أشار البيان المالي التمهيدي الذي أعلنته وزارة المالية
المصرية مؤخرا، لبلوغ قيمة فوائد الدين الحكومي بموازنة العام المالي 2018/2019 الذي يبدأ مطلع تموز/ يوليو المقبل 541.3 مليار جنيه، وبلوغ أقساط الدين الحكومي 276 مليار جنيه، لتصل تكلفة الدين بالموازنة الجديدة 817.3 مليار جنيه.
وهي أرقام غير مسبوقة تزيد كثيرا عن باقي بنود مصروفات الموازنة، التي بلغت 332 مليار لكافة أنواع الدعم للسلع والخدمات والمعاشات، و266 مليار جنيه لأجور العاملين بالحكومة، 148.5 مليار جنيه للاستثمارات الحكومية بمجالات البنية التحتية.
و76 مليار جنيه للمصروفات الأخرى التي تهيمن عليها نفقات القوات المسلحة، و60 مليار جنيه لشراء مستلزمات إدارة دولاب العمل الحكومي بالوزارات والمحافظات.
وهكذا تمثل تكلفة الدين التي لا يستفيد منها أحد من المصريين، مرتين ونصف، قدر دعم السلع الغذائية والوقود والكهرباء والصادرات والنقل والمعاشات، وثلاثة أضعاف مخصصات أجور الموظفين، وخمس مرات ونصف قدر الاستثمارات التي تتجه لتحسين مياه الشرب والصرف الصحى والطرق والإسكان والكهرباء.
وأربعة عشر ضعفا لمشتريات السلع والخدمات بالجهات الحكومية، بما تشمله من أدوية ومستلزمات طبية وتغذية مدرسية وكتب مدرسية ووقود وقطع غيار وصيانة.
والملاحظ أن أرقام تكلفة الدين غير متوقع انخفاضها خلال العام المالي، إن لم تكن ستزيد في ضوء التوسع بالاقتراض الداخلي والخارجي، بينما باقي بنود المصروفات يمكن انخفاضها، حيث كانت تقديرات فوائد الدين الحكومي بموازنة العام المالي الحالي 2017/2018 تبلغ 381 مليار جنيه، بينما أشارت وزارة المالية أنها ستبلغ 438 مليار بالعام المالي الحالي.
أرقام الاستثمارات الحكومية لا تتحقق
وكانت تقديرات الاستثمارات الحكومية 135 مليار جنيه بالعام المالي الحالي، لكن وزارة المالية ذكرت أنها ستنخفض الى 111 مليار جنيه فقط، ونفقات شراء مستلزمات الوزارات والمحافظات كان مقدرا لها 52 مليار جنيه، لكنها انخفضت إلى 48 مليار جنيه.
حتى نفقات الدعم التي تزعم الحكومة اهتمامها بها لتخفيف الآثار السلبية لإجراءات الإصلاح الإقتصادي انخفضت عما كان مقدرا لها، والأنكى أن تقديرات الدعم بموازنة العام المالي الجديد ، ستقل عن تقديرات الدعم بالعام المالي الحالي بنحو 436 مليون جنيه.
ويظل السؤال كيف ستزيد نفقات فوائد الدين الحكومي إلى 541 مليار جنيه بالعام المالي الجديد، بينما بررت الحكومة زيادتها بالعام المالي الحالي بنحو 57 مليار جنيه عما كان مقدرا لها، لتصل إلى 438 مليار جنيه بدلا من 381 مليار بسبب رفع البنك المركزي سعر الفائدة مرات عدة، ما زاد من سعر الفائدة على أذون الخزانة وسندات الخزانة التي تطرحها الحكومة.
بينما تتجه مصر منذ شباط/ فبراير الماضي للخفض التدريجي لأسعار الفائدة، التي انخفضت بنسبة 1 في المئة في شباط/ فبراير الماضي، بنسبة 1 في المئة أخرى في آذار/ مارس الماضي.
ويتوقع الاستمرار بانخفاضها بالشهور المقبلة، فكيف ستزيد فوائد الدين الحكومي بنحو 103 مليار جنيه عن التقديرات المعدلة للعام المالي الحالي رغم اتجاه الفائدة للتراجع؟
استمرار
الاقتراض لسد العجز والدين
وأجابت وزارة المالية عن السؤال حين أعلنت توسعها بالاقتراض الداخلي والخارجي بالعام المالي الجديد، حيث ستقترض 70 مليار من صندوق النقد الدولي تعادل 4 مليار دولار، و128 مليار جنيه بسندات بالأسواق الدولية تعادل 7.3 مليار دولار، والاقتراض من ألمانيا وفرنسا، ومن الداخل ستقترض 511 مليار جنيه، كأذون خزانة وسندات خزانة.
وهكذا أوضحت وزارة المالية أن الاحتياجات التمويلية لموازنة العام المالي الجديد -بخلاف تكلفة الفوائد- ستصل إلى 715 مليار جنيه، وتتوزع تلك الاحتياجات ما بين 439 مليار جنيه لسد العجز الكلى بالموازنة المتوقع خلال العام و276 مليار جنيه لسداد أقساط الدين الداخلي الخارجي بالعام المالي الجديد.
وبذلك تكون بيانات الموازنة قد أكدت سقوط مصر في مصيدة
الديون، التي تتطلب منها مزيدا من الاقتراض لسداد فوائد وأقساط الديون التي تتزايد عاما عن آخر، بالإضافة إلى العجز المزمن بالموازنة المصرية الذي يحتاج للاقتراض هو الآخر.
والغريب أن وزارة المالية التي تدعي الشفافية قد توقفت بياناتها عن قيمة الدين العام الداخلي عند شهر حزيران/ يونيو من الماضي، وهو الأمر ذاته لدى البنك المركزى حين بلغ 3161 مليار جنيه، بينما يعلن أرقام الاحتياطيات من العملات الأجنبية شهريا، كما بلغ الدين الخارجي 82.9 مليار بنهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وإذا كان وزير المالية قد صرح عن اتجاهه لطرح سندات بالخاج قبيل نهاية العام الجاري أو ببدايات العام المقبل بقيمة ما بين 7- 8 مليار دولار.
فقد توسع البيان المالي التمهيدي للموازنة باستعراض أوجه الاقتراض المحلي والخارجي للموازنة، ليس فقط بالعام المالي الجديد، بل وكذلك بالعامين الماليين التاليين لتصل 637 مليار جنيه ثم 664 مليار جنيه.