هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للمحلل السياسي ميكاه زينكو، قال فيه إنه وبعد عام من شن هجوم محدود ضد الحكومة السورية؛ لردعها عن استخدام الأسلحة الكيماوية، قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتكرار الفعل ثانية ليلة الجمعة، مشيرا إلى أنه خلال 12 ساعة، فإن البنتاغون قال إن الضربة كانت "ناجحة جدا".
ويعلق الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا إن "هذا كان متوقعا؛ لأن المرافق الثلاثة كانت فوق الأرض، وكانت تحت المراقبة لسنوات، وتقع في مناطق فيها دفاعات جوية متدنية الخطر، فتمكن جيش يكلف 700 مليار دولار أن يدمر أهدافا ثابتة ليس شيئا خارقا".
ويستدرك زينكو بأن "ما كان مثيرا حول الضربات الصاروخية كان المسرحية الهزلية برمتها، فمن وعد ترامب الأولي بأن هجوم الحكومة السورية الكيماوي المتوقع (سيواجه وسيواجه بقوة)، إلى فيديوهات البنتاغون التي أظهرت الصواريخ وهي تطلق، حيث كانت هذه عملية عسكرية تم رسمها والقيام بها لعصر المعلومات على مدار اليوم".
ويشير الكاتب إلى أن "حساب ترامب على (تويتر) قدم الشجب المعهود، وأطلق على آخر أعدائه، رئيس النظام السوري بشار الأسد، لقب (الحيوان القاتل بالغاز)، وهو ما أشار إلى أن العملية ستبدأ (قريبا جدا أو ليس قريبا على الإطلاق)، وحذر روسيا من أن الصواريخ (قادمة وجميلة وجديدة وذكية)، وكان الوصف الأخير دقيقا، حيث استخدم في الهجوم ولأول مرة صاروخ (إيه جي إم 158)، جو أرض، وعلى مدى الأسبوع اللاحق شكلت تلك التغريدات إطار التغطية الإعلامية للحدث، ونقاش الخبراء،وتصريحات مسؤولي الإدارة".
ويفيد زينكو بأنه "تبعت ذلك التسريبات حول الحوارات في البيت الأبيض، حيث انقسم المسؤولون بين من يدفع نحو هجوم واسع يشمل القوات الإيرانية التي تعمل في سوريا، إلى المسؤولين العسكريين الذين رأوا ألا تتجاوز الضربات المرافق المتعلقة ببرنامج الأسلحة الكيماوية السوري فقط، متجنبين مجابهة مباشرة مع روسيا أو إيران، فترامب ومستشاره الجديد للأمن القومي جون بولتون يريدان الظهور بمظهر متشدد أمام إيران، لكن وزير الدفاع جيمس ماتيس والضباط الكبار كانوا أكثر عقلانية وواقعية".
ويبين الكاتب أنه "كانت هناك حملة روج لها بشكل جيد، من الاتصالات الرئاسية والزيارات الدبلوماسية لتضمين حلفاء؛ لإضفاء شرعية أكبر على العملية العسكرية، التي سيعدها معظم علماء القانون خرقا للقانون الدولي، وشجب كل من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أفعال الأسد، لكنهما قدما بعدها دعما محدودا (17 صاروخا من كلا البلدين)، وقدمت أمريكا 88 صاروخا، فقط لمنع استمرار نوع واحد محرم من أسلحة الفتك السورية".
ويلفت زينكو إلى أن "سوريا وراعيتها روسيا قامتا بالدور المتوقع، وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية بأن (الاتهامات باستخدام الأسلحة الكيماوية أصبحت مجرد صورة نمطية غير مقنعة)، بالرغم من أن ذلك تم توثيقه من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية -آلية التحقيق المشتركة التابعة للأمم المتحدة- وبعد أن ضربت الصواريخ بقليل أعلنت وزارة الخارجية الروسية -دون إحساس بما تفعله روسيا ذاتها في شرق أوكرانيا- شجبها للهجوم على أنه (اعتداء لا يستند إلى أرضية أبدا على سيادة دولة عضو كامل في الأمم المتحدة)، ثم ادعت وزارة الدفاع الروسية بأن الدفاعات الجوية التي وفرتها لسوريا أسقطت 71 صاروخا من الصواريخ التي أطلقت على سوريا، وأشار المسؤولون في البنتاغون إلى أن تلك الدفاعات لم تطلق النار إلا بعد أن أصابت الصواريخ البريطانية والفرنسية والأمريكية أهدافها".
وينوه الكاتب إلى أن "البنتاغون وفر مباشرة الصور التي تم بثها وإعادة بثها، ووزعت على المؤسسات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، وتضمنت هذه صورا ثابتة ولقطات فيديو للطائرات المقاتلة وهي تقلع، وكذلك وهي تزود بالوقود في طريقها إلى سوريا، والسفن الحربية والغواصات تطلق صواريخ كروز في العتمة، وصور تقدير الأضرار قبل وبعد الضربة من الأقمار الصناعية، وقام البنتاغون بعقد مؤتمرين صحافيين، تميزا بالمصطلحات العسكرية والتفاصيل الدقيقة -مثل العدد الدقيق للصواريخ وأسماؤها وإلى أي المواقع وجهت- حيث ملأت الكثير من مساحة الأخبار المطبوعة والمتلفزة، وادعى رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال كنيث ماكينزي أن (النظام السوري سيفكر كثيرا ومليا قبل أن يتصرف بتهور ثانية)".
ويختم زينكو مقاله بالقول إن "الضربات وما أعقبها كانت تشبه المسرحية، حيث لم يكن الهدف تدمير الأهداف بقدر ما هو التأكد من أن يلعب كل من الممثلين دوره بإتقان، وكون أن هذا الهجوم الأخير لن يكون له أثر عملي على المقاتلين في الحرب الأهلية السورية هو أمر هامشي، وكلهم نجحوا في حفظ أدوارهم، وقاموا بالتنفيذ بشكل مقنع، وحصلوا على تعليقات جيدة من الجماهير المستهدفة؛ برافو، دعونا نعطي ترامب القول الآخير: (لم يكن من الممكن تحقيق نتيجة أفضل)".