هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار تلويح الاتحاد العام التونسي للشغل، بإقرار مبدأ الإضراب العام بالقطاع العمومي، المخاوف من وصول الصراع بين أكبر منظمة عمالية وحكومة يوسف الشاهد إلى مستويات خطرة تنذر بانفجار اجتماعي وشيك، في ظل وضع اقتصادي منهك أصلا.
وأكد أمين عام الاتحاد نور الدين الطبوبي، في تصريح إعلامي، أن إقرار المنظمة مبدأ الإضراب العام في القطاعات العمومية في ظل ما أسماه سياسة " المخاتلة والمماطلة" من حكومة الشاهد التي تسعى للتفويت في المؤسسات العمومية بدل إصلاحها.
وقال الطبوبي، في تصريح لوكالة "تونس أفريقيا" للأنباء الرسمية، يوم 4 أيلول/ سبتمبر الجاري، إن "الدخول في إضراب عام في المؤسسات والمنشآت العمومية وارد بنسبة 90 بالمئة".
وفي هذا السياق، أكد الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري، في حديثه لـ"عربي21"، على مضي المنظمة في إقرار مبدأ الإضراب العام بجميع المنشآت الحكومية.
وتابع: "خرجت توصية من مجمع القطاع العام؛ بهدف الاجتماع في 13 أيلول/ سبتمبر القادم، حيث ستقرر الهيئة الإدارية مبدأ الإضراب العام أو تحدد تاريخ تنفيذه إن لزم الأمر، مع الشروع بسلسلة من التحركات الاحتجاجية".
وأشار الطاهري إلى أن اتفاقا أمضي بين المنظمة الشغيلة وحكومة الشاهد، في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، يتعلق بالمفاوضات الاجتماعية، والزيادة في الأجور بالقطاع العمومي، تلتها جلسة أخرى في شهر يوليو/ تموز من السنة ذاتها دون التوصل لأي نتيجة.
ولفت إلى أن "الحكومة لا تسعى جادة لحلحلة الأزمة الاجتماعية، بل لربح الوقت؛ بهدف الوصول إلى تاريخ مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2019".
وواصل: "الحكومة تريد مقايضة وابتزاز الاتحاد، من خلال اعتماد شرط بقائها مقابل الزيادة في الأجور، والاتحاد يرفض ذلك قطعا".
وشدد على أن اتحاد الشغل اتفق مع الحكومة على مناقشة ملف المؤسسات العمومية؛ بهدف إصلاحها، ليفاجئ بتقديمها قائمة بالمؤسسات التي تنوي التفويت فيها؛ بهدف وضع المنظمة تحت الأمر الواقع، "وهو ما ترفضه بشدة المنظمة".
صمت وترقب
وفيما لم يصدر أي موقف حكومي تعقيبا على تلويح اتحاد الشغل بإقرار مبدأ الإضراب العام، وصف عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة -منظمة الأعراف- خليل الغرياني الأمر بـ"غير المقبول".
وقال الغرياني، في تصريح إعلامي، إن "آلية الإضراب العام تكون في مؤسسة ما وليس ضد الشعب التونسي".
ويبدي كثير من رجال الاقتصاد مخاوفهم من تأثير التجاذبات السياسية المتعلقة ببقاء الشاهد على الوضع الاقتصادي، وتعطيل الإصلاحات الكبرى المبرمجة؛ لتجنيب البلاد سيناريو الإفلاس.
وفي هذا الإطار، حذر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، في حديثه لـ"عربي21"، من تدهور الوضع الاقتصادي بالبلاد، مع وصول نسبة التضخم إلى مستويات غير مسبوقة.
وواصل: "ونحن في ذروة الإنتاج الفلاحي والسياحي بلغت نسبة التضخم نهاية شهر آب/ أغسطس 2018، 7.5 بالمئة، والحال أنه كان لدينا أمل في نزولها حدود 5 أو 6 في المئة، فضلا عن خسارة العملة المحلية 31 بالمئة من قيمتها مقارنة بسنة 2017".
ولفت سعيدان إلى أن الحكومة منشغلة حاليا بمعركة بقائها وصراعها مع أطراف سياسية ونقابية، أكثر من اهتمامها بإيجاد حلول اقتصادية، أو توجه نحو الإصلاح العميق والشروع بعملية إنقاذ اقتصادي شامل.
وتابع: "أن يأخذ الاتحاد مثل هذا الموقف، ويلوح بإضراب عام في هذه الظروف الصعبة، وقبل أشهر من طرح ميزانية 2019، فهو لعمري أمر سيزيد في تعقيد الوضع والدفع نحو الانفجار الاجتماعي والاقتصادي".
وشهدت البلاد منذ أيام شللا بحركة القطارات بكامل تراب الجمهورية؛ بسبب إضراب مفاجئ لأعوان السكك الحديدية، مخلفا حالة من الفوضى والاحتقان بين صفوف المسافرين الذين تضررت مصالحهم.
ويتوقع مراقبون أن تعلن نقابات عمالية أخرى سلسلة من الإضرابات من شأنها أن تمس قطاعات حيوية، كالتعليم والصحة والنقل، وتزيد في تأزيم الأوضاع.