هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت المحررة في صحيفة "فايننشال تايمز" رولا خلف، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، لكنه يسيطر على وتيرة الإصلاح.
وتقول خلف: "قامت النساء في العديد من دول العالم الإسلامي ومنذ عقود بقيادة السيارات، وتمشين في المتنزهات، أو بالانتقال من رصيف إلى آخر، لكن عندما حصل هذا الأمر في السعودية فإنه نظر إليه على أنه (ثورة مصغرة)، واكتسب هذا القرار تغطية واهتماما إعلاميا عالميا، واحتفاء بالرجل الذي منحهن هذا الإذن: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الأمير والحاكم الفعلي للمملكة".
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "السعودية كانت لغاية 24 حزيران/ يونيو الدولة الوحيدة على وجه الأرض التي تحظر على النساء قيادة السيارة، مستخدمة مبررات (سخيفة)، مثل أن المرأة هي في موقع متدن بالنسبة للرجل، مع أن قيادة السيارة لم تكن على رأس قائمة مطالب المرأة، فهناك الكثير من الأمور الملحة والتمييزية التي تحتاج إليها المرأة، إلا أن موضوع القيادة أصبح رمزا على اضطهاد المرأة ورجعية المملكة العربية السعودية".
وتجد خلف أن "منافع قيادة السيارة بالنسبة للمرأة السعودية واضحة وطال انتظارها، إذ إن حرية التنقل هي أساس الحريات، وستجد المرأة فرصة للالتحاق بسوق العمل (حيث لا تتعدى نسبة المشاركات في السوق الـ22%)، وكذلك توفير مبالغ كبيرة كن يدفعنها للسائقين".
وتقول الكاتبة: "أما المنافع التي سيجنيها الأمير محمد فستكون ضخمة، فالصور التي تناقلتها وسائل الإعلام للسعوديات خلف مقود سياراتهن تعزز صورة ولي العهد السعودي بصفته (مصلحا)، أكثر بكثير مما قد تفعله الأموال الهائلة السنوية التي ترصدها الحكومة السعودية في مجال العلاقات العامة".
وترى خلف أن "هذه الصور تجسد التحولات الاجتماعية الجارية في واحدة من أكثر الدول محافظة في العالم، فالنساء اللاتي يقدن السيارة لا تغطي الكثيرات منهن وجوههن، وهو أمر جديد في السعودية، وستعمل المرأة في وقت قريب في سيارات أجرة، وتنقل زبائن بطريقة علنية، وتنقلهم إلى دور السينما والحفلات الموسيقية، التي كانت حتى وقت قريب من المحرمات".
وتستدرك الكاتبة بأن "الظروف التي رافقت رفع الحظر عن قيادة السيارة تلخص المناخ الذي يتم التحكم فيه، حيث تتم فيه هندسة التغيير الاجتماعي، فليست كل النساء السعوديات سيقدن السيارة، خاصة الناشطة السعودية الشابة لجين الهذلول، التي كافحت من أجل الحصول على هذا الحق".
وتلفت خلف إلى أنه "تم اعتقال الهذلول قبل أسابيع من البدء بتطبيق القرار، مع عدد من الناشطات اللاتي تحدين السلطات في الماضي وقدن السيارة في الشوارع العامة، والهذلول متهمة بتهمة غامضة، وهي التعاون مع (الأعداء في الخارج)، وعندما عبرت ناشطتان عن دعم للمعتقلات فإنه تم اعتقالهما".
وتذهب الكاتبة إلى أن "الاعتقالات حملت سلسلة من الرسائل، واحدة منها أن لا بطل في السعودية إلا محمد بن سلمان، أما الثانية فهي أن المجتمع المدني لا دور له في التحولات الاجتماعية في المملكة، فللنساء الحرية في قيادة السيارة، أما التعبير عن أنفسهن أو المطالبة بمطالب فلا".
وتقول خلف: "كما كشفت سلسلة الاعتقالات منذ العام الماضي، للدعاة والكتاب ورجال الأعمال والناشطين، فإن التغيير في السعودية يبدأ من الأعلى، وفي كل خطوة للتحديث هناك من سينتفع ومن تتم التضحية به. وكما يكشف تاريخ التطرف في الشرق الأوسط، فإن الأيديولوجية الدينية والقمع السياسي يؤديان إلى ميول الشباب للتطرف، فالسعودية تعالج موضوعا واحدا وتفاقم موضوعا آخر".
وتنوه الكاتبة إلى أن "معظم العالم يتجاهل القمع، ولم يكن هناك نقد لولي العهد، وكان التخلي عن المجتمع المدني من أجل تحقيق هدف تخليص السعودية من سطوة رجال الدين ثمنا يستحق الدفع، وما يهم لحلفاء السعوديين هو أن تتخلص السعودية، مهد الإسلام وأكبر مصدر للنفط، من الأيديولوجية المتعصبة".
وتعتقد خلف أنه "بالنسبة للمرأة ،فإن قيادة السيارة هي بداية الطريق لتقوية وضعها، والأهم هو إلغاء قانون الولاية، الذي يطلب من المرأة الحصول على إذن الولي -الزوج أو الأب أو الأخ أو العم- في أي قرار يتعلق بحياتها، مثل الزواج أو السفر أو التعليم والعلاج".
وتختم خلف مقالها بالقول إن "الهذلول والناشطات الأخريات كن يقمن بحملة توعية بشأن قانون الولاية قبل اعتقالهن، ومن هنا فإن إلغاء بقية القيود على المرأة السعودية مرتبط بقرار محمد بن سلمان، وليس المرأة بالتاكيد".