حذر سياسيون ونشطاء
مصريون معارضون من مغبة انزلاق مصر إلى الفوضى على خلفية
إغلاق جميع منافذ التعبير عن الرأي، واتساع رقعة الاعتقالات المستمرة منذ تموز/ يوليو
2013 وحتى الآن، لتشمل غالبية رموز العمل السياسي والمجتمعي المعارض لنظام السيسي.
وحملوا في تصريحات لـ"
عربي21" النظام مسؤولية إغلاق جميع طرق
الحوار، والنيل من جميع أصوات
المعارضة السلمية، وتغييب العقول الداعية للسلم، وتغليب
لغة القوة والعنف، وفتح الباب أمام العمل السياسي السري، وتأجيج مشاعر الاحتقان في
المجتمع المصري.
وشنت قوات الأمن في مصر، الخميس، حملة اعتقالات طالت العديد من المعارضين والأكاديميين
والنشطاء، على رأسهم مساعد وزير الخارجية الأسبق، معصوم مرزوق، والأكاديمي يحيى القزاز،
والخبير الاقتصادي رائد سلامة، وزوجة وأولاد الناشط سامح سعودي.
وفي 5 آب/ أغسطس الجاري، أطلق "مرزوق"، مبادرة انفردت "
عربي21"
بنشرها، عبارة عن نداء عام يشمل خارطة الطريق التي يتبناها لإنهاء أزمة مصر، متضمنة
تسعة بنود موجهة إلى الحكام والمحكومين في مصر.
تأكيد مسار الانفجار
السياسي المصري، والنائب السابق، نزار غراب، انتقد حملة الاعتقالات المستمرة
منذ سنوات في عهد نظام السيسي، مؤكدا أن "السلم الاجتماعي هدف لا يخدم السيسي
كطاغية؛ بل هو يحكم ويسيطر بأدوات جميعها ضد السلم الاجتماعي، بداية من إذكاء حدة الاستقطاب
ونهاية بالتعذيب حتى الموت، وتلفيق التهم والمحاكمات غير الحيادية أو العادلة، وختاما بأعواد المشانق".
وفي حديثه لـ"
عربي21" اعتبر أنه "ليس بعد قهر وقمع قائده
الفريق سامي عنان أي تصور عن أي أبواب مفتوحة لأي سلم مجتمعي"، محذرا في الوقت
نفسه من أن "الاحتقان هو سيد الموقف، وانتظار لحظة انفجار، وليس بانتظار نزع فتيل
الاحتقان".
واستبعد غراب أن ينصت السيسي لأي صوت يدعو لأي مبادرة سياسة، قائلا:
"مفاهيم التسوية والتصالح مفاهيم لا وجود لها في قاموس الجنرال القاتل، وإغلاق
جميع المنافذ هو تأكيد مسار الانفجار"، لافتا إلى أن "تجمع صف المعارضة
تجمع هش على الرغم من أنه قد يجمعهم ظرف سياسي".
القضاء على الهامش
ورأى القيادي في حركة 6 أبريل، محمد نبيل، وأحد الذين سبق أن اعتقلتهم
قوات الأمن المصري قبل أن تطلق سراحه مرة أخرى، أن "هناك صوتين داخل النظام، صوت
عاقل يسعى لتخفيف حدة التوتر بالعفو عن السياسيين، وصوت ثان يعتقل معارضين جددا في توقيتات العفو نفسها".
وأضاف لـ"
عربي21": "واضح أن صوت الاعتقالات داخل النظام
هو الأعلى، والنظام الحالي غير قادر على فهم أن سبب استمرار نظام مبارك لمدة 30 سنة
أنه ترك هامشا من حرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية طوال فترة حكمه، يسمح بالتنفس
لمن حوله".
وحذر نبيل من انزلاق البلاد في فوضى العنف السياسي، قائلا، إن "إغلاق
المجال العام بهذا الشكل، وهذه الحدة، سيؤدي لانفجار شعبي غير محمود العواقب، ولن يمكن
تداركه، كما هو الحال الآن".
"استخف قومه"
مدير مركز شهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، شكك في قدرة نظام السيسي على
التحصن خلف أذرعه الأمنية طوال الوقت، قائلا: "السيسي أغلق منافذ العمل السياسي
والمجتمعي كافة في مصر، سواء بقوانين مقيدة للحريات أو باعتقالات عشوائية تعسفية لمعارضيه".
مضيفا لـ"
عربي21" أن "النظام الحالي لا يكترث بالمعارضة
ولا يقيم لها وزنا، وإن كان هناك أمل فهو في توحد أطياف المعارضة وتصالحها مع نفسها".
وألمح بيومي إلى خطورة "إغلاق منافذ الحوار؛ لأنها لا تأتي بخير على
البلاد، فمصر الآن يحكمها ويتحكم فيها المؤسسة العسكرية فقط، وأثبتت الأيام، بما لا
يدع مكانا للشك ضعف قدرتهم على التعامل مع إدارة البلاد وسياستها، بكل المقاييس".
ورأى أن "القرارات المتتابعة من النظام المصري، والقوانيين المقيدة
للحريات، ومحاولة تحصين جنرالات الجيش، كل ذلك يؤكد أن النظام لا يأمن على نفسه من أي
شيء حتى من نفسه".