نفى محافظ المصرف المركزي المغربي عبداللطيف الجواهري، وجود أي إملاء أو وصاية من
صندوق النقد الدولي أو أي مؤسسة مالية أخرى، على قرار تحرير سعر صرف العملة المحلية، الذي اعتبره إجراء سياديا وإرادياً حراً ومستقلاً، اتخذته المملكة في إطار سعيها إلى تحديث آليات الاقتصاد المالية والنقدية، والعمل على إدماجه في الاقتصاد العالمي وتطوير الصادرات وزيادة حجم الاستثمارات، وتحقيق التنافسية والاستفادة من التحولات الدولية.
ولم يكشف الجواهري، تاريخ إطلاق المرحلة الثانية من تحرير سعر صرف العملة، مكتفياً بالإشارة إلى أن القرار سيُتخذ في الوقت المناسب وبالطريقة الملائمة، لافتاً إلى اتصالات تجري مع المصارف وجمعيات الاتحاد العام لمقاولات المغرب وفروعها، لتقويم حصيلة التجربة الأولى التي بدأت منتصف كانون الثاني / يناير الماضي، وبلغت 2.5 في المئة من قيمة الدرهم صعوداً أو هبوطاً.
ولفت وفقا لصحيفة "الحياة"، إلى أن المصرف المركزي استخدم نحو 320 مليون دولار في الربع الأول من هذه السنة، للاستجابة إلى حاجات سوق الرساميل من العملات والحفاظ على قيمة صرف العملة الوطنية، التي تبقى متأرجحة بين 60 في المئة لليورو و40 في المئة للدولار، وهو وضع يمنحها بعض الحماية والاستقرار، خصوصاً أن معدلات التضخم ضعيفة وتقدر بـ1.8 في المئة هذه السنة، و1.5 في المئة العام المقبل، مقارنة بـ 1.9 في المئة لدى الشركاء المنافسين للمغرب.
ولفت إلى وجود اتصالات بين الأجهزة المالية والمصرفية في الولايات المتحدة ونظيراتها في المغرب لتطوير آليات المراقبة الاحترازية في مجال تبييض الأموال ومحاربة الإرهاب والتهرب الضريبي، عبر تبادل المعلومات التي ستشمل لاحقاً المواطنين الأمريكيين المقيمين في المغرب. ويُنتظر أن يصادق البرلمان المغربي الشهر المقبل على نص قانوني يسمح بتبادل هذا النوع من المعلومات، عن حسابات الأشخاص الذاتيين في المصارف التجارية المغربية.
وأثنى الجواهري على العلاقة مع دول الخليج ووصفها بالجيدة، موضحاً أن الرباط حصلت على 9.5 مليار درهم تعادل مليار دولار من الدعم الخليجي خلال العام الماضي، من أصل مساعدات وهبات قيمتها 5 مليارات دولار، في إطار برامج التعاون الاستراتيجي الموقعة عام 2012 في الرياض.
لكن توقعات عام 2019 الاقتصادية، لا تتضمن أي دعم خليجي للمغرب، وفق الجواهري، الذي لم يستبعد تجديد الاتفاق أو إطلاق إطار آخر للدعم المالي، الذي يستفيد منه احتياط النقد وميزان المدفوعات الخارجية. ويقدر عجز الحسابات الخارجية بنحو 4 في المئة من الناتج الإجمالي.
وتوقع أن يحقق الاقتصاد المغربي نمواً نسبته 3.3 في المئة خلال العام الجاري و3.5 بالمئة خلال العام المقبل، بدعم من موسم زراعي جيد بفضل الأمطار الكثيفة.
وتبدو المؤشرات الماكرو اقتصادية مساعِدة على تحقيق معدلات نمو متصاعدة في السنوات المقبلة، بعد انحسار العجز المالي إلى نحو 3.2 في المئة، واستقرار احتياط النقد الأجنبي الصافي عند 241 مليار درهم نهاية 2017، ما يكفي نحو 6 أشهر من الواردات.
ورجح ازدياد الاستثمارات الخارجية المباشرة إلى نحو 4.4 في المئة من الناتج المحلي، مع استمرار تطور قطاعات السياحة والتحويلات وصادرات السيارات والفوسفات.
ولكن النقطة السوداء في أداء الاقتصاد المغربي، تبقى مرتبطة بوضع الشباب الذي يسجل معدلات بطالة مزمنة قد تهدد الاستقرار الاجتماعي، خصوصاً في المناطق المهمشة والأقل تطوراً. وخسر الاقتصاد 37 ألف وظيفة عام 2016 عندما تراجع النمو إلى 1.2 في المئة.
لكن الاقتصاد تمكّن من استحداث 86 ألف فرصة عمل العام الماضي، عندما تجاوز النمو 4 في المئة. وتتخطى معدلات البطالة 10.4 في المئة، وتصل إلى 42.8 في المئة لدى الشباب من حاملي الشهادات الجامعية سكان المدن. وقال الجواهري إن بطالة شباب المدن زادت من 41.8 إلى 42.8 في المئة خلال سنة للفئة العمرية التي تتراوح بين 15 و24 عاما.