هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يولي لبنان الرسمي والعسكري اهتماما بالغا في شروع الاحتلال الإسرائيلي بتشييد جدار على الحدود معه، حيث أعطى مجلس الدفاع اللبناني الأعلى التوجيهات للتصدي لأي محاولة إسرائيلية لتشييده والاستمرار في التحرك على مختلف المستويات لمواجهة التصريحات الإسرائيلية عن البلوك رقم 9 الغني بالثروة النفطية.
واعتبر في بيان أنه في حال تشييد الجدار الإسرائيلي على الحدود، سيعتبر اعتداء على السيادة اللبنانية وخرقا للقرار الدولي رقم 1701 وكذلك رفضا لمجلس الادعاءات الإسرائيلية المتعلقة بالثروة النفطية اللبنانية.
لا حرب قادمة
الخبير الإستراتيجي، أمين حطيط، استبعد نشوب حرب بين إسرائيل ولبنان بسبب الجدار، وقال في تصريحات لـ"عربي21": "الجدار الإسرائيلي لن يقود إلى مواجهة"، لافتا إلى أنه "كان من بين الضباط الذين قاموا بترسيم الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة عام 2000 فيما يعرف بالخط الأزرق والمعترف به دوليا".
اقرأ أيضا: لبنان: سنتحرك لمنع إسرائيل من بناء جدار عند الحدود الجنوبية
وشدد على أن "الإسرائيليين لن يكون بمقدورهم البناء على الأرض اللبنانية لأن ذلك سيكون مكشوفا واعتداء صارخا، أما بناء الجدار داخل الأرض المحتلة فلن يكون بمقدور لبنان معارضته لكونه خارج أراضيه".
ورأى أن "إسرائيل تحاول ابتزاز لبنان وجس النبض لقدراته الدفاعية للوقوف على قدرتها في الاستيلاء على ثروتنا النفطية البحرية"، لافتا إلى أن "الجانب اللبناني يدير ملف المواجهة مع الاحتلال بشكل ممتاز على الصعيد السياسي الرسمي والمجلس الأعلى للدفاع".
وتوقع أن يستتبع "الإسرائيليون حديثهم عن البلوك التاسع النفطي بمطالبات بالبلوك 8 و7، وذلك بهدف تحييد الاهتمام اللبناني عن المطامع الإسرائيلية في المنطقة الواقعة جنوب البلوك 9 والبالغة 840 كيلو مترا".
وتحدث حطيط عن مخطط أمريكي- إسرائيلي مشترك، فقال: "ستطرح واشنطن وساطة وحلا للمقايضة على البلوك التاسع مقابل تنازل لبنان عن المنطقة الجنوبية له"، مؤكدا بأن "لبنان يعي هذه اللعبة الأمريكية الخبيثة ولن يقع بها".
الأهداف الإسرائيلية
من جهته، طالب نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي بعدم الاستخفاف بالتهديدات الإسرائيلية، قائلا: "من الواضح أن الإسرائيليين مستمرون في مشروعهم العدواني الذي يستهدف لبنان"، مضيفا في تصريحات لـ"عربي21": "يشرعون دائما في تدابير تحت عنوان تحقيق الأمن لكيانهم، ويأتي بناء الجدار ضمن المزاعم نفسها بذريعة تأمين حدودهم الشمالية من عمليات التسلل".
وفند الفرزلي ما يقول إنه الهدف الإستراتيجي الإسرائيلي من خلال بناء الجدار، فقال: "يسعون إلى تحشيد قوتهم في منطقة الغجر وتلال كفرشوبا المتنازع عليها مع لبنان، استعدادا لأي عدوان قادم، بينما تكون باقي الحدود محميّة لهم عبر الجدار".
وأبدى الفرزلي تعجبه من طريقة "التفكير الإسرائيلية"، وقال: "عليهم أن يدركوا أن قوانين اللعبة قد تغيرت في المنطقة، فالمناطق مفتوحة بدءا من لبنان إلى ما بعد بغداد"، جازما بأن "الإسرائيليين يسعون إلى تدعيم وضعهم في حال اتخاذهم قرار العدوان على لبنان".
وحول ما إذا كان لبنان مهيئا لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، أكد الفرزلي: "نحن محصنون تجاه أي محاولة عدوانية إسرائيلية"، متابعا: "رغم كل التناقضات والصراعات التي تشوب العلاقات السياسية خلال الأسابيع الماضية لكنها سرعان ما انتهت وحل مكانها وحدة الموقف وروح الاستنهاض لمواجهة التحديات التي تحدق بلبنان".
وحذر الفرزلي من أن نوايا "إسرائيل" في العدوان موجودة باستمرار، قائلا: "يهيئون أنفسهم دائما للاعتداء على لبنان، لكنهم لن يقدموا على استهدافنا إلا إذا تأكدوا من قدرتهم على تحقيق أهدافهم خصوصا تلك المتعلقة بحزب الله"، مشيرا إلى أن "القوات الإسرائيلية لن تتحرك إذا كان مقياس النجاح لديهم غير محسوم".
لماذا التأزيم؟
ووصف الكاتب والمحلل السياسي شارل شرتوني الحديث عن تصعيد إسرائيلي تجاه لبنان بأنها "محاولة من قبل حزب الله لحماية السياسة اللامسؤولة تجاه الصراع العربي- الإسرائيلي"، موضحا: "يبحث الحزب عن مبرر للتأزيم مع (إسرائيل) لتحييد النظر عما نكابده من مشاكل وأزمات تسبب بها على المستوى الداخلي".
اقرأ أيضا: لبنان يحذر إسرائيل: سنمنع بناء جدار حدودي جنوبي البلاد
ونبه الشرتوني في تصريحات لـ"عربي21" إلى خطورة ما وصفه "بفتح أبواب خطيرة على لبنان قد تلقي بتداعيات مدمرة تطيح بما تبقى من كيان سياسي للدولة اللبنانية".
ونفى الشرتوني وجود تهديدات إسرائيلية تجاه لبنان، قائلا: "التهديدات غير موجودة إلا في عقول مرويجيها"، متحدثا عن أهمية تحصين لبنان من "خلال الشرعية الدولية والقرار 1701 إضافة إلى وجود قوات الأمم المتحدة على الحدود الجنوبية".
واستغرب الشرتوني عدم "استثمار الديبلوماسية اللبنانية لحماية لبنان على الرغم من قدرتها على تأمين البلاد أمنيا وتحصينها"، متهما حزب الله بأنه "يسير وفق قاعدة (تناسل الأزمات) التي تبناها لتحقيق أهدافه الخاصة"، معتبرا أن "من يستدرج الحرب على لبنان عليه أن يدفع ثمنها ويتحمل أعباءها وتداعياتها على البلاد".
وصعد الشرتوني من انتقاده لحزب الله واصفا إياه بأنه يعكس الأهداف الإيرانية على حساب لبنان، وقال: "يواجه النظام في طهران أزمة داخلية كبيرة يريد أمين عام حزب الله أن يقحمنا بها، خصوصا أن مرحلة ما بعد وفاة الخامنئي تعني بالتأكيد انهيارا للمنظومة الإيرانية".