هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على الرغم من دموية محاولة الانقلاب الفاشلة في العام 2016 في تركيا والأثر النفسي الكبير الذي خلفته في نفوس الاتراك عموما وأهالي القتلى والجرحى خصوصا، الا أن إنجازات الجيش التركي اليوم بعفرين ومن قبلها بإدلب ضمن حملة درع الفرات، غطت بحسب مراقبين ومحللين وإلى حد كبير على الصورة القاتمة للجيش التي أعقبت الانقلاب العسكري، وأعادت للغالبية اليوم نظرة الإعجاب والاعتزاز بالمؤسسة العسكرية.
وبدا بارزا في ثنايا إعجاب الكثير من الأتراك باستعادة صورة جيشهم، تركيزهم على أن محاولة الانقلاب الفاشلة إنما مثلت فئة قليلة داخل الجيش الذي يعتبره الأتراك وجدانيا "جيش محمد الفاتح".
وتزامن إعلان السيطرة على عفرين مع اليوم الذي يحيي فيه الأتراك ذكرى معركة "تشناق قلعة" التي انتصرت فيها تركيا على الحلفاء في الحرب العالمية الأولى عام 1915 حين حاولت قوات الحلفاء احتلال إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية آنذاك وباءت المحاولة بالفشل.
وبهذا الصدد يرى المؤرخ التركي مفيد يوكسل أن العلاقة بين الشعب والجيش علاقة خاصة في إطار "أننا شعب مسلم وهذا الجيش هو جيش محمد الفاتح وجيش الإسلام وفترة الانقلابات التي مرت بها تركيا ومنها 2016 لم يقم بها إلا الخونة وهم قليلون وتم تطهير الجيش منهم وظهرت نتيجة التطهير في انتصاره في عمليات كغصن الزيتون وغيرها".
اقرأ أيضا: "عربي21" ترصد احتفالات الأتراك بذكرى فشل الانقلاب (شاهد)
ووجه يوكسل بحديثه لـ"عربي21" انتقادا لما سماها "حالة البروباغاندا التي يمارسها القوميون الأتراك مستغلين الجيش وحربه على المنظمات الإرهابية الكردية لتصوير الحرب على أنها حرب على الأكراد وهذا ما يغضب الأكراد عموما وخاصة في تركيا".
أما المحلل التركي عمران كوجا فقال إن "صورة الجيش التركي لم تهتز أمام أعين الأتراك في الخامس عشر من تموز/ يوليو 2016 ليلة المحاولة الانقلابية الفاشلة وهو يعرف أن الذين كانوا عليها ليسوا هم عسكر محمد وليس جيش محمد الفاتح هم اتباع أمريكا باعوا أنفسهم بالدولار وها هو الجيش المحمدي ينتصر على أتباع وأعوان أمريكا في المنطقة".
وأشار كوجا في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "الانتصار في عفرين هو انتصار على أمريكا، والجيش التركي حقق انتصارا ليس على الجماعات الإرهابية التي تهدد تركيا فقط بل على أمريكا التي تدعمهم وتقف من ورائهم بالسلاح والمال".
وعلى جهة رأي من كانوا ضحايا محاولة الانقلاب الفاشلة وكيف غدت اليوم صورة الجيش عبرت السيدة أسماء يلماز زوجة الشهيد إبراهيم يلماز أحد ضحايا الانقلاب العسكري 2016 بالقول إن نظرتها لمشهد الانتصار في عفرين ومشهد 15 تموز/ يوليو من العام 2016، مختلفتان تماما.
اقرأ أيضا : أبرز مشاهد ومواقف وثقتها الكاميرا لانقلاب تركيا الفاشل (صور)
ولفتت يلماز إلى أن زوجها الشهيد "استشهد وقت لحظة سرقة الوطن من مجموعة من الخونة ليسوا من الجيش التركي فواجههم ووقف أمام رصاصات الغدر والخيانة التي قتلته كما قتلت شهداء الجيش اليوم في عفرين نفس الرصاصات".
وأضافت: "رسالتى لإبراهيم وشهداء غصن الزيتون اليوم هي ما قاله الشاعر محمد عاكف رحمه الله: أيها الجندي الساقط على التراب لأجل التراب لو نزل الأجداد من السماء ليقبّلوا جبينك المضيء، لكنت تستحق ذلك! كم أنت عظيم! دمك الذي يحكي وينقذ التوحيد أيها الشهيد ابن الشهيد.. لا تطلب منّي قبرا ها هو النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فاتح ذراعيه ينتظرك".
من جانبه يقول محمد أمين أحد مصابي محاولة الانقلاب الفاشل لـ"عربي21" إن المقارنة بين "الخونة من الجنود الذين نزلوا إلى المدن والشوارع يقتلون الشعب وبين الأبطال الجنود الذين ذهبوا يقاتلون عن هذه الأمة غير جائزة فهؤلاء خونة وهؤلاء أبطال يفرح بهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم".
أما عثمان ديلجي - أحد أقارب الشاويش أورهان سورمان الذي استشهد في عفرين جراء فخ نصبه مسلحو "ب ي د" بتلغيم نسخة من القرآن الكريم- فقال إن والدة أورهان قالت: "لن أبكي حتى لا يضحك الأعداء" وقالت إنها تستعجل اللحاق بولدها الشهيد الذي تأمل أن يشفع لها، وتقول: "إن الشهداء لا يموتون وأنا سعيدة بكون ابنى شهيدا و الوطن غير قابل للتجزئة"، وهي تعتبر ابنها شهيدا "إلى جانب شهداء الانقلاب وقاتلهم هو واحد في كل مرة" .
وتظهر مقاطع فيديو رصدتها وسائل إعلام تركية روح التضامن التي أبداها سكان الحدود الأتراك مع الجنود الذاهبين لعفرين، كشكل بارز من أشكال تغير نظرة المجتمع التركي للجيش ودوره بعد الصورة التي شابته بالانقلاب، مثل المرأة التي أعدت الأطعمة ومشروب اللبن (العيران) واللحم بعجين لتقدمه إكراما للجنود الذين مروا من أمام قريتها .
وهذا السيدة التي تقول إنها بمجرد أن رأت أولادها الجنود والدبابات فإنها لم تنم ليلتها مشغولة بتجهيز قربانها الذي ستذبحه للجنود صباحا وأحضرت معها ذبيحتها من مكان بعيد.
وهذا الفيديو الذي يظهر أيضا أهالي مدينة بايبورت شمال شرق تركيا وهم يودعون ما يصفونه بـ"جيش الإسلام والجنود المحمديين الذاهبين إلى العمليات في عفرين" ويهتفون ضد أمريكا.