هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جددت السلطة الفلسطينية ترحيبها بمبادرة السلام التي عرضتها الصين العام الماضي، في ظل إصرار السلطة على رفض القبول بأي وساطة أمريكية أحادية الرعاية، للعودة للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.
وأثنى مستشار الرئيس للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية نبيل شعت، على المبادرة بقوله إن القيادة الفلسطينية "ترحب بالمبادرة الصينية التي من المرجح أن تفتح الطريق أمام حل دولي متعدد الأطراف، معربا عن اعتقاده بأنها ستشكل بديلا لما يسمى بصفقة القرن التي انهارت عمليا بسبب الرفض الفلسطيني لها".
بنود المبادرة الصينية
وتتضمن المبادرة التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في آب/ أغسطس الماضي عدة نقاط أساسية هي: تعزيز حل الدولتين على أساس حدود 1967 مع بقاء القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية جديدة، ودعم مفهوم الأمن المشترك والتعاون المستدام الذي يقضي بوقف الأعمال الأحادية بما فيها بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
كذلك شملت المبادرة "اتخاذ تدابير فورية لمنع العنف ضد المدنيين، والاستئناف المبكر لمحادثات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بما يتضمن تعزيز السلام المشترك بينهم".
اقرأ أيضا : واشنطن بعثت لعبّاس مبادرة سلام معدّلة عبر دولتين.. كيف رد؟
ويأتي الإعلان عن عودة المبادرة لطاولة البحث، بعد أيام من إعلان الصين دعمها للسلطة بمبلغ 10 ملايين دولار، وهو ما اعتبر تحديا للجهود الإسرائيلية التي نجحت في إقناع كل من الولايات المتحدة وأستراليا على وقف مخصصاتهما للسلطة بحجة تمويلها لرواتب الأسرى والشهداء، في وقت أبدى فيه الاتحاد الأوروبي تحركا مشابها للموقف الإسرائيلي حيث من المقرر وصول عدد من المبعوثين الأوروبيين إلى رام الله لمناقشة مسار الأموال التي يقدمها الاتحاد للفلسطينيين.
الخوف من الضغوط الأمريكية
بدوره أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، أن "القيادة الفلسطينية ترحب بأي مبادرة سياسية لا تكون الولايات المتحدة طرفا فيها، كونها لم تعد طرفا نزيها بسبب انحيازها الواضح للجانب الإسرائيلي، كما أن العلاقات بين السلطة والصين تعتبر مثالية لقيادة الأخيرة لدور الوسيط في عملية السلام".
وأضاف أبو يوسف في حديث لـ"عربي21" أن "نقاط المبادرة الصينية تنسجم مع الشروط التي حددتها السلطة للعودة للمفاوضات"، مشيرا إلى أن "الرئيس محمود عباس عرض هذه المبادرة على عدد من زعماء دول العالم أبرزها الأردن والسعودية ودول أمريكا اللاتينية ولكن لا يمكن الجزم حتى هذه اللحظة بقبول هذه الدول المبادرة بسبب المخاوف من الضغوط الأمريكية التي تمارس عليها".
وكشف أبو يوسف عن خيار السلطة لإنجاح هذه المبادرة، قائلا: "نحن ننتظر أن تبدي دول العالم موقفا إيجابيا لدعم هذه المبادرة، وفي حال لم يتم تحقيق ذلك سنتوجه للجمعية العامة في الأمم المتحدة لتتبني المبادرة الصينية واعتبارها خطة خارطة طريق جديدة لعملية السلام".
اقرا أيضا : هآرتس: هذه آخر تطورات خطة ترامب..ناقشها كوشنر وابن سلمان
وتبدي الصين في السنوات الأخيرة اهتماما واضحا في لعب دور مؤثر في ملف القضية الفلسطينية، حيث قدمت عشرات المنح الدراسية للطلاب الفلسطينيين، كما خفضت الصين أسعار التأشيرات السياحية للدخول إليها من 500 لأقل من 150 دولارا، بالإضافة للعب الشركات الصينية دورا هاما في تأسيس عدد من مشروعات البنى التحتية من أبرزها مشروع مدينة روابي غرب رام الله.
وعلى جانب آخر أعربت الصين في وقت سابق عن استعدادها لإرسال 20 ألف عامل للعمل في المستوطنات الإسرائيلية في حال قررت الأخيرة الاستغناء عن العمال الفلسطينيين في أعقاب توتر العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحديدا في العام 2015.
مكاسب سياسية واقتصادية
وفي سياق متصل رأى أستاذ العلوم السياسية، رائد نعيرات، في حديث لـ"عربي21" أن "إطلاق الصين لهذه المبادرة السياسية يأتي في سياق ملء الفراغ السياسي الذي تركته الولايات المتحدة في تخليها عن قيادة مشروع التسوية خصوصا مع إبداء القيادة الفلسطينية رغبة حقيقية بدخول رعاة جدد لعملية السلام بشرط ألا تكون الولايات المتحدة طرفا فيها، وفي ظل هذه الظروف تحاول الصين أن تنتهز الفرصة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على المدى البعيد".
ولفت إلى أن هذه المكاسب تتمثل بإظهار الصين كدولة لها وزنها السياسي في الصراع الفلسطيني_ الإسرائيلي والذي قد يكون مقدمة لتدخل الصين في صراعات مماثلة وتحديدا في سوريا واليمن، وما يمكن أن يترتب عليه من فتح مجالات اقتصادية كعمليات الإعمار وغيرها.
وفي سياق متصل رجح الدبلوماسي الفلسطيني، محمود العجرمي، فشل المبادرة الصينية في تحقيق أهدافها استنادا "لرفض إسرائيل دخول دول أخرى غير الولايات المتحدة الأمريكية لرعاية عملية السلام، وكما هو معروف فلا يمكن الحكم على نجاح أي مبادرة سياسية لا ترضى بقبول من الطرف الآخر".
وأضاف العجرمي في حديث لـ"عربي21" أن تشبث السلطة الفلسطينية بهذه المبادرة يأتي في سياق تبنيها لورقة ضغط على إسرائيل، بالإضافة لإظهار إسرائيل أمام المجتمع الدولي بأنها دولة لا ترغب بالوصول لتسوية سياسية ترضي الطرفين.