هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، السبت، تقريرا تحدث فيه عن الدور الذي تلعبه الإمارات في تقويض الاستقرار وتعميق الانقسامات في اليمن، إلى جانب ارتكاب العديد من الانتهاكات، سعيا لتحقيق أهدافها الفردية؛ متجاهلة الأهداف التي وضعتها حليفتها السعودية عند تشكيلها للتحالف العسكري في اليمن.
وقال الموقع، في تقريره للصحفي جوناثان فنتون هارفي، ترجمته "عربي21"، إن السعودية غالبا ما تتلقى الجزء الأكبر من الانتقادات واللوم، حول الأزمة التي يغرق فيها اليمن، في ظل استمرار عمليات القصف المدمرة التي ينفذها التحالف العربي. ولكن أصابع الاتهام بدأت تتجه نحو دولة الإمارات العربية المتحدة، بسبب ممارساتها في اليمن.
وذكر أنه منذ انطلاق عمليات التحالف، الذي تقوده السعودية ضد اليمن، في آذار/ مارس من سنة 2015، لعبت أبو ظبي دورا محوريا في هذه الحرب. وقد كان هدف الرياض إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى منصبه، والقضاء على التمرد الحوثي. ولكن يبدو أنه لأبو ظبي أهداف مغايرة، حيث وجهت أنظارها نحو الجنوب، وعمدت إلى تدريب أجهزة أمنية تخدم طموحاتها الجيوسياسية.
اقرأ أيضا: الإمارات ترضخ لشروط قائد حماية منشأة لتصدير الغاز باليمن
وأكد الموقع أن الأهداف طويلة المدى التي رسمتها الإمارات باتت واضحة لكل المتابعين لهذا الملف، وهي تقسيم اليمن وخلق دولة في الجنوب حليفة لها. وبذلك، ستتمكن الإمارات من تأمين خطوط التجارة عبر ميناء عدن نحو باقي أنحاء العالم، إلى جانب استغلال الموارد الطبيعية في اليمن، وبسط الهيمنة على المنطقة.
وأورد أن النظام الإماراتي يركز على تقديم نفسه كقوة تسعى لفرض الاستقرار في البلاد من أجل تبرير حضوره في اليمن. وغالبا ما تعمل أبو ظبي على تضخيم عمل المنظمات الإغاثية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها في اليمن، وتنفي في المقابل التقارير التي تؤكد ضلوعها في عمليات اعتقال غير قانونية، معتبرة أن هذه التقارير ليست إلا "أخبارا زائفة".
ووراء قناع التطوع والعمل الخيري الذي تتخفى وراءه الإمارات، هناك أدلة متزايدة حول الدور السلبي الذي تلعبه في اليمن. فقد أكدت العديد من المنظمات الإنسانية تورط الإمارات في ممارسة التعذيب، إلى جانب ارتكاب انتهاكات أخرى داخل السجون التي تديرها مليشيات تابعة لها جنوب اليمن.
وأضاف الموقع أن وكالة "أسوشيتد برس" عرضت تقريرا خلال الشهر الماضي، حول استخدام الإمارات للاعتداءات الجنسية كوسيلة لتحطيم السجناء وإذلالهم. كما تحدثت منظمة العفو الدولية في عدة مناسبات عن هذه الممارسات، إلى جانب تسليط الضوء على مسألة الاختفاء القسري.
وأوضح أن الإمارات تعتمد هذه الأساليب من أجل القضاء على القوى المعارضة لها في الجنوب، وبالتوازي مع ذلك، يؤكد العديد من المراقبين الدوليين أن أبو ظبي لديها طموحات إقليمية ستسعى لتحقيقها متجاهلة كل الاعتبارات الإنسانية.
وذكر الموقع أن ممارسات الإمارات التي تدعي أنها تندرج ضمن جهود فرض الاستقرار، أدت إلى تعميق الانقسامات الداخلية في اليمن. ففي الواقع، تدعم أبو ظبي القوى الانفصالية في الجنوب، إلى جانب العديد من المليشيات المسلحة التي تحارب بالوكالة، وهو ما عمق التوترات في هذا البلد الممزق أصلا.
ونوه إلى أن الدعم الإماراتي للقوى الانفصالية في الجنوب أفشل كل محاولات خلق الوحدة اليمنية، بما أن أبو ظبي تدعم مجموعات مختلفة مثل قوات النخبة الحضرمية، التي تريد انفصال حضرموت عوضا عن توحيد الجنوب، وارتكبت العديد من الانتهاكات مثل الاعتقالات العشوائية.
ونقل الموقع ما أشارت إليه الباحثة هيلين لاكنر في كتابها "اليمن في أزمة"، حيث بينت أن الخلافات بين الإمارات والسعودية مثلت مشكلا آخر في الحرب الدائرة في اليمن. وفي حين دعمت الرياض حزب الإصلاح، الذي يمثل فرع الإخوان المسلمين في اليمن، أقدمت الإمارات من جهتها على دعم مليشيات تجمعها علاقات طيبة بتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وتحارب ضد حزب الإصلاح. وتؤكد هذه التحالفات أن الإمارات تخوض في الواقع حربا بالوكالة ضد السعودية.
وأشار الموقع إلى أن بعض الخبراء يعتبرون أن انفصال الجنوب هو الخيار الأمثل، ولكن الإستراتيجية التي تعتمدها الإمارات كلفتها الإنسانية باهظة جدا. وهذا يعني أن أي حكومة موالية لأبو ظبي سيتم تنصيبها ستخدم مصالح الإمارات فقط، عوضا عن الشعب اليمني.
اقرأ أيضا: ابن سلمان والحوثيون.. من "الاجتثاث" إلى البحث عن مخرج
وأكد أن السياسة الإماراتية في اليمن تنطوي على العديد من المغالطات، حيث أنها ترفع شعار محاربة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، وتتخفى وراء يافطة مكافحة الإرهاب، لتتمكن من الحصول على دعم الولايات المتحدة. في الأثناء، تواصل بريطانيا أيضا دعم أبو ظبي لوجستيا، بشكل جعل العديدين يعتبرونها شريكا في هذه الحرب.
وبين الموقع أن الدعم الذي يقدمه الغرب للدور الإماراتي في اليمن سيتواصل، ما لم تصدر عن الشعب اليمني صرخة جماعية. ومما لا شك فيه، بإمكان هؤلاء المدنيين الذين يتعرضون الآن للانتهاكات الإماراتية، أن يرفعوا أصواتهم، ويضعوا حدا لتدخل أبو ظبي.
وقد حققت هذه الطريقة نجاحا نسبيا في وقت سابق، حين تم تحجيم الحضور الإماراتي في جزيرة سقطرى في أيار/ مايو الماضي، بعد أن رفع المدنيون والمسؤولون المحليون أصواتهم واشتكوا من استغلال واحتلال أبو ظبي.