هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تنفس الرحل المحاصرون في جبال "أسامر ن ييل" بين مدينتي "ميدلت" و"تنغير" في الجنوب الشرقي للمغرب وسكان المناطق المجاورة الصعداء، بعد توصلهم، صباح السبت، بمساعدات غذائية هي الأولى بعد عزلة عن العالم بسبب الثلوج الكثيفة، امتد أكثر من 10 أيام.
واعترف رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، الخميس، بتسبب الثلوج الكثيفة في حصار 514 ألف نسمة من 22 إقليما، معلنا تعبئة استثنائية من قبل مختلف الجهات المسؤولة لفك العزلة عن المناطق المحاصرة، واعتماد مخطط التدخل للتخفيف من آثار البرد والثلوج عنها.
دموع عائدين من الموت
وكشف "موحا" أحد أربعة شباب من جماعة "آيت توخسين"، تفاصيل رحلته إلى المجهول رفقة أبناء القرية، في محاولة وصفها بأنها كانت تبحث عن جواب لسؤال واحد، "هل ما زال الرحل أحياء؟".
اقرأ أيضا: الثلوج تحاصر أكثر من 500 ألف شخص وتعزل 1205 قرى بالمغرب
وأضاف "موحا" في تصريح لـ"عربي21": "لقد استقبلونا بالدموع لقد كانت لحظات أكبر من أن توصف، ذهبنا إلى تلك المنطقة وسؤال هل ما يزالون أحياء؟ يسكننا، ولما وجدناهم كانت الدموع أول تعبير عن اللقاء".
وأوضح حمو الذي كان يتحدث الدارجة (العامية المغربية) بصعوبة بالغة: "كانت لحظات عصيبة، بين الفرح بلقاء الرحل أحياء، وبين حالهم التي كانت سيئة جدا بفعل نفاد المؤن بشكل حاد".
وسجل: "الحمد لله لم يمرض أحد، ولم نجد أحدا مصابا، لكن بدا على الجميع الإرهاق بفعل قلة الغذاء والأغطية".
واسترسل: "لقد كان بين المحاصرين طفل أقل من 40 يوما، وسيدة نفساء، وشيوخ تجاوز أحدهم 60 سنة، الحمد لله وجدناهم في حالة صحية جيدة، باستثناء مضاعفات نقص الطعام والبرد الشديد وهي عادية".
وقال: "لقد لجأوا إلى الكهوف المنتشرة في المنطقة، كانت كل أسرة تقيم في كهف خاص بها، وأمضينا الليل معهم، وفي الصباح وصلت مروحية الدرك الملكي التي عدنا معها إلى القبيلة".
رحلة إلى المجهول
ومضى "موحا" يقول: "كانت رحلة إلى المجهول، كنا نقول مع أنفسنا أننا نغامر من أجل معرفة مصير أهلنا الرحل، ولم نكن نتصور أن تكون الرحلة بهذه الخطورة".
وتابع: "مسافة 15 كيلومترا قطعناها في أزيد من 11 ساعة، انطلقنا من "آيت موسى ويشو" في تمام السادسة صباحا، ووصلنا إلى نقطة (القنطارات) أو (بوودي) حيث تتجمع الأسر الخمس الأخرى في تمام الساعة الخامسة من مساء اليوم".
اقرأ أيضا: الثلوج تحاصر 30 شخصا بالمغرب في حرارة 13 درجة تحت الصفر
وأوضح موحى: "كانت رحلة شاقة وقاسية، الثلوج في كل مكان رغم أن المناخ تحسن في اليومين الأخيرين، والشمس عادت للظهور في السماء وتوقف هطول الثلوج بكثافة".
وأفاد: "رغم كل هذه الظروف المساعدة، فلقد حافظت الثلوج على سماكتها التي بلغت في بعض المناطق أربعة أمتار، ولم نستطع المرور إلا بعد أن تمكنا من تسلق أعلى قمم المنطقة، وهذا تطلب منا جهدا كبيرا جدا والحمد لله أننا وجدناهم بخير".
طوق النجاة
تمكنت مروحية تابعة للدرك الملكي، من الوصول إلى الرحل المحاصرين وسط الثلوج، بعد محاولات استمرت طيلة يوم الجمعة، لكنها باءت جميعها بالفشل.
وقال أبناء المنطقة في تصريحات متطابقة لـ"عربي21"، إن "مروحية تابعة لجهاز الدرك استطاعت الوصول إلى الرحل المحاصرين، بمساعدة أبناء المنطقة الذين كان بعضهم مع الرحل وبعضهم على متن الطوافة".
اقرأ أيضا: بسبب الثلوج.. 900 مؤسسة تعليمية بالمغرب تغلق أبوابها
وشدد المتحدثون على أن نجاح السبت جاء بعد إخفاق محاولات الجمعة، حيث فشلت مروحية تابعة للجيش في العثور عليهم، كما فشلت مروحية الدرك أيضا.
وأكدوا أن مروحية الدرك توقفت حوالي 10 دقائق في مرتفعات (القنطارات)، وتم تسليم الناس أكياس ضخمة تحمل المساعدت الغذائية، عرف من بين محتوياتها الزيت والدقيق والأغطية.
ودخل حصار خمس أسر تتكون من أكثر من 30 فردا أسبوعه الثاني في جبال "أسامر ن ييل"، بسبب الهبوط الحاد لدرجة الحرارة، وكثرة التساقطات الثلجية، في سلسلة جبال الأطلس المتوسط التابعة لإقليم الراشيدية، في وقت تعالت فيه أصوات الساكنة مطالبة الدولة بالتدخل لإنقاذ المحاصرين.
وفي ساعة متأخرة من ليل الأربعاء، قال بلاغ لوزارة الداخلية المغربية، إن العاهل المغربي الملك محمد السادس، أعطى تعليماته إلى القطاعات الحكومية والمصالح المعنية قصد الاستمرار في التجند والتعبئة وبذل المزيد من الجهود للتخفيف من الآثار السلبية لموجة التساقطات الثلجية والمطرية الكثيفة والانخفاض الحاد في درجات الحرارة التي تعرفها بعض عمالات وأقاليم المملكة، واتخاذ جميع الإجراءات لفك العزلة عن المناطق المتضررة وتقديم الدعم والمساعدة للمواطنين بها".