هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حين بدأت الثورة التونسية منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2010، وصولا إلى هرب الرئيس زين العابدين بن علي ليلة الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير 2011 وحتى بعد ذلك، ظلت وسائل الإعلام المصرية الرسمية تردد أسطوانة "مصر ليست تونس"، بزعم أن مصر دولة كبيرة ومستقرة، وليس فيها قمع كالحاصل في تونس، وليس فيها مواطنون يحرقون أنفسهم بسبب ضيق العيش كما فعل البوعزيزي!! لكن هذه الدعاية الإعلامية الممجوجة لم تكن مقنعة للكثيرين، خاصة جيل الشباب الذي شعر بـ"غيرة" كبيرة من نظرائه التوانسة، مرددا: "لسنا أقل منهم". وبالفعل انطلقت أول دعوة علنية للثورة في مصر يوم 14 كانون الثاني/ يناير، وهو اليوم الذي هرب فيه ابن علي بعد أن قال كلمته المشهورة في خطابه الأخير: "فهمتكم". وقد انطلقت الدعوة للثورة في مصر عبر صفحة "خالد سعيد"، الشاب المصري الذي قتلته الشرطة ولفقت قضية الانتحار بابتلاع لفافة هيروين! ولاقت الدعوة تفاعلا واسعا من الشباب، وكان ما كان بعد ذلك، ليثبت هؤلاء الشباب أن مصر مثل تونس، تشابهت المقدمات وتشابهت النتائج.
ما أشبه الليلة بالبارحة، فحين هب الأردنيون ضد قرارات رفع أسعار الوقود، وتدخل الملك عبد الله بن الحسين لوقف تلك القرارات، وهو ما اعتبر انتصارا مرحليا للحراك الشعبي شجعه على التقدم خطوة أخرى للمطالبة بإلغاء مشروع قانون ضريبة الدخل الجديدة، ووصلت الهتافات إلى المطالبة بإسقاط الحكومة، ثارت المقارنات مجددا بين الحالتين المصرية والأردنية، واحتمال انتقال العدوى.
في الأردن عللت الحكومة رفع أسعار الوقود والسعي لتعديل ضريبة الدخل بأنهما ضرورتان للحصول على قروض دولية من صندوق النقد الدولي. والغريب أن رفع الأسعار للمحروقات في الأردن تراوح بين 3 في المئة و5 في المئة فقط، ومع ذلك تحرك المواطنون استجابة لدعوات نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ونقابات مهنية وعمالية وحركات سياسية.
وقد استجاب الملك لهذه الاحتجاجات، وأوعز للحكومة بوقف تلك الزيادات. وقد شجع ذلك المواطنين للاحتجاج مجددا على مشروع قانون الضريبة على الدخل، ورفعوا في اعتصاماتهم وتظاهراتهم في العديد من الأماكن شعار "معناش"، أي لم يعد لدينا ما ندفعه، كما تطور الأمر إلى ترديد هتافات الربيع العربي مثل: "الشعب يريد إسقاط الحكومة"، و"ارحل". والمقصود هو رئيس الوزراء، وليس الملك الذي لا يزال يعتبره الأردنيون صمام أمان في وسط بيئة إقليمية متوترة ومخاطر تحيط بالمملكة.
من المحتمل أن يضحي الملك بهذه الحكومة التي اتخذت هذه القرارات، وسيعد ذلك نجاحا كبيرا للإرادة الشعبية
يمكن للنقابات المهنية والعمالية في مصر أن تقوم بالدور ذاته، في ظل موات كامل للحياة الحزبية المصرية، فهذه النقابات تمثل ملايين المصريين المتضررين
هل يكسر المصريون حواجز الخوف التي صنعتها سلطة القمع العسكري عليهم، ليواجهوا سياسات الإفقار والتجويع التي تفتك بهم؟
لشركات التي تخضع للمقاطعة، واضطرت للتخلص من بعض ألبانها أو مياهها التي فسدت.. فهل يكسر المصريون حواجز الخوف التي صنعتها سلطة القمع العسكري عليهم، ليواجهوا سياسات الإفقار والتجويع التي تفتك بهم؟ وهل تغتنم قوى المعارضة المصرية والنقابات المهنية والعمالية ونشطاء فيسبوك وتويتر هذه الفرصة لقيادة ذلك الغضب الشعبي؟