هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في زنزانة إسرائيلية ضيقة، تعكس قسوة الاحتلال الإسرائيلي المركبة، كيف يقضي الشيخ المسن رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، حياته داخل عزله الانفرادي؟
يعيش شيخ الأقصى كما يطلق عليه، الذي ولد عام 1958، في مدينة أم الفحم شمال فلسطين المحتلة، "داخل زنزانة إسرائيلية صغيرة وضيقة جدا، في ظروف إنسانية وصحية صعبة للغاية، منذ أن اعتقلته سلطات الاحتلال في 15 آب/أغسطس الماضي"، وفق ما أفاد به خالد زبارقة لـ"عربي21"، وهو أحد محامي طاقم الدفاع عن الشيخ.
وأوضح زبارقة أنه "منذ اليوم الأول لاعتقاله، أدرك الشيخ طبيعة هذا الاعتقال، لذا قرر مواجهته بصلابة وثبات، وحدد لنفسة برنامجا يوميا دقيقا، حتى أنه في بعض الأحيان يعاني من قلة الوقت الذي يحتاجه لإنجاز المهمات التي وضعها لنفسه".
ويبدأ يوم الشيخ، وهو أحد مؤسسي الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل في سبعينيات القرن الماضي، قبل بزوغ الفجر بساعات داخل زنزانته الانفرادية بسجن عسقلان، والتي لا تتجاوز مساحتها 8 أمتار مربعة، وتحتوي على مرحاض ومغسلة، حيث جددت محكمة الاحتلال عزله مؤخرا مدة سته أشهر.
ويشمل البرنامج، أداء بعض العبادات المختلفة والأذكار قبل وبعد صلاة الفجر، ومن ثم تناول طعام الإفطار، وتليه مباشرة فقرة القراءة والاطلاع إلى ما قبل صلاة الظهر، حيث نجح طاقم الدفاع عن الشيخ في استصدار قرار إسرائيلي يسمح بإدخال صحيفة أسبوعية واحدة له باللغة العربية، وهي صحيفة "المدينة" التي تصدر بالداخل المحتل.
ساحة صغيرة
كما تحتوي الزنزانة، على جهاز تلفزيون يبث بعد فلترة القنوات العديد من قنوات الأخبار العبرية، إضافة لقناة عربية واحدة وهي قناة أفلام مصرية، وبحسب زبارقة لم تسمح سلطات السجون الإسرائيلية حتى الآن بإدخال قناة إخبارية عربية للشيخ بحيث يتمكن من متابعة الأخبار المحلية والإقليمية والدولية.
وداخل جدران زنزانته الضيقة، يقوم شيخ الأقصى بالكتابة والتأليف ونظم القصائد الشعرية، كما نقل المحامي عن الشيخ قوله له: "أحيانا أمتنع عن إعداد الطعام من أجل التفرغ للكتابة والاطلاع وإنجاز بعض الأعمال".
اقرأ أيضا : الاحتلال يرفض الإفراج عن الشيخ رائد صلاح
وفي سجن عسقلان الإسرائيلي، تقع الزنازين بشكل متلاصق إلى جانب بعضها البعض، وتطل على ساحة صغيرة جدا مغلقة، تتخللها الشمس في ساعات الظهيرة، حيث يسمح للشيخ بالخروج بشكل يومي مدة ساعة إلى هذه الساحة في "جولة استراحة"، لكنه يمنع من الاحتكاك بأي سجين آخر.
ويوجد بالزنزانة نافذة صغيرة علوية مغلقة بالحديد، لا تسمح بدخول أشعة الشمس إلى داخل الزنزانة، كما يوجد في باب الزنزانة فتحة (طاقة) صغيرة جدا تطل على الساحة، يفتحها السجان الإسرائيلي في بعض الأحيان لوقت قليل.
وحول الخدمات الطبية التي تقدمها سلطات الاحتلال للشيخ في حال لزمه علاج ما في ظل البيئة غير الصحية التي يعيش فيها، قال زبارقة: "بشكل عام، العلاج في السجون الإسرائيلية للأسرى الفلسطينيين، يقدم على مستوى ضعيف جدا، وهو ما تسبب بتدهور صحة العديد من الأسرى بسبب سياسة الإهمال الطبي التي تعتمدها سلطات الاحتلال".
جدار زجاجي
وتابع: "نحن نتحدث عن شيخ يبلغ من العمر 60 عاما، وهو بحاجة لمن يرعاه ويكون بجانبه داخل عزله الانفرادي، الذي أقل ما يمكن أن يوصف به أنه غاية في القسوة"، مضيفا: "إذا كانت الحياة داخل السجن قاسية، فكيف تكون داخل زنزانة العزل الانفرادي؟!".
ولفت المحامي لـ"عربي21"، إلى أن "الشيخ رغم صلابته وصموده، إلا أنه كما أي إنسان يعاني فراق عائلته وأهله ومحبيه، إضافة لفراق أمه البالغة من العمر نحو 80 عاما"، موضحا أن "ما يخفف على الشيخ هذه المعاناة المركبة، إدراكه لدوره المهم الذي يجب أن يقوم فيه".
اقرأ أيضا : مختصون : لهذا السبب يجدد الاحتلال اعتقال الشيخ رائد صلاح
وحول زيارة عائلة الشيخ له داخل السجن، نوه أن الاحتلال "يسمح لعائلته بزيارته كل أسبوعين مرة واحدة، وتلتقي به من خلف جدار زجاجي"، وتعليقا على ذلك، نقل زبارقة عن الشيخ قوله: "نحن عائلة كما كل عائلات الأسرى الفلسطينيين، علينا أن نصبر".
وفي ظل الخطر الحقيقي الذي يتهدد المسجد الأقصى المبارك بسبب الخطوات الإسرائيلية المختلفة والتي منها؛ تصاعد اقتحامات الأقصى وإعاقة وصول المصلين له والحفريات في أسفله ومحيطة، ومحاولة تقسيمه والسماح بشكل رسمي لليهود بصلاة بداخلة، إلى غير ذلك من المخططات التهويدية، أوضح المحامي، أن " كل ما يجري بحق القدس والمسجد الأقصى المبارك يتطلب عزل شيخ الأقصى انفراديا، لمنع خروج صوته بأي حال من الأحوال خارج زنزانته".