هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال عبد الله الداوود رئيس مجلس إدارة شركة الترفيه للتطوير والاستثمار السعودية، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة إن شركته تخطط لتأسيس نحو 20 مركزا للترفيه، تتراوح مساحة كل منها بين 50 إلى 100 ألف متر مربع، في 14 أو 15 مدينة من مدن المملكة.
وأضاف الداوود لوكالة رويترز على هامش مؤتمر عقد في مدينة جدة مؤخرا: "نحتاج لتحفيز الاستثمار من القطاع الخاص، لذا تمسك الحكومة بزمام القيادة في هذا الشأن".
ووفقا لمراقبين فإن تلك التوجهات الرسمية تأتي في سياق التحولات التي تشهدها المملكة العربية السعودية التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، بهدف تنويع موارد الاقتصاد وعدم الاقتصار على النفط، استرشادا بالنموذج الإماراتي.
"البشت الديني"
لكن تلك التوجهات تثير مخاوف قوى وشخصيات دينية محافظة تصفها بمثابة "انقلاب على ماضي الدولة السعودية وأعرافها، وأسس مشروعيتها" بحسب الأكاديمي الشرعي السعودي، سعيد بن ناصر الغامدي.
ورأى الغامدي في حديثه لـ"عربي21" أن "الأمر لم يعد خفيا أو خاضعا للاستنتاجات والتحليلات، فتصريحات ولي العهد، ووقائع المناشط والتصرفات تؤكد أن ما تم الاتفاق عليه مع الإمارات في خلوة العزم وقبلها وبعدها هو المتبع في السعودية على مستويات عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية".
وأضاف: "هذا واضح وعلني لا التباس فيه، لكن الجدل يدور حول ما إذا كانت الإمارات هي التي تقود هذه التصرفات، أم إنها اكتفت بالمشورة والاقتراح والمساندة".
وعن طبيعة التحولات في بعدها الديني، توقع الغامدي "الإبقاء على (البشت الديني) ليواري اللباس الجديد المستعار، لحاجة في نفس السياسي الكبير، ولكن التحلل من الضوابط الشرعية وأهلها من العلماء وغيرهم سوف يستمر بطرق مختلفة، لعل من أفضلها عندهم ظهور شخصيات دينية تضفي على ما يجري من تحولات غطاء من السلوفان، على غرار من جاؤوا به في بطولة البلوت".
"توظيف الدين"
من جهته يرى المعارض السعودي، والناشط الحقوقي، يحيى العسيري أن "ثمة محاولات لتقليد بعض الخطوات التي سبقت إليها الإمارات العربية من قبل، كحرية المتعة أو الفرحة، والمتجهة إلى إنشاء دور للسينما، وإقامة حفلات غنائية، وما إلى ذلك".
أضاف: "لكن السعودية ستواجه صعوبة بالغة في تطبيق ذلك، لأن كلا من الإمارات وقطر تغريان شعبيهما بالمادة، ما ينتج عنه حالة من الرضا المعيشي إلى حد كبير، الأمر الذي لم تستطع الدولة السعودية توفيره للمواطنين السعوديين"، على حد قوله.
وتابع العسيري في حديثه لـ"عربي21": "لا يستطيع محمد بن سلمان أن يفعل ما تفعله دولة الإمارات أو قطر لشعبيهما، لاستشراء الفساد الكبير في السعودية، الذي لا يمكن مقارنته بغيره من جهة، وعدم رغبة ولي العهد في التنازل عن بعض الثروة لصالح المواطنين من جهة أخرى".
ولفت إلى أن السلطة السعودية "لم تكن متدينة من قبل، لكنها كانت توظف الدين وتستثمره لصالحها، وكانت تسكت شعبها بالدين، وهو ما لم يعد متاحا في ظل التحولات الجديدة، بعد أن تم إضعاف المؤسسة الدينية ورجالاتها، وبات الشباب يتهكمون على فتاوى هيئة كبار العلماء، بعد أن كانت فتاويهم مقدرة وتلعب دورا أساسيا ومؤثرا في تمرير سياسات الدولة وقراراتها".
وأنهى الناشط الحقوقي السعودي حديثه بالقول: "كنا سابقا حينما نسمع فتوى من هيئة كبار العلماء نحترمها ونلتزم بها، أما الآن فقد باتت فتاوى المفتي عبد العزيز آل الشيخ، أو فتاوى الشيخ صالح الفوزان محل تهكم وسخرية في أوساط الشباب"، مبينا أنه "لم يعد بمقدور ابن سلمان استثمار الدين وتوظيفه لصالح سياساته كما كانت السلطة السعودية من قبل".
"تضخيم للأمور"
بدوره قال أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله بجامعة أم القرى السعودية، محمد السعيدي إن "السعودية لديها نظام أساسي للحكم، ولن تخرج عنه، وسوف تبقى دولة دستورها الكتاب والسنة"، لافتا إلى أن "مظاهر الانفتاح التي وقعت في السعودية مؤخرا ليس فيها خروج عن هذا المبدأ".
وإجابة على سؤال "عربي21"، هل مظاهر الانفتاح تلك حظيت بموافقة هيئة كبار العلماء؟ أوضح السعيدي أنها "غير ملتزمة بفتاوى المؤسسة العلمية الرسمية، لكنها موافقة لفتاوى علماء آخرين في السعودية من خارج المؤسسة الرسمية، ولكثير من علماء الأزهر وغيرهم".
وأكدَّ أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله أنه "مع ما عليه هيئة كبار العلماء بهذا الخصوص"، مستبعدا تغيير رأيه في المنظور القريب على الأقل"، مبديا تحفظه الشديد على ما قال إنه "تضخيم الأمر ووصفه بالخروج عن النهج الإسلامي العام للمملكة".
وطبقا للسعيدي فإن "المدن الترفيهية لا بأس بها إذا ما التزمت بعدم وجود المحرمات المتفق عليها، كالخمر والمراقص، وهذا ما صرح به ولي العهد ولله الحمد"، مستدركا: "نعم قد توجد تجاوزات وأخطاء تفرضها ظروف هذا الانفتاح المفاجئ لكنها ستزول، وتعود الأمور إلى ما ينبغي أن تكون عليه بحول الله".
وتعليقا على ما يقال حول متابعة السعودية للإمارات في هذا الشأن، لفت السعيدي إلى "وجود فروق كبيرة بين رؤية الدولتين، فالسعودية تعمل على تقليص العمالة الوافدة، والإمارات لا زالت تشجعها، والإمارات تسعى لجذب المال الأجنبي، بينما تسعى السعودية لتوطين المال السعودي، إلا إن نقطة الاتفاق بين الدولتين هي سعي كل منهما للنهضة بكل مقوماتها".
يُشار إلى أن "شركة الترفيه للتطوير والاستثمار ستقود المشروعات الرئيسية في قطاع الترفيه، بتمويل مبدئي قيمته عشرة مليارات ريال (2.7 مليار دولار)، من صندوق الاستثمارات العامة، وأن الشركة تعقد النية على أن تكون كل مشروعاتها ذات جدوى تجارية" بحسب رئيس مجلس إدارتها عبد الله الداوود.