علا صوت حديث
المصالحة بمصر الثلاثاء، بعدما كشفت شبكة "بلومبرج" الأمريكية، عن وجود مبادرة بين النظام عبر المخابرات الحربية وبين قيادات
الإخوان المسلمين بالسجون، أحد أهم بنودها الإفراج عن المعتقلين.
"
عربي21"، تحدثت لبعض أهالي المعتقلين، وبينهم الحاج أسامة غنيم، والد المعتقل أسامة الطالب بجامعة الأزهر والمحكوم بخمسين عاما بقضايا متنوعة، والذي قال إنه يذهب لزيارة ابنه بسجن المنصورة، ويسمع حلم زوجات وأمهات وأبناء المعتقلين بخروج ذويهم، وكلما ثار الحديث عن المصالحة تتجدد الآمال بنهاية هذا الكابوس، إلا أن المخاوف من النظام لا تبقي لنا فرحة.
وحول موقف ابنه والمعتقلين من المصالحة، أكد غنيم، لـ"
عربي21": "ابني قال بإحدى الزيارات، أنهم لن يقبلوا أية مصالحة مع النظام، وأنهم لن يغيروا موقفهم، وما يؤلمهم هو ألم أسرهم وإرهاقهم ماديا ونفسيا".
وهم صنعناه
وترى حنان توفيق، زوجة وزير التموين بعهد الرئيس محمد مرسي، باسم عودة، المعتقل بسجن العقرب، أن "أسر المعتقلين تحلم بإنهاء هذا الوضع الكارثي، وأن ما يتم الحديث عنه من وجود قنوات اتصال للمصالحة إنما هو وهم، وإن صدق فإنه يأتي بتوقيت غير مناسب".
توفيق، قالت لـ"
عربي21": "نتحدث ونبدي رأينا حول المصالحة رغم أنه شيء صعب على نفوسنا؛ هذا إذا عرض النظام شيئا ولكنه لم يحدث"، مضيفة أنها تحدثت وزوجها آخر مرة التقته قبل عام وثلاثة أشهر، موضحة أن قيادات الإخوان لم يتلقوا أي مبادرات مصالحة كما تحدث الإعلام.
وأوضحت زوجة عودة أن "المؤشرات التي نراها بالمعتقلات من سوء معاملة ومنع للزيارات، والتضييق بجلسات المحكمة؛ كله لا يوحي إلا بأن النظام يسير كالدبابة لا يتراجع للوراء، وأن ما نقوله وهم صنعناه وليس هناك دلالة على الأرض تقول غير ذلك"، مشيرة لما حدث مع الفريق عنان، وهو ما اعتبرته إغلاقا للطريق مع الإخوان.
البديل هو "الثبات"
وقالت منى
المصري، زوجة مدير مكتب الرئيس مرسي، أحمد عبد العاطي، المحكوم بالإعدام بقضية "التخابر مع حماس": "عن نفسي، لا مصالحة مع قتلة"، متسائلة: "أبعد كل ما حدث في 5 سنوات بدفع فاتورة غالية من دم وقتل واعتقال نخضع لمصالحة؟"، موضحة أن "أية مصالحة خيانة لدم الشهداء وللثورة وللمعتقلين".
المصري، أكدت لـ"
عربي21"، أن البديل هو "الثبات على المبدأ، ولا تصالح مع القتلة ولا مشاركة بالانتخابات"، مضيفة أن زوجها، قال لها بآخر زيارة له قبل عام ونصف: "نموت على ما مات عليه شهداؤنا".
وقالت المصري، إن " الأمر مخول للرئيس محمد مرسي وقيادات الإخوان، وإذا ما قبلت الجماعة أية مبادرة تصالح عندها سنقوم بمراجعة من اتخذوا القرار".
وأضاف: "هذا رأيي رغم ما نلاقيه من حرماني وأبنائي من رؤية زوجي لمدة عام ونصف، ورغم حضورنا جلسات المحاكمة ولا نستطيع رؤيته خلف الحواجز الزجاجية والأسلاك، ونكتفي فقط بالعلم أنه على قيد الحياة".
طالما بقي النظام
وأكدت منار الطنطاوي، زوجة الصحفي والباحث السياسي المعتقل هشام جعفر، أن "التصالح لو تم يكون بين الإخوان والنظام، أما زوجي فليس من الجماعة"، مضيفة أنه "لو فُرض وجود تصالح لا أعلم ماذا ستفعل السلطة مع زوجي؟".
وقالت الطنطاوي لـ"
عربي21": "أنا كأسرة معتقل أرحب بالإفراج عن المعتقلين بعزة وكرامة مرفوعي الرأس"، متوقعة على هذا الأساس ألا يخرج زوجها طالما بقي هذا النظام.
على حساب من؟
وتساءلت إباء عادل، ابنة الموجه بالتعليم الفني المعتقل عادل عبد السميع: "على أي أساس تكون المصالحة بعد كل هذه الدماء و التشريد و الاعتقال؟"، موضحة أن هذا هو رأيها بالرغم من وجود 4 معتقلين من أسرتها؛ والدها واثنان من أعمامها (نقيب سابق للمعلمين، وإمام وباحث إسلامي) وابن عم لها (طالب)".
وأضافت لـ"
عربي21": "لكننا بين المطرقة والسندان، بين الذل والعجز، في صراع ما بين نفس تتمنى الحرية أو على الأقل النأي عن الأذى، وهو تفكير أناني على حساب الوطن والدعوة؛ وبين النفس التي تبذل نفسها لدعوتها ووطنها".
وتساءلت خريجة جامعة الأزهر، مجددا: "ماذا لو تمت المصالحة؟ هل سنكون قد حققنا ما اعتقلنا وقتلنا لأجله؟ وهل سيتوقف النظام عن إجرامه؟ وهل يفي بوعد دولة حرة ديمقراطية؟ أم أنه سيكون حل مؤقت ليصل النظام لمراده وإحكام قبضته أكثر فأكثر".
وأكدت عادل: "رغم أن ما نحن فيه فوق احتمال البشر ونعاني حربا نفسية وسياسية واجتماعية وإقامة جبرية ببيوتنا ولا نعلم متى النهاية، إلا أننى كابنة معتقل بالطبع أريد الحرية لأبي؛ ولكن على حساب من؟".