هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع قرب دخولها الشهر الثالث، تواصل مسيرات العودة وكسر الحصار في قطاع غزة فاعليتها المختلفة، حيث حققت الكثير من الإنجازات لصالح القضية الفلسطينية، لكنها لم تخل من النواقص التي تحتاج إلى معالجة، وفق توضيح مختصين في الشأن الفلسطيني.
وتتواصل فعاليات مسيرات العودة التي انطلقت في قطاع
غزة يوم 30 آذار/ مارس الماضي تزامنا مع ذكرى "يوم الأرض"، حيث تم تدشين
العديد من المخيمات على مقربة من الخط العازل الذي يفصل القطاع عن باقي الأراضي
الفلسطينية المحتلة.
وأطلقت الهيئة الوطنية العليا، على الجمعة التاسعة
لمسيرات اسم "جمعة مستمرون رغم الحصار"، ودعت جماهير الشعب الفلسطيني
إلى المشاركة في الفعاليات التي ستقام في المخيمات، في حين أدى قمع قوات الاحتلال
الدموي إلى استشهاد 120 فلسطينيا وإصابة أكثر من 13 ألف آخرين بجروح مختلفة بينهم
330 في حالة الخطر.
اقرأ أيضا: دعوات لـ"جمعة مستمرون" في غزة وارتفاع حصلية الشهداء لـ120
وأكد الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، أن
"مسيرات العودة أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية، ووضعتها على الأجندة
الدولية والإقليمية، التي تمثلت في 4 جلسات بمجلس الأمن، وقرار بمجلس حقوق
الإنسان، إضافة لذهاب السلطة الفلسطينية لمحكمة الجنايات الدولية".
وأضاف الدجني في حديثه لـ"عربي21": "أما
في البعد الإقليمي، عقد قمة عربية على مستوى وزراء الخارجية، وعقد قمة لمنظمة
التعاون الإسلامي في اسطنبول".
وأشار الدجني، إلى اهتمام مختلف وسائل الإعلام في
العالم بالقضية الفلسطينية، وحضورها في المكاتب الإعلامية وعلى صدر صفحات الصحف
الدولية والإقليمية، وفي مقدمة البرامج والنشرات الإخبارية على القنوات الفضائية،
مؤكدا أنه "حققت الكثير من الأهداف على المستوى السياسي".
إفشال الصفقة
وأما فيما يتعلق بالمستوى الداخلي، فقد "أعادت
للوعي الجمعي الفلسطيني بأن العودة حق، وأن الشعب الفلسطيني قادر على إفشال صفقة
القرن، وقادر على تحقيق المزيد بخصوص المبادرات السياسية، والمساعدات وفتح معبر
رفح البري"، وفق الكاتب الذي لفت إلى أن هذه المسيرات "أربكت حسابات إسرائيل
التي تقوم على ركيزتي؛ الأمن والشريعة، التي تم المساس بهما".
ونوه إلى أن "إسرائيل تنظر لهذه المسيرات على
أنها تهديد وجودي لها، لذا كان الفض الخشن (الدموي) للتظاهرات الشعبية، كان هو
السمة الأبرز للتعاطي الإسرائيلي مع المتظاهرين في مناطق قطاع غزة المحاصر كافة".
وذكر الدجني، أن "أي عمل يحتمل الصواب والخطأ،
وعملية التقييم هي أمر صحي، لافتا أن من بين الأمور التي تؤخذ على مسيرات العودة، حجم
الخسائر البشرية الكبيرة يوم 14 أيار/ مايو
الماضي، ويجب أن يقيم حتى لا نخسر كثيرا، مشددا على أهمية "تعزيز المكاسب
السياسية الإعلامية، وتقليل الخسائر البشرية"، حيث ارتكبت قوات الاحتلال في
هذا اليوم الذي أطلق عليها مسيرة العودة المليونية مجزرة أسفرت عن استشهاد 63
فلسطينيا.
ولفت إلى أهمية أن "لا يتصدر فصيل بعينه صورة
الأحداث"، منتقدا ذهاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إلى
القاهرة في 13أيار/ مايو الماضي "غير متسلح بأي من أعضاء الهيئة الوطنية
العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار".
وقال الدجني: "كان ينبغي أن تمثل هذه الهيئة
بشخص على أقل تقدير، كي لا تمارس الضغوط على فصيل بعينه؛ لأن هذا عمل وطني يشارك
فيه الجميع"، مضيفا أن "من بين الأمور التي تؤخذ أيضا على مسيرة العودة،
عدم قدرتها على نقل هذا النموذج النضالي الشعبي، إلى الضفة الغربية والقدس والخارج
بشكل كبير".
طريق مسدود
وشدد على ضرورة أن "يكون هناك إعادة تقييم
لأسباب فشل نقل هذه التجربة، والوقوف على أهم الأسباب ومعرفة الفرص المتاحة، لأن
نقلها يربك ويستنزف جيش الاحتلال، الذي استخدم 20 بالمئة من قوات النظامية مع
غزة"، متسائلا: "فكيف إذا نقل هذا الحراك الشعبي بشكل قوي إلى الضفة
والقدس؟".
من جانبه، أوضح الكاتب والباحث السياسي، منصور أبو
كريم، أن مسيرات العودة، وهي شكل من أشكال النضال الوطني، "انطلقت بعدما وصل
الكل الفلسطيني لطريق مسدود، ووصلت أيضا عملية السلام لطريق مسدود، إضافة لتردي
الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في القطاع".
ولفت أبو كريم في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن
مسيرات العودة التي كانت بمنزلة "عرس وطني شارك فيه الكل الفلسطيني، حملت عدة
رسائل، تتعلق برفض الموقف الأمريكي بشأن القدس، ورفض الانقسام والاحتلال واستمرار الواقع المتردي في غزة، إضافة
لتمسك الفلسطينيين بحق العودة، ونجحت المسيرة في إيصال رسائلها بكل قوة".
اقرأ أيضا: هذه حركة الأفراد والبضائع على معبر رفح منذ فتحه استثنائيا
ورأى أبو كريم، أن مسيرات العودة "بدأت تتراجع،
عقب محاولة حماس الصعود على ظهرها وتحويل مسارها؛ من عمل وطني جامع لعمل حزبي ضيق؛
يساهم في إخراجها من مأزقها عقب تعطل المصالحة"، مضيقا: "لقد سهل هذا
على إسرائيل الهجوم عليها باعتبارها جزءا من سياسية حماس وليس عملا شعبيا"،
وفق قوله.
وتابع: "كما سهل على بعض الأطراف الدولية
والإقليمية ممارسة الضغط على حماس لوقفها أو الحد منها؛ وهذا ما حصل عقب زيارة
وفدها للقاهرة"، علما بأن حماس نفت تعرض وفدها لأي ضغوط من الجانب المصري.
وردا على سؤال، حول موقف حركة "فتح"
المتذبذب تجاه المشاركة في مسيرات العودة، لفت الكاتب إلى أن "فتح لم تكن
متشجعة للمشاركة منذ البداية وكانت مترددة لعدة اعتبارات، أهمها حالة التجاذب
السياسي في موضوع المصالحة".
واستدرك قائلا: "لكنها شاركت على قاعدة العمل
الوطني الجامع، ومع تحول هدف المسيرات؛ من العودة لكسر الحصار انسحبت بهدوء من
المشهد، وتركت المجال لعناصرها للمشاركة بصورة شخصية"، بحسب تعبيره.