هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على مدار السنوات الماضية، تكبد الاقتصاد السوري مزيدا من الخسائر، وظلت الأزمات تلاحق بعضها بدءاً من تداعي صرف العملة المحلية ومروراً بالارتفاع الحاد في معدلات التضخم، وانتهاءً بالخسائر الفادحة في البنية التحتية التي خلفتها الحروب الأهلية الدائرة منذ سنوات.
على صعيد سوق الصرف، فقد شهدت الليرة السورية تراجعاً ملحوظاً أمام العملات الأجنبية وسط موجة غلاء عمت الأسواق في مناطق سيطرة نظام الأسد، يأتي ذلك بالتزامن مع التهديدات الأمريكية بتوجيه ضربة للنظام إثر ارتكابه مجزرة في مدينة دوما بعد استهدافه المدنيين بالغازات السامة.
وبلغت قيمة الليرة السورية في سوق دمشق 475 واليورو 588، في حين وصل سعرها أمام الدولار في سوق حلب 490 واليورو 607 وشهد سعر الذهب ارتفاعاً كبيراً حيث سجل سعر غرام الذهب عيار 18: 14075 وعيار 21: 16400.
وشهدت المناطق المحررة، ارتفاعاً في سعر الدولار الأمريكي في الشمال السوري مقابل الليرة، حيث تخطى الدولار الواحد حاجز الـ 500 ليرة، وفي مناطق الجنوب وصل سعر الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية لـ 480.
وقبل يومين من تنفيذ الضربات المشتركة على سوريا، ومع استمرار خسائر العملة، شهدت الأسواق السورية موجة غلاء كبيرة عمت الأسواق، وسط مخاوف من استمرار ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية لدى معظم الأسر السورية.
منتصف العام الماضي، أصدر البنك الدولي تقريراً بعنوان "خسائر الحرب: التبعات الاقتصادية والاجتماعية للصراع في سوريا،" كشف فيه تقديراته بأن سوريا تكبدت إثر الحرب الأهلية التي لا تزال مستمرة منذ 6 سنوات، خسائر اقتصادية تعادل 226 مليار دولار.
وقال البنك في تقريره: " ألحق الصراع أضراراً ضخمة برصيد رأس المال المادي في سوريا الذي قضى على 7 في المئة من المساكن و20 في المئة من المنازل تضررت جزئياً، وأوقع أعداداً كبيرة من القتلى وتسبب في النزوح القسري (ما بين 400 ألف و470 ألف وفاة، ونزوح قسري لأكثر من نصف سكان سوريا عام 2010.
اقرأ أيضا: ضربات جوية أمريكية بمشاركة بريطانيا وفرنسا على سوريا (شاهد)
وأشار التقرير إلى أن هذه المعطيات جاءت بالتزامن مع إضعاف النشاط الاقتصادي وتعطيله. فمنذ عام 2011 وحتى نهاية عام 2016، قُدّرت الخسائر التراكمية في إجمالي الناتج المحلي بنحو 226 مليار دولار، أي نحو أربعة أضعاف إجمالي الناتج المحلي السوري عام 2010."
وأضاف التقرير: " تعطيل التنظيم الاقتصادي هو أهم محرك للأثر الاقتصادي للصراع، حيث تجاوز في حجمه الأضرار المادية. إذ لم يؤد الصراع إلى إنهاء الحياة فحسب، بل دمّر أيضاً عوامل الإنتاج، كما خفض بشدة عمليات التواصل الاقتصادي، وحدّ من الحوافز التي تدفع إلى متابعة الأنشطة الإنتاجية، وحصة الشبكات الاقتصادية والاجتماعية وسلاسل التوريد."
وتابع البنك الدولي بأن "عمليات المُحاكاة تُظهر أن خسائر إجمالي الناتج المحلي التراكمية الناجمة عن الاضطراب في التنظيم الاقتصادي تتجاوز خسائر تدمير رأس المال بعامل قدره 20 في السنوات الست الأولى من الصراع. ويعود ذلك أساساً إلى أن الصدمات المنحسرة بـ’تدمير رأس المال فقط‘ تعمل عمل بعض الكوارث الطبيعية، ففي ظل اقتصاد يعمل بشكل جيد، تكون آثارها على الاستثمارات محدودة (انخفاض بنسبة 22 في المائة فقط في عمليات المحاكاة).
ومن ثم، فإن رأس المال يُعاد بناؤه سريعاً، ويتم احتواء الآثار الاقتصادية الأخرى. وبالمقارنة، فإن الاضطراب في التنظيم الاقتصادي يخفض الاستثمارات بنسبة 80 في المئة عن طريق الحد من الربحية، وبالتالي، تنتشر الآثار الأولية بقوة مع مرور الوقت.
وحول وضع سوريا قبل اندلاع الحرب، قال البنك إنها كانت "بلداً سريع النمو من بلدان الشريحة الدنيا من البدلان متوسطة الدخل، وبصورة إجمالية، كان الاقتصاد السوري آخذ في التحسن خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وإن كان قد بدأ من قاعدة متدنية. وسجّل إجمالي الناتج المحلي نمواً بمعدل 4.3 في المائة بين عامي 2000 و2010 بالقيمة الحقيقية، وكان مدفوعاً بالكامل تقريباً بالنمو في القطاعات غير النفطية، وبلغ معدل التضخم في المتوسط نسبة معقولة عند 4.9 في المئة.
وأشار التقرير إلى أن الصراع في سوريا ألحق أضراراً أو دماراً في حوالي ثلث المساكن ونحو نصف المنشآت الطبية والتعليمية، ومن النتائج الرئيسية للتقرير انهيار الأنظمة التي تنظم الاقتصاد والمجتمع.
وذكر أن ما يقرب من 538 ألف وظيفة تعرضت للتدمير سنويًا خلال السنوات الأربع الأولى من الصراع، وأن الشباب الذين يواجهون الآن نسبة بطالة تبلغ 78 بالمئة لديهم خيارات قليلة للبقاء، مضيفًا أن الاستهداف المحدّد للمنشآت الصحية أدى إلى تعطيل النظام الصحي بشكل كبير، مع عودة الأمراض المعدية كشلل الأطفال إلى الانتشار.