصحية والتكنولوجية والاقتصادية، وقد جعل نتنياهو من التوغل في القارة الأفريقية محورا أساسيا في السياسة الخارجية لتل أبيب، وسبق أن زار عدة دول أفريقية وصلت إلى ثلاث زيارات خلال سنة ونصف، وصرح بأنه يريد انطلاقة في العلاقة الإسرائيلية مع الدول الأفريقية لوقف ما أسماه "الدعم الأفريقي التلقائي للفلسطينيين في مؤسسات الأمم المتحدة".
وكانت العلاقات الأفريقية-الإسرائيلية تضررت خلال العقود الماضية جراء ضغوط الدول العربية، وتحديدا عقب حرب عام 1967، والتي عملت على استمالة مواقف الأفارقة للتضامن مع القضية الفلسطينية، لكن إسرائيل تمكنت من ترميم علاقاتها بأفريقيا وهي تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع العديد من دول القارة.
ورغم استئناف العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول، فإن معظم هذه العلاقات محصورة في مجالات الأمن والاقتصاد والتكنولوجيا، وما زالت المؤسسات الأفريقية وأبرزها الاتحاد الأفريقي الذي يضم في عضويته 54 دولة، تقاطع إسرائيل.
فشل إسرائيلي وضعف فلسطيني
ويرى المحلل السياسي الدكتور عمر جعارة، أن "نتنياهو يحاول أن يظهر أن إسرائيل إمبراطورية كبيرة وليست دولة صغيرة، وبالتالي فإنه ذهب إلى أفريقيا واجتمع مع رؤساء أفارقة في محاولة لإحداث اختراق عملي، وسبب نجاح إسرائيل في إطار العلاقات العامة سواء مع أفريقيا أو شرق آسيا أو أمريكا اللاتينية هو إبراز وجه إسرائيل العلمي والاقتصادي المتطور".
ورغم الجهد الإسرائيلي إلا أنها "فشلت، وهذا ما تشير إليه الوقائع والأرقام"، وفق حديث عمر لـ"عربي21"، الذي أوضح أن "إسرائيل اصطدمت لأول مرة في تاريخها بتصويت الأمم المتحدة حيث صوتت 128 دولة لصالح مشروع القرار العربي وتسع دول فقط صوتت ضده وامتنعت 35 دولة عن التصويت، وهذا دليل على عدم نجاح إسرائيل بتسويق نفسها".
وأضاف أن "الأمر ينطبق على الهند، فبعد زيارته للهند بعد انتظار 70 عاما، فقد امتنعت نيودلهي عن التصويت لصالحه في الأمم المتحدة، فلا يوجد نجاحات لإسرائيل في أفريقيا بالمعنى الفعلي ولكن هناك ضعف فلسطيني في مواجهة إسرائيل".
وتابع بقوله: "فلسطينيا للأسف لا يوجد تعزيز للعلاقات مع بقية الدول، ففلسطين أضعف خاصرة في العالم العربي، ولكن قضيتها أكثر عمقا للقلوب وبخاصة كونها أرضا مباركة ومقدسة وهذا سر العلاقة العميقة معها".
بدوره قال المحلل السياسي حامد اغبارية، إنه "منذ منتصف السبعينيات كثف الكيان الصهيوني سعيه المحموم لاختراق القارة الأفريقية ليكون له موطئ قدم مؤثر على تطورات الأحداث في منطقتنا، وخاصة في فلسطين ودول الطوق، وبشكل أخص في مصر وسائر دول شمال أفريقيا".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه "استخدم وسائل عدة لاختراق القارة السمراء؛ أحيانا على صورة خبراء زراعيين بغطاء تطوير الزراعة في دول أفريقية فقيرة، وأحيانا من خلال إرسال خبراء عسكريين بحجة تدريب فرق عسكرية في دول أفريقية".
وأضاف اغبارية أن إسرائيل "تمكنت من تأسيس علاقات قوية مع عدد من الدكتاتوريات في أفريقيا وزرع فيها مراكز للموساد ومراكز لبيع الأسلحة في البؤر الساخنة التي تميزت بها القارة الأفريقية وما زالت، وقد تمكن الكيان من اختراق دولة مثل إثيوبيا، والأصابع الإسرائيلية ظاهرة في مشروع سد النهضة الذي يوجه لمصر والسودان طعنة في الخاصرة".