هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرح الهجوم الصاروخي الأكبر لجماعة الحوثي على السعودية، عشية الذكرى الثالثة لانطلاق عمليات التحالف العربي الذي تقوده في اليمن، أكثر من
تساؤل حول بعده السياسي ودلالة توقيته.
واعتبر مراقبون إطلاق الحوثيين 7 صواريخ باليستية باتجاه
مناطق مختلفة في المملكة، بينها العاصمة الرياض، وبهذه الكثافة غير المعهودة، وفي توقيت
واحد، بأنه حدث مثير، حمل رسائل سياسية ذات بعد إقليمي.
كما تزامن هجوم جماعة الحوثي، الأوسع منذ ثلاثة أعوام
من الحرب، مع زيارة المبعوث الأممي الجديد لليمن، "مارتن غريفيث"، الذي وصل
يوم السبت، أي قبل الهجوم بيوم واحد؛ للتباحث معها في سياق تحركاته لإحياء مشاورات
السلام المتعثرة منذ العام الماضي.
حاجة إيرانية
وفي هذا السياق، رأى الكاتب والمحلل السياسي اليمني،
ياسين التميمي، أن الحوثيين بهذا الهجوم يعبرون عن الحالة الراهنة من الصراع الإقليمي
المحتدم بطرفيه الإيراني والسعودي، بعدما أضحت اليمن ساحته الرئيسية.
وتابع حديثه لـ"عربي21" قائلا: "على
الرغم من أن الهجوم يؤكد قوة الحوثيين واستمرارهم كطرف مؤثر في الساحة اليمنية بعد
ثلاث سنوات من الحرب، إلا أنه يعبر بالقدر نفسه عن حاجة إيران إلى مواجهة الضغوط الدولية
الهائلة التي تتعرض لها حاليا، خصوصا في ظل موجة الاستهداف التي يتبناها الرئيس ترامب، وتتلاقى مع إرادة سعودية لإنهاء الدور الإقليمي لإيران".
وأردف قائلا: "هذا التنامي في القوة النوعية للحوثيين
لا يعود فقط للدعم الإيراني بقدر ما يعود إلى الفرصة السانحة التي أتاحت لهم الانقضاض
على الدولة اليمنية بكل إمكانياتها التسليحية. مشير إلى أنها فرصة لم يوفرها سوى السلوك
الأهوج للرياض وأبوظبي تجاه الربيع العربي وحوامله السياسية، وفي المقدمة حزب التجمع
اليمني للإصلاح، المصنف بأنه ذراع الإخوان المسلمين، أو يقود تيار "الإسلام السياسي"
في البلاد".
وحول البعد السياسي لصواريخ الحوثي، يقول إن الرسائل
الإقليمية لهذه الهجمة الصاروخية الكبيرة على عاصمة المملكة وبعض مدنها الرئيسية واضحة
للعيان، وتطغى حتى على الرسالة الداخلية.
تحول استراتيجي
أما المحلل السياسي اليمني محمد مصطفى العمراني، فقد
اعتبر أن إطلاق الحوثيين لـ7 صواريخ على أهداف داخل المملكة "تحول استراتيجي
في مسار المعركة التي دخلت عامها الرابع".
وقال، في حديث لـ"عربي21"، إن الحوثيين طوروا
صناعة الصواريخ، واستفادوا من المخزون الصاروخي الكبير الذي تركه الرئيس الراحل علي
عبد الله صالح، إلى جانب الاستفادة من عامل الوقت "ثلاث سنوات"، والخبرات
المحلية والإقليمية، ليفاجئوا الجميع بمنظومات جديدة قادرة على الوصول إلى الرياض.
ووفقا للعمراني، فإن الحوثيين يسعون إلى فرض معادلة
جديدة في مسار الحرب التي تراوح منذ سنوات دون اختراق كبير.
ويضيف أن "التوقيت كان مهما بالنسبة إليهم، ويحمل
أكثر من رسالة داخلية وخارجية، مفادها أنه رغم مرور ثلاث سنوات على عمليات التحالف،
ها نحن انتقلنا من طور الدفاع إلى الهجوم، وهذا متغير مهم". وفق تعبير
العمراني.
وإزاء توقيت الهجوم، يشير السياسي العمراني إلى أنه
تزامن مع زيارة المبعوث الأممي الجديد، وهو ما يبعث رسائل عدة، منها أن "الحوثي
تفاوض بيد وتهاجم بالأخرى، لرفع سقف المطالب السياسية، وتحسين شروط التفاوض".
ولم يستبعد أن تؤول المرحلة المقبلة إلى مفاوضات سياسية،
بلا شروط مسبقة، وهو ما يسعى إليه الحوثيون، لا سيما أن هناك توجها دوليا لمصلحته وقوة
عسكرية على الأرض يمتلكها تقوي موقفه.
اقرأ أيضا: صحيفة إيطالية: هل أصبحت صواريخ الحوثي مصدر ذعر للرياض؟
استعراض وتسويق
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي، أحمد الزرقة، أن عملية الاستهداف الصاروخية للسعودية، لا تعدو كونها "محاولة لإظهار الجماعة نفسها بشكل استعراضي وتسويقي في وقت حساس بالنسبة
للتحالف".
وقال، في حديث لـ"عربي21"، إن "تزامن الهجوم مع الذكرى الثالثة لبدء عمليات
التحالف وزيارة المبعوث الأممي الجديد إلى صنعاء، يجسد "عدم اكتراث المليشيا
للدعوات المتلاحقة من كافة الأطراف والقوى الإقليمية والدولية لمساعي إيجاد حل سياسي
للأزمة اليمنية".
وأشار الزرقة إلى أن جماعة الحوثي تسعى لإثبات حضورها
كطرف مهدد للأمن القومي السعودي، وبشكل غير مسبوق منذ بدء عمليات التحالف، وهي رسالة
ذات بعد تحضر فيها إيران بقوة كرد على تهديدات البيت الأبيض وإدارة ترامب باستهداف
طهران إذا ما استمرت في تزويد الحوثيين بالأسلحة.
سياسيا، يؤكد السياسي الزرقة أن ذلك الهجوم لا يمكن
اعتباره إلا مسعى حوثيا لـ"دفن مساعي المبعوث الأممي، وإنهاء للآمال المعقودة على
تحركاته".
كما أنها، وفقا للمتحدث ذاته، تمثل "خيبة أمل لكل من يراهن على إمكانية رضوخ
الحوثيين لأي حلول سلمية على المدى القريب، في ظل استمرار تدفق الأسلحة إليهم".
ولفت الكاتب اليمني إلى أن عملية استهداف الأراضي السعودية ستتواصل طالما استمرت عملية إضعاف الشرعية ومنع الجيش الوطني من التقدم لحسم المعركة
وإنهاء الانقلاب، وذلك ما لا تريده السعودية والإمارات.
ومساء الأحد، أعلن التحالف العربي الذي تقوده السعودية اعتراض 7 صواريخ تم إطلاقها من اليمن، 3 منها في أجواء الرياض، واثنين آخرين أطلقا
باتجاه أبها في عسير، وآخر في جازان.
اقرأ أيضا: مقتل مصري بصاروخ حوثي اعترضته دفاعات سعودية (شاهد)