هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف تقرير حصري، أعدته إلزابيث تسيركوف من مجلة "فورين بوليسي"، عن البرنامج السري الذي نفذته إسرائيل لدعم فصائل من الجيش السوري الحر في الجنوب، الذي جاء ضمن جهودها للحد من الدور الإيراني في المنطقة القريبة من حدودها.
وتقول تسيركوف إنها حصلت على شهادات تفصيلية من قادة الفصائل وعناصرهم عن الدعم العسكري والمالي الذي حصلوا عليه، ومنذ عام 2013، وكيف زادت إسرائيل من وتيرة الدعم في العام الماضي بعدما بدأت تتصرف بقوة.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن 12 جماعة مقاتلة في جنوب سوريا استفادت من المساعدات الإسرائيلية، لافتا إلى أن الدعم العسكري توقف هذا العام في شهر تموز/ يوليو.
وتقول المجلة إن المساعدات اشتملت على بنادق هجومية ورشاشات وقاذفات الهاون وعربات نقل، مشيرة إلى أنه تم تسليم الأسلحة من خلال ثلاث بوابات استخدمتها إسرائيل لنقل مواد المساعدة الإنسانية لسكان جنوب سوريا الذين يعانون من الحرب الأهلية.
وتفيد الكاتبة بأن المقاتلين حصلوا على 75 دولارا في الشهر، بالإضافة إلى أموال أخرى استخدمت لشراء أسلحة من سوق الأسلحة السوداء في سوريا، بحسب روايات المقاتلين والصحفيين المحليين.
ويشير التقرير إلى أن التدخل الإسرائيلي في الجنوب خلق جوا من التوقعات بين المقاتلين بأن تل أبيب ستحميهم في حال تقدمت قوات نظام بشار الأسد، إلا أن هذا الأمل لم يتحقق، فعندما شنت القوات الموالية للأسد، بدعم الطيران الروسي، هجوما على الجنوب، توصلت إسرائيل لتفاهمات مع النظام.
وتورد المجلة نقلا عن مقاتل من فصيل "فرسان الجولان"، الذي كان الأكثر تلقيا للدعم من إسرائيل، تعليقه قائلا: "هذا درس لن ننساه عن إسرائيل، فهي لا تهتم بالناس ولا تهتم بالإنسانية، وكل ما تهتم به هو مصالحها".
وتجد تسيركوف أنه بالمقارنة مع دعم الدول الأخرى للسوريين، فإن المساعدة العسكرية التي قدمتها إسرائيل للجماعات المقاتلة تظل صغيرة، فظل المقاتلون يشتكون من أن ما يحصلون عليه غير كاف، مستدركة بأنه مع ذلك، فإن الدعم مهم؛ لأنه يشير للجهود التي قامت بها إسرائيل لمنع مقاتلي المليشيات الإيرانية من بناء قواعد قريبة من إسرائيل، بالإضافة إلى الجهود السياسية التي مارستها من خلال روسيا اللاعب الرئيسي في سوريا؛ لإجبار المليشيات الموالية لإيران على الانسحاب من مناطق الجنوب السوري.
ويلفت التقرير إلى أن برنامج تسليح فصائل عاملة مع الجيش السوري الحر بدأ في عام 2013 ، وركز على تلك الموجودة في القنيطرة ودرعا، وتلك القريبة من منطقة دمشق، مشيرا إلى أن إسرائيل دعمت في البداية الفصائل بأسلحة أمريكية الصنع، بما في ذلك بنادق "أف-16"، لكنها من أجل إخفاء بصماتها فإنها قررت دعمهم بأسلحة غير أمريكية، بما في ذلك أسلحة صادرتها إسرائيل في عام 2009، من شحنة إيرانية كانت في طريقها لحزب الله، وظل الدعم لهذه الفصائل مستمرا لوقت لكنه زاد في العام الماضي.
وتكشف المجلة عن أن من بين الجماعات التي تلقت الدعم الإسرائيلي جماعة "فرسان الجولان"، التي تتمركز في بلدة جباتا الخشب في القنيطرة، ولواء عمر بن الخطاب، الذي يتمركز من بلدة بيت جن القريبة من جبل الشيخ، لافتة إلى أنه على خلاف الدول الداعمة للمقاتلين، فإن إسرائيل لم تقم بجهود لتقوية وتنظيم المعارضة، واعتمدت في علاقاتها مع الفصائل على أفراد، مررت من خلالهم شحنات الأسلحة والمساعدات المالية.
