هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حلت الذكرى السنوية لتأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، بنسختها
الثامنة بعد العشرين، التي تصادف 13 أيلول/ سبتمبر، وسط عاصفة من التحديات التي
يواجهها، منها ما تهدد وجوده وحضوره السياسي، ما يثير تساؤلات حول قدرته على
تجاوزها.
وتبرز
بعض من تلك التحديات، وفقا لمراقبين، في تحالفاته مع الأحزاب والقوى السياسية
الأخرى، وكذا علاقاته مع دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية، خصوصا دولة
الإمارات، التي تشكو قيادة وأنصار الحزب من "توجهها المعادي" ضده، كان
آخرها اتهامه بتسيير مظاهرات هتفت ضد ملك السعودية، وداست على صور رموز وعلم
"أبوظبي"، رغم نفيه صلته بذلك.
ويعد
حزب الإصلاح (خلفيته إسلامية) أكبر الأحزاب المؤيدة لحكومة الرئيس عبدربه منصور
هادي، وأكثرها تماسكا، بعد تصدع حزب "المؤتمر الشعبي العام"، إثر مقتل
زعيمه علي عبدالله صالح برصاص حلفائه الحوثيين نهاية العام الماضي.
واحتفى
أنصار الحزب بذكرى تأسيسه، وسط حزمة من المطالب لتحديث أدائه السياسي، بما ينسجم
وحساسية المرحلة وخطورتها، وكلفتها الباهظة.
احتفاء
بالتعددية
وفي
هذا السياق، قال رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب، علي الجرادي، إن الاحتفال بذكرى
تأسيس الإصلاح هو احتفاء بالتعددية السياسية وقيم الحرية والمساواة.
وفي
تغريدات له على حسابه بموقع "تويتر"، أكد أن احتفاء بقيم الحرية
والمساواة والجمهورية ضد مليشيات الكهنوت والإمامة". في إشارة إلى جماعة
الحوثي.
وتساءل
الجرادي: لماذا نحتفي بذكرى حزب الإصلاح؟ وأجاب في الوقت نفسه بالقول إنه احتفاء
بلحظة إعلان ميلاد الحياة السياسية والنقابية والتعددية والحريات.
وأكد
رئيس دائرة إعلام الإصلاح أن الاحتفال بذكرى تأسيسه، هو "احتفاء بكل الأحزاب
والقوى المدنية السلمية (المؤتمر الشعبي العام، والحزب الاشتراكي، والحزب الناصري،
وحزب الرشاد) .
نموذج
وضحية
من
جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن حزب الإصلاح هو
التعبير الأكثر وضوحا للتطور السياسي الذي شهدته الحركة الإسلامية في منطقتنا خلال
العقود الثلاثة الماضية، على وقع التغيرات الهائلة في العالم، القائم على أساس
التحول الجوهري في عقيدة الغرب العدائية من الاتحاد السوفييتي المنحل نحو الإسلام.
وأضاف
في حديث خاص لـ"عربي21": خلال العقود الماضية، استطاع الحزب أن يقدم في
اليمن نموذجا مبكرا وناجحا للاندماج السياسي في بنية الدولة التي شهدت هامشا
ديمقراطيا مسيطرا عليه من قبل نظام الراحل صالح وسلطته المطلقة إلى ما قبل 2011.
وتابع
بالقول: كما تشارك بالسلطة في ظل نظام تعددي هش، وخرج من هذه السلطة دون أي تكلفة
سياسية أو أمنية.
ووفقا
للتميمي، فإن ما يحسب للإصلاح إسهامه في ترسيخ قواعد العمل السياسي والديمقراطي في
البلاد، من خلال بناء كتلة معارضة حقيقية واجهت نظام صالح بالأدوات السياسية، وحمت
البلاد من الانزلاق إلى الفوضى، رغم توفر كل أسباب ذلك الانزلاق بعد أن تورط صالح
في تزوير الانتخابات الرئاسية عام 2006 -وفق تعبيره- أعقبