هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلنت السفارة المصرية في أمريكا أن القاهرة وقعت رسميا على اتفاقية ثنائية للتواصل المتبادل بين الاتصالات والأمن، المعروفة اختصارا بـ"CISMOA"، وذلك بهدف مكافحة الإرهاب، ما أثار التساؤلات حول توقيت توقيع الاتفاقية التي رفضتها مصر لعقود.
ونقل موقع السفارة المصرية على تويتر، الأربعاء الماضي، تصريحات لقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال جوزيف فوتيل، التي أكد فيها على دعم بلاده المستمر لجهود مصر، و"طلب الرئيس (دونالد ترامب) من الكونجرس تقديم 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية لمصر في 2018".
— Embassy of Egypt USA (@EgyptEmbassyUSA) 21 مارس، 2018
ونقلت السفارة عن فوتيل قوله: "في كانون الثاني/ يناير 2018، احتفلنا بالتوقيع على الاتفاقية الثنائية للتواصل المتبادل بين الاتصالات والأمن مذكرة (CIS MOA)".
— Embassy of Egypt USA (@EgyptEmbassyUSA) 21 مارس، 2018
وأضاف الجنرال الأمريكي أن "مصر هي شريك أساسي بمواجهة تدفق المقاتلين الأجانب، ووقف الدعم المالي للمتطرفين العابرين من ليبيا عبر مصر".
— Embassy of Egypt USA (@EgyptEmbassyUSA) 21 مارس، 2018
كما نقلت السفارة قول فوتيل إن "مصر تدعم طلباتنا في التحليق فوق أجوائها، وتضمن عبور قواتنا بقناة السويس، وتشاركنا التزامنا بهزيمة تنظيم الدولة"، مضيفا أن " شراكتنا الأمنية حجر الزاوية بهذه العلاقة".
— Embassy of Egypt USA (@EgyptEmbassyUSA) 21 مارس، 2018
المثير في الأمر هو أن توقيع الاتفاقية تم في كانون الثاني/ يناير الماضي، ولم تعلن عنه مؤسسة الرئاسة بمصر ولا القوات المسلحة، كما أن توقيع "CISMOA" جاء بعدما رفضتها لأكثر من 30 سنة الأنظمة المصرية المتتابعة، بينها نظام حسني مبارك والمجلس العسكري إبان ثورة يناير 2011.
يذكر أن دول الخليج العربي والأردن وتونس والعراق والهند وباكستان كانت وقعت الاتفاقية منذ سنوات. والتوقيع يلزم القاهرة كمستخدم للسلاح الأمريكي بعدم استخدامه دون موافقة واشنطن، مع السماح للقوات الأمريكية بالمرور واستخدام مجال مصر الجوي والعسكري والبحري، والارتكاز بأراضيها وقت العمليات العسكرية، حسب محللين ومتابعين.
في المقابل، تسمح الاتفاقية لمصر وللدول الموقعة عليها بالحصول على الأسلحة والصواريخ المحظورة عنها مسبقا مع ربط أنظمة الاتصالات بين القاهرة وواشنطن والدفاع عن الأراضي المصرية عسكريا لو حصل اعتداء عسكري عليها. وفي حالة الحرب تطلب أمريكا من مصر الدعم العسكري والإمداد واستخدام القواعد العسكرية المصرية تمركزا لعملياتها، وتكون قوات مصر العسكرية تابعة للقيادة المركزية الأمريكية "CENTCOM".
من حليف إلى مركز إقليمي
وفي تعليقه على توقع مصر الآن على اتفاقية عسكرية رفضها الرئيس الأسبق حسني مبارك، ورئيس المجلس العسكري الحاكم سابقا المشير حسين طنطاوي، برر مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عبدالله الأشعل، ذلك بأن "مصر الآن تحولت من حليف أمريكي، ولو نظريا، إلى مركز إقليمي للأمن القومي الأمريكي، والاندماج في الاستراتيجية الأمريكية؛ تمهيدا لما يسمى (صفقة القرن)".
وحول توقيع مصر على الاتفاقية في صمت رغم ما بها من مخاطر على الأمن القومي المصري، أوضح الأشعل، في حديثه لـ"عربي21"، أن "إبرام الاتفاقية سرا ليس مفاجأة؛ لان الرئيس (السيسي) يجمع كل السلطات بيد واحدة".
تطور طبيعي لكامب ديفيد
ويرى الدكتور السيد أبو الخير، أن تلك الاتفاقية تعد تطورا طبيعيا لمعاهدة (كامب ديفيد)، وفضلا عن أنها انتهاك جسيم للسيادة المصرية، فهي مخالفة للدستور المصري الذي تطلب إجراءات خاصة لمثل تلك الاتفاقيات، منها إجراء استفتاء عليها وأخذ رأي البرلمان".
الخبير بالقانون الدولي والعلاقات الدولية، أكد لـ"عربي21"، أنه "ولذلك فالاتفاقية منعدمة قانونا، ولا يرتب عليها القانون الدولي أي آثار قانونية، لمخالفتها القواعد الآمرة به، بالإضافة إلى أن من وقعها لا يمثل مصر قانونا، وهو مغتصب سلطة؛ لأنه جاء بانقلاب عسكري".
وأوضح الأكاديمي المصري أن رأيه يأتي وفقا لنظرية الدين المقيت بالقانون الدولي التي تعتبر كافة تصرفات مغتصب السلطة منعدمة، ولا يترتب عليها أي آثار قانونية"، مضيفا أنه "لذلك وطبقا لتلك النظرية المعروفة والثابتة والمستقرة، والتي أخذ بها القضاء الدولي بقضايا مشابهة؛ فإن كافة أعمال النظام الانقلابي منعدمة، ولا تعترف بها بأشخاص وآليات القانون الدولي".
ليست بحاجة لاتفاقية
من الناحية العسكرية، يعتقد رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، الدكتور عمرو عادل، أن "هناك جزءا غير ظاهر يتعلق بأمور أكثر عمقا فيما يتعلق بالعلاقة الفاضحة بين الجيش المصري والأمريكان"، موضحا أن "الكثير فيما يتعلق بتلك الاتفاقية يتم تنفيذه منذ زمن بعيد، ففي التسعينيات كان هناك مشروع ربط إلكتروني بين الجيش المصري والأمريكي فيما يتعلق بإمداد قطع الغيار، وكان (خبراء الجيش الأمريكي بمصر) يعرفون كل شيء عن منظومة التسليح ربما ببعض الأحيان أكثر من المصريين أنفسهم".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد الضابط السابق بالجيش أن "ما يتعلق بأكواد الطيران والدفاع الجوي هي بنسبة كبيرة تكون تحت سيطرة من يمتلك الأكواد والشفرات الخاصة بها، وهو قادر على تحويلها لقطع من الحديد وهي على الأرض أو بالسماء، وكانت هناك بعض الأقوال عن تحكم الأمريكان بها في التسعينيات لم تكن مؤكدة، إلا أنها الآن أصبحت واقعا"، مضيفا: "لنتذكر أن المجال الجوي والبحري المصري مفتوح دائما للأمريكان دون قيد أو شرط طوال الأربعين عاما الماضية، ولم تكن بحاجة لاتفاقية لذلك".
وقال عادل: "الخلاصة أن معظم بنود الاتفاقية موجود بالفعل منذ زمن بعيد، وما يحدث الآن فقط إزالة لغشاء الخجل من وجه النظام المصري، الذي لم يعد يخجل من إعلان خيانته، ويعلن بوضوح أن الـ100 مليون مصري مرشحون محتملون للخدمة لصالح الأمريكان، كما كان يفعل النظام المصري منذ مئة عام، عندما كان المصريون أيضا يخدمون الإنجليز بحروبهم التي ليس لنا ناقة فيها ولا جمل، ولكنه جيش مصر الذي اعتدنا عليه".