هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على مدار يوم واحد، بحث رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، خلال زيارته للعاصمة التركية أنقرة، الثلاثاء الماضي، والتي التقى خلالها الرئيس رجب طيب أردوغان، خمسة ملفات بارزة، تم خلالها الاتفاق على تعزيز التعاون في العديد من المجالات.
مكافحة الإرهاب، وزيادة حجم التبادل التجاري، والحرب الاقتصادية التي تشنها قوى دولية على تركيا مؤخرا، كانت ثلاثة ملفات هامة تناولتها الزيارة، وأضيفت إليها المساهمة في إعادة إعمار العراق، وإعادة فتح القنصليتين التركيتين في مدينتي البصرة (جنوبا) والموصل (شمالا) بالعراق.
وتنظم علاقات البلدين العديد من اللجان المشتركة في مختلف جوانب التعاون الثنائي المشترك، أبرزها مجلس التعاون الاستراتيجي بين تركيا والعراق الذي تشكل عام 2008، وأسفر عن توقيع 48 اتفاقية، 2009، في مجالات الطاقة والأمن ومختلف الجوانب الاقتصادية، ومنها تعهد العراق بتزويد تركيا بنحو 15 بالمائة من احتياجاتها النفطية.
وعشية زيارة العبادي إلى أنقرة، أعلن بيان للمركز الإعلامي للرئاسة التركية، أن الرجل سيبحث تطوير التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى المسائل الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وفيما لم يوضح المركز مزيد من التفاصيل حول الزيارة آنذاك، إلا أنه من واقع تصريحات أردوغان والعبادي والمسؤولين المعنيين خلال الزيارة، جرى رصد خمسة ملفات بارزة تناولتها المباحثات وهي:-
زيادة التبادل التجاري والفرص الاستثمارية
تعد تركيا الشريك التجاري الأول للعراق بحجم تبادل بلغ 11 مليار دولار خلال عام 2017، حسب بيانات وزارة التخطيط العراقية، بزيادة 15 بالمائة عن العام الذي سبقه.
وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع العبادي، الثلاثاء، شدد الرئيس التركي على "ضرورة رفع حجم التبادل التجاري بين تركيا والعراق إلى مستويات أعلى من 11 مليار دولار التي تمثل حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2017".
وتشكل تركيا التي ترتبط مع العراق بحدود برية تمتد على مسافة نحو 400 كيلومتر، منفذا مهما للعراق لأغراض تصدير منتجاته النفطية عبر خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي على البحر الأبيض المتوسط ومنه إلى الأسواق العالمية.
كما أن العراق يمثل مدخلا لتسويق البضائع والمنتجات التركية وسوقا مفتوحا لاستثمار الشركات التركية في إعادة الإعمار بعد الانتهاء من الحرب على تنظيم "داعش" أواخر عام 2017.
وتشير تقارير إلى أن نحو 50 بالمائة من الشركات الأجنبية العاملة في العراق هي شركات تركية تنشط في مختلف قطاعات البناء والإنشاءات وقطاعات أخرى.
ومن أنقرة، دعا العبادي الشركات التركية إلى التوجه للعراق والاستمرار في الاستثمار هناك للمساهمة في تعزيز العلاقات بين البلدين.
هذه الدعوة تأتي في وقت يعاني فيه العراق من نقص حاد في الخدمات الأساسية، خاصة قطاعي الماء والكهرباء، أدت إلى احتجاجات واسعة في محافظات وسط وجنوب العراق.
وفي هذا الصدد، أكد الرئيس التركي "أهمية اتخاذ خطوات لتلبية المطالب والاحتياجات العاجلة للشعب العراقي، واستعداد تركيا لتقديم كافة أنواع الدعم بهذا الخصوص".
ويهتم العراق بمساهمة تركية أوسع لإصلاح قطاع الماء وما يتعلق بمشاريع خطوط الكهرباء والغاز الطبيعي بين البلدين، حيث شارك مسؤولون عراقيون من قطاعات عدة بالوفد الذي ترأسه العبادي.
ويسعى العراق لتعزيز التجارة البينية بين البلدين، وتسهيل انسياب البضائع والسلع التركية عبر المنافذ البرية.
وكان السفير التركي في العراق، أدلى بتصريحات عشية زيارة العبادي، أكد فيها أنّ وفدي أنقرة وبغداد سيجتمعان خلال الأسبوعين القادمين لفتح معبر "أوفاكوي" الجديد بين البلدين لجلب المزيد من الانتعاش التجاري والاقتصادي لمدينة الموصل في محافظة نينوى.
ومن المرجح أن يؤدي فتح معبر جديد إلى زيادة في حجم التجارة التركية إلى العراق الذي يعد مستوردا رئيسيا للسلع والمنتجات الغذائية، بحسب مراقبين.
ومع إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران وسريانها اعتبارا من 7 آب/ أغسطس 2018 وإعلان العراق التزامه بها، سيستوجب ذلك علاقات تجارية أكثر اتساعا مع تركيا لتغطية النقص المفترض في السوق المحلية التي تستورد كثير من احتياجاتها من إيران.
الحرب الاقتصادية على تركيا
يمكن لتركيا الاستفادة من سهولة الوصول إلى السوق العراقية وتعويضها بالسلع والمنتجات التي كان العراق يستوردها من إيران مع التزام بغداد بعدم التعامل في تجارته مع إيران بالدولار الأمريكي.
كما أن تركيا في ظل الحرب الاقتصادية التي تواجهها، ستكون بحاجة إلى مضاعفة تجارتها مع الأسواق الخارجية.
ويقف العراق إلى جانب تركيا في هذه الحرب التي أعلن العبادي بصددها "دعم بلاده لتركيا في كافة التدابير التي ستتخذها".
مكافحة الإرهاب
ذكرت تقارير سابقة للزيارة أن الجانبين العراقي والتركي سيبحثان مكافحة منظمة "بي كا كا" التي تحتفظ بقواعد عسكرية في جبال قنديل ومناطق حدودية عديدة شمالي العراق، تنطلق منها لشن هجمات على القوات والمدن التركية جنوب شرق البلاد.
وتأمل الحكومة التركية في تعاون عراقي فاعل لمكافحة منظمة "بي كا كا".
وجدد العبادي في المؤتمر الصحفي تأكيده على وقوف حكومته إلى جانب أنقرة في "ردع الهجمات التي تستهدف الأراضي التركية".
أما الرئيس التركي فقد أكد اتفاق البلدين على "التعاون الكامل" في محاربة الإرهاب، وأن بلاده "لا تميز بين المنظمات الإرهابية، إذ لا يوجد فرق بين قتلة بي كا كا وجناة داعش".
إعمار العراق
على هامش الزيارة، أعرب أردوغان عن التزام بلاده بالمساهمة في إعادة إعمار العراق، وهو ما رد عليه العبادي معبرا عن امتنان العراق لتركيا.
وسبق للسفير التركي لدى العراق فاتح يلدز، أن ذكر خلال حضوره المؤتمر العاشر للسفراء الأتراك الذي عقد في أنقرة، الاثنين الماضي، أي قبل يوم من الزيارة، أن بلاده "تعهدت بتوفير خمسة مليارات دولار لعملية إعادة الإعمار التي ستنطلق بعد تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد".
إعادة فتح القنصليتين التركيتين بالبصرة والموصل
خلال الزيارة، بحث قادة البلدين مسألة إعادة افتتاح القنصليتين التركيتين في البصرة والموصل حيث أغلقت الأولى لدواعي أمنية في حين أغلقت الثانية بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل في حزيران/ يونيو 2014.