هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا، تقول فيه إن الحكومة الروسية اعترفت بعد تردد طويل بمقتل خمسة مواطنين روس في سوريا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هذا الاعتراف جاء بعد صمت على التقارير التي قالت إن أكثر من مقاتل روسي مرتزق قتلوا في الغارة الأمريكية على قوات موالية لرئيس النظام السوري بشار الأسد، كانت تحاول الوصول إلى حقل للنفط في دير الزور في شرق البلاد.
وتنقل الصحيفة عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زخاروفا، قولها إن من يقول إن العدد أكثر من خمسة قتلى فإنه يكون قد واجه عملية "تضليل كلاسيكي"، وأضافت: "في محور الحرب هناك مواطنون من أنحاء العالم كله، بمن فيها روسيا، ومن الصعب مراقبتهم وماذا يفعلون".
ويورد التقرير نقلا عن المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ديمتري بيسكوف، قوله إن هناك احتمال وفاة بعض المواطنين الروس في سوريا، لكن الكرملين ليست لديه معلومات إلا عن الجنود في الجيش النظامي.
إلا أن الشهادات التي جمعتها "الغارديان" من عائلات وأقارب أشخاص قتلوا في الغارة تشير إلى أن معظهم كانوا من العاملين في شركة التعهدات الأمنية "فاغنر"، وهي شركة مرتبطة بالكرملين، واعتمدت عليها موسكو في تقليل خسائر القوات النظامية.
وتقول الصحيفة إن صاحب محل البقالة إيغور كوستوروف (45 عاما) لم يخدم في الجيش الروسي، لكن أقاربه يعتقدون أنه من ضحايا الغارة الأمريكية، مشيرة إلى أنه في حال التأكد من أن عدد القتلى كما تقدره تقارير بـ 200 فإنها ستكون أكثر المواجهات دموية بين روسيا وأمريكا منذ نهاية الحرب الباردة.
وتضيف الصحيفة أنها جمعت عددا من الخيوط حول القتلى، الذين تقول إنهم يتراوحون بين أصحاب الخبرة القتالية، وشاركوا مع الانفصاليين في شرق أوكرانيا، ثم سافروا إلى سوريا بدافع قومي، وبين من ذهبوا بحثا عن فرصة عمل وراتب جيد.
ويلفت التقرير إلى أن النقاد يتهمون الحكومة الروسية بأنها تستخدم مرتزقة "فاغنر" في سوريا لتقليل خسائر الجيش النظامي، مشيرا إلى أن عدد القتلى من القوات الروسية في العام الماضي كان 16 جنديا، مع أن أعدادا من المرتزقة قتلوا في سوريا.
وتنقل الصحيفة عن نادجدا كوستورفو، زوجة إيغور السابقة، قولها إنه "كان قناصا سابقا في الجيش، وذهب إلى سوريا لأنه وطني، واعتقد أنه لو لم نوقف تنظيم الدولة في سوريا فإنه سيأتي إلى روسيا".
وكانت كوستورفو تتحدث مع الصحيفة من بيتها في أسبيت في منطقة الأورال، قائلة: "قال لي إنه لو لم يذهب فإن السلطات سترسل شبابا صغارا لا يمتلكون خبرة".
ويكشف التقرير عن أن كوستورفو علمت بخبر وفاته من خلال قنوات غير رسمية، وقالت: "أجمع معلومات عنه من مصادر مختلفة، وأحاول معرفة مكان جثث القتلى"، لافتا إلى أنها عندما سئلت عن سبب عدم اتصال السلطات بها، فإنها تنهدت قائلة: "هذه لعبة سياسية لا أفهمها".
وتذكر الصحيفة أن المدون القومي ميخائيل بولينكوف، كتب على الإنترنت، قائلا إنه زار عددا من الرجال الذي جرحوا في الهجوم في مستشفى لم يذكر اسمه في موسكو، وأضاف: "بناء على مصادر خاصة فإنه قتل 200 من وحدة واحدة فقط".
ويستدرك التقرير بأن الكرملين قرر الصمت، رغم انتشار أخبار القتل على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أنه إلى جانب كوستوروف فإن هناك تسعة سافروا على الأرجح من أسبست والمناطق المحيطة بها للقتال مع شركة "فاغنر".
وتنقل الصحيفة عن يالينا ماتفيفا، أرملة المرتزق من أسبست ستانيلاف ماتفيف، الذي يعتقد أنه من بين القتلى، قولها: "لقد رموهم إلى المعركة مثل الخنازير"، وأضافت في مقابلة مع "آر أف إي/ أر أل": "في كل مكان أرسلوهم إليه كانوا دون حماية".
وينوه التقرير إلى أهمية بلدة أسبست، التي تبعد عن موسكو 1100 ميل، ويقدر عدد سكانها بـ 70 ألف نسمة، وفيها أكبر منجم مفتوح في العالم للمرتزقة، ففي هذه البلدة لا يتجاوز راتب الموظف 25 ألف روبل (أي ما يعادل 314 جنيها إسترلينا)، ويعاني سكانها من مشكلات صحية، لافتا إلى أنه في المقابل فإن الراتب الشهري في شركة "فاغنر" يتراوح ما بين 90 ألف روبل (1132 جنيها) للمقاتل إلى 250 ألف روبل (3147 جنيها) للعسكريين المتخصصين، وهذه أرقام بحسب رسلان ليفييف، مؤسس شركة "كونفليكت إنتلجنس تيم" في موسكو، التي تقوم بمتابعة الضحايا الروس في سوريا.
وتورد الصحيفة نقلا عن النقاد، قولهم إن تردد الكرملين في الاعتراف، علاوة على تشريف الروس الذين ماتوا في المواجهات مع القوات الموالية للولايات المتحدة، يتناقض مع الطريقة البطولية التي تم فيها تشييع الطيار الروسي رومان فيليبوف، الذي سقطت طائرته في سوريا الشهر الماضي.
وتقول نادجيدا زوجة روسي قتل في سوريا: "البعض يحصل على الميداليات، فيما يدفن آخرون بهدوء، ويتم نسيانهم".
ويفيد التقرير بأن من بين من قيل إنهم قتلوا كان عضو الحزب اليساري الراديكالي "روسيا الأخرى" كريل أنانييف، وقال المتحدث باسم الحركة ألكسندر أفيرين: "لقد ذهب إلى سوريا لأنه يحب القتال، والروس معروفون بهذا"، مستدركا بأنه رغم الغضب النسبي، إلا أن البعض دافع عن تردد الكرملين في نشر أخبار الوفيات.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول الكاتب القومي ألكسندر بروخانوف، الذي يعتقد أنه مقرب من المخابرات الروسية: "من حق السلطات أن تعتم على الأخبار لمصلحة البلد.. وهؤلاء الأشخاص الذين ماتوا تلقوا تحذيرات قبل سفرهم إلى سوريا بأنهم لن يحظوا بتشريف عسكري لو ماتوا هناك".