وتنقل الكاتبة عن مقاتلين في جنوب سوريا، قولهم إن قادة الفصائل كانوا يتصلون مع الإسرائيليين من خلال الهاتف، ولقائهم أحيانا في الجولان المحتل، مشيرة إلى أنه عندما كان القادة يغيرون مواقع فصائلهم، فإن الدعم كان يلحقهم حيث يقيمون، وكانت إسرائيل تعلق الدعم للفصيل في حال مقتل قائده أو عزله بسبب صراع على السلطة.
وبحسب التقرير، فإن فصيل "فرسان الجولان" كان المفضل لإسرائيل، وأدى الدعم المتزايد لزيادة عناصر الفصيل في العام الماضي، وقام قادة "فرسان الجولان" بدور الموزع للأسلحة الإسرائيلية على بقية المقاتلين، ومنح هذا الدور "فرسان الجولان" تأثيرا واسعا في القنيطرة ودرعا.
وتبين المجلة أن إسرائيل قدمت غطاء عسكريا في المواجهات بين الفصائل التي تدعمها ومقاتلي تنظيم الدولة في منطقة وادي اليرموك، مشيرة إلى أنه بحسب صحفيين محليين، فإن إسرائيل قامت بغارات "درون" استهدفت فيها قادة تنظيم الدولة، وأطلقت قنابل دقيقة وموجهة ضد عناصره وتحصيناته وعرباته، فيما لم تستخدم إسرائيل الأسلوب ذاته في مواجهات المقاتلين مع قوات النظام.
وتنوه تسيركوف إلى أنه بالتوازي مع الدعم العسكري، فإن إسرائيل قامت ببرنامج "الجار الطيب"، الذي حاولت تسويقه إعلاميا، وإعطاء صورة أن سكان الجنوب، على الأقل القرى القريبة من إسرائيل، يتعاملون معها على أنها حليف وليست عدوا.
وينقل التقرير عن مقاتل في "فرسان الجولان"، قوله إن "إسرائيل هي الطرف الوحيد الذي له مصلحة في المنطقة، وموقف إنساني بسيط، من خلال تقديم الدعم للمدنيين".
وتذكر المجلة أن موقف إسرائيل تغير عندما قامت قوات موالية للنظام، وبدعم من الطيران الروسي، بتأكيد السيطرة على المناطق الجنوبية، وتوصل المسؤولون الإسرائيليون في تموز/ يوليو إلى اتفاق مع روسيا، يقضي بعودة قوات النظام إلى غرب درعا والقنيطرة، الملاصقتين لإسرائيل مقابل منع المقاتلين الموالين لإيران من الاقتراب من الحدود مسافة 50 كيلومترا، والسماح للطيران الإسرائيلي باستهداف المواقع الإيرانية.
وتشير الكاتبة إلى أن المقاتلين ظلوا متمسكين بأمل تدخل إسرائيل، ومنع النظام من السيطرة على القنيطرة، لكنها لم تفعل، لافتة إلى أن قياديا، لقبه أبو خالد، اعترف بأنه اكتشف خطأ التعاون مع إسرائيل، وعلق قائلا: "ثقي بي، ستندم إسرائيل على سكوتها على ما حدث في جنوب سوريا، فقد قبلنا في بلدتنا وتلك المجاورة لنا التصالح على مضض مع النظام، وستؤثر هذه المصالحة على إسرائيل في المستقبل القريب".
ويلفت التقرير إلى أنه مع اقتراب قوات النظام، فإن عددا من القادة اتصلوا بنقاط الاتصال الإسرائيلية، وطلبوا منهم اللجوء؛ خوفا من تعرضهم للانتقام، وردت إسرائيل بالسماح لعدد قليل منهم وعائلاتهم المباشرة بدخول إسرائيل في 22 تموز/ يوليو، ولم يُسمح لعدد آخر بالدخول، مشيرا إلى أنه من غير المعلوم مكان هؤلاء القادة، حيث تنتشر الشائعات عن سفرهم للأردن، فيما أخبر أحد القادة أتباعه أنه في تركيا.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن عددا من المقاتلين قرروا البقاء في بلداتهم بدلا من الانتقال إلى إدلب، آخر معقل للمقاتلين، واعتقل بعضهم بسبب التعاون مع إسرائيل، فيما انضم آخرون للمليشيات الموالية للنظام أو الجيش السوري.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا