تسبب
هطول الأمطار بغزارة ليومين؛ بتضرر شوارع ومساكن العاصمة
المصرية، وزاد الاهتمام الإعلامي بالمشكلة؛ نظرا لأن الضرر الأكبر وقع على سكان منطقة التجمع الأول، التي يسكنها الأثرياء والعامرة بالفيلات الفخمة، وصاحبة أعلى أسعار للعقار بمصر، إلى جانب تعطل طرق حيوية لساعات طويلة.
وكشفت المشكلة عن غياب خطط الطوارئ بأجهزة المحليات للتعامل مع تلك الأزمة، حيث لم يجد المواطنون المتضررون من يستجيب لهم، سواء من دخلت مياه الشوارع المجاورة لبيوتهم، أو من توقفوا لساعات بالطرق الرئيسية، ومنهم النساء والأطفال والمرضى، خاصة وأن المشكلة سبق أن تكررت في الإسكندرية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وبمدن المبحر الأحمر، خاصة رأس غارب ومحافظات الصعيد، في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، مما زاد من المخاوف بموسم
السيول القادم.
وعادة ما تلجأ أجهزة المحليات لعربات كسح المجاري لشفط المياه من الشوارع، إلا أن بيانات جهاز الإحصاء تشير لوجود عشرة آلاف سيارة للكسح بكل المحافظات، 95 في المئة منها في القاهرة، بينما هناك عربة واحدة بمحافظة سوهاج.
وعلل المسؤولون استمرار وجود برك المياه بالشوارع وارتفاع منسوبها بانقطاع التيار الكهربائي اللازم لتشغيل محطات
الصرف الصحي لشفط تلك المياه بالشوارع.
وتشير البيانات الرسمية لوجود 398 محطة للصرف الصحي بأنحاء المحافظات، تصل قدراتها التصميمية إلى 13.3 مليون متر مكعب في اليوم، بينما تصل القدرة الفعلية للمحطات في حزيران/ يونيو 2016 إلى نحو 10.5 مليون متر مكعب، بنسبة 78 في المئة من القدرة التصميمية.
حرمان الصعيد من الصرف
إلا أن توزيع تلك القدرة الفعلية لمحطات الصرف الصحي يشير لخلل واضح في قلة القدرات بمحافظات الجنوب كثيفة السكان، بينما تزيد الطاقة للمحطات الموجودة بالمحافظات الحضرية قليلة السكان.
فمحافظة السويس الحضرية التي يصل سكانها إلى 728 ألف نسمة، تصل القدرة الفعلية لمحطات الصرف فيها إلى 249 ألف متر مكعب في اليوم، بينما تقل قدرات محافظات كل محافظات الصعيد عن ذلك، رغم ارتفاع عدد سكانها. فمحافظة المنيا التي يسكن فيها 5.5 مليون شخص؛ قدرات محطاتها لا تزيد عن 132 ألف متر مكعب في اليوم.. ومحافظة سوهاج، وفيها خمسة ملايين شخص، قدرات محطاتها لا تتجاوز 110 ألف متر مكعب في اليوم، وفي قنا محطات بطاقة 116 ألف متر مكعب في اليوم مع سكان يبلغ عددهم 3.2 مليون شخص فيها، وبني سويف بنفس الطاقة مع نفس عدد سكان قنا تقريبا.
وكشف التعداد الأخير للسكان والظروف السكنية لمصر، والذي تم العام الماضي، عن نتائج مفزعة في ما يخص نسب اتصال الأسر المصرية بالصرف الصحي، خاصة بمحافظات الجنوب وبالريف، فإذا كان المتوسط الإجمالي للبلاد يصل إلى 56 في المئة من الأسر لديهم اتصال بالشبكة الرئيسة للصرف الصحي، فإن تلك النسبة تصل إلى 11.5 في المئة فقط من أسر محافظة شمال سيناء، و15.5 في المئة من أسر قنا، و20 في المئة في محافظتي مرسى مطروح وأسيوط، و21 في المئة في المنيا، و22 في المئة بسوهاج، و25 في المئة بالأقصر السياحية، و31 في المئة بالبحيرة، و35 في المئة ببني سويف.
تراجع الخدمة ببعض المحافظات
والغريب أن جهاز الإحصاء الرسمي قد قارن بين نسب اتصال الأسر بالمحافظات بالشبكة الرئيسية للصرف الصحي ما بين تعدادي عام 2006 وتعداد العام الماضي، لتسفر المقارنة عن تراجع نسب اتصال الأسر بالصرف العام الماضي؛ عما كانت عليه عام 2006 ببعض المحافظات.
ففى شمال سيناء، كانت نسبة اتصال الأسر بالصرف الصحي 40 في المئة عام 2006، لكنها تراجعت إلى 11.5 في المئة العام الماضي، وبالأقصر كانت 36 في المئة، وتراجعت لأقل من 25 في المئة، وتراجعت النسبة بمرسى مطروح.
وكانت وزارة الدكتور هشام قنديل في آب/ أغسطس 2012 خلال تولي الرئيس محمد مرسي، قد شهدت إيجاد وزارة لمرافق مياه الشرب والصرف الصحي، فصلا عن وزارة الإسكان والمرافق، واستمرت الوزارة أقل من عام حتى تم إلغاؤها مع وزارة حازم الببلاوي في تموز/ يوليو 2013 وعودة المرافق لوزارة الإسكان مرة أخرى.
وفي العام المالي الحالي (2017/2018)، رصدت الحكومة لقطاع الإسكان والمرافق 57 مليار جنيه، بنقص 22 مليار جنيه عن العام المالي السابق، وكان نصيب مياه الشرب والصرف الصحي معا منها 12.4 مليار جنيه، تمثل نسبة 22 في المئة من مخصصات الإسكان والمرافق.
وبعد اقتطاع الأجور ومستلزمات العمل الحكومي، يتبقى لاستثمارات مياه الشرب والصرف الصحي معا 11.7 مليار جنيه، غير كافية للتوسع بمشروعات المياه والصرف الصحي، خاصة مع كبر حجم المشكلة بالصرف الصحي، وارتفاع تكلفة المعدات وقطع الغيار المستوردة في ضوء التراجع الحاد لسعر صرف الجنيه المصري.
ولهذا لجأت وزارة الاسكان والمرافق إلى الاقتراض من البنك الدولي لتنفيذ مشروع لإمداد القرى بالصرف الصحي، والذي تهدف مرحلته الأولى لتغطية 155 قرية ملوثة لترعة السلام بثلاث محافظات، هي الشرقية والدقهلية والبحيرة، بتكلفة 550 مليون دولار.