هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استبق زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي فترة رئاسته الثانية بإعلان حالة الطوارئ في البلاد، لمدة ثلاثة أشهر، اعتبارا من الساعة الواحدة من صباح السبت 14 نيسان/ أبريل 2018، وسط انتقادات بعدم دستوريتها من جهة، واستغلالها ضد المواطنين من جهة أخرى.
ولا يسمح الدستور المصري بتمديد حالة الطوارئ إلا مرة واحدة فقط، ما أثار جدلا بشأن ما إذا كان القرار تمديدا لحالة الطوارئ أم إعلانا جديدا لها. وكلّف القرار القوات المسلحة والشرطة باتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ أرواح المواطنين.
تمديد باطل
وهو ما أكده المحامي والحقوقي، مصطفى أبو الحسن، حيث أكد لـ"عربي21" أن "تمديد حالة الطوارئ للمرة الرابعة مخالف للدستور المصري، ولا يجوز للسلطات المصرية تمديده وقتما تشاء دون الرجوع للمشرع".
موضحا أن "تمديد حالة الطوارئ يقصد منها استمرار القبضة الأمنية الحديدية على البلاد، وتوغل السلطة الأمنية على كافة السلطات، وإدارة البلاد من خلال الملف الأمني، دون النظر إلى القانون أو الدستور وحقوق المواطنين".
ويمنح القانون الذي ينظم حالة الطوارئ صلاحيات واسعة للسلطة الأمنية كوضع قيود على حرية الاجتماع والانتقال ومراقبة الصحف والمواقع الإلكترونية، والاستيلاء على أي مال منقول أو عقار، والأمر بفرض الحراسة، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها.
ونص القرار على أن تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة المصرية اتخاذ ما يلزم لمواجهة خطر الإرهاب، وحفظ الأمن في جميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين.
لماذا الطوارئ
رئيس حزب الأصالة، إيهاب شيحة، رأى أنه "من الطبيعي أن من بدأ حكمه بانقلاب عسكري دموي، وأنهى فترته الأولى باعتقال كل من سولت له نفسه الترشح أمامه للرئاسة، أن يبدأ ولايته الثانية بفرض حالة الطوارئ، بعدما انتهى تجديدها أكثر من مرة بالمخالفة للدستور؛ الذي ينص في المادة 154 على فرض حالة الطوارئ لمرة واحدة لمدة ثلاثة شهور بعد موافقة البرلمان، وتجدد لمرة واحدة بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان. وها هو يخالفه مرة أخرى بفرضها من جديد".
وأضاف لـ"عربي21": "ولكن هذا ما دأب عليه السيسي منذ مخالفة خارطة الطريق التي أعلنها بنفسه يوم انقلابه في تموز/ يوليو 2013"،ويجب هنا أن نؤكد أن فرض الطوارئ ليس بسبب الإرهاب في سيناء، وإنما لقمع المصريين عامة، وكل من لا يعلن التأييد المطلق، فضلا عن معارضة النظام. أما الإرهاب في سيناء، فيتم توظيفه لتنفيذ مؤامرة القرن بإخلاء سيناء".
وبشأن تعارض حالة الطوارئ مع مناخ الاستثمار في مصر وتحقيق التنمية، أكد أن "الأنظمة الاستبدادية لا يعنيها جذب الاستثمارات، وليست لديها رؤية أو حتى تفكير في تحقيق أي رفاهية للشعوب، بل كل ما يعنيها هو منع أي معارضة لتثبيت حكمها، وأنهم يعتمدون على آلية الاقتراض والتفريط في الثروات والأراضي لحل الأزمات الاقتصادية".
حكم السيسي ومتلازمة الطوارئ
من جهته، قال المحلل السياسي محمد السيد، لـ"عربي21": "للمرة الرابعة يمدد قائد الانقلاب حالة الطوارئ، وبالرغم من المخالفة الدستورية التي ارتكبها النظام، إلا أنه ماض في انتهاك الدستور دون أي رد فعل من البرلمان (المشرع) المؤيد له".
وحول دلالة فرض حالة الطوارئ، أكد أن "السيسي عندما يفرض حالة الطوارئ للمرة الرابعة يعني أنه فشل في محاربة الإرهاب، ويتخذ من فرضها تكئة (مبررا) لقمع رافضي الانقلاب"، متوقعا أن "يستمر السيسي في فرض الطوارئ لسنوات حكمه القادمة".
ورأى أن "فرض حالة الطوارئ يعد رسالة سلبية إلى الخارج، وتوحي بعدم الأمن والأمان، وتتنافى مع ما ذكره النظام بقضائه على 99% من الإرهاب الذي يهدد البلاد! فمن المعروف أنه مرتبط ارتباطا وثيقا بحالة الأمن، كما أن التنمية التي يتحدث عنها السيسي لا تتم في وجود قيود تفرضها حالة الطوارئ"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال الجمع بين فرض حالة الطوارئ والدعوة للاستثمار والتنمية في ظل هذا النظام المستبد".
عواقب وخيمة
الناشطة السياسية غادة نجيب، حذرت من عواقب فرض حالة الطوارئ مجددا، وقالت لـ"عربي21": "سوف تستخدم بكل تأكيد لتكبيل الحريات، وغلق المجال العام، وإسكات ما تبقى من الأصوات؛ فالسيسي لا يعرف معنى الاطمئنان إلا بالطوارئ".
وأكدت أن فرض حالة الطوارئ "هو دأب أي ديكتاتور؛ حتى يظل في سدة الحكم؛ بزعم محاربة الإرهاب"، لافتة إلى أن "السيسي لم يخترع العجلة؛ فقد فعلها مبارك قبله، وعاشت البلد 30 سنة في حالة طوارئ، فهو يستلهم الفكر ذاته بذات الخوف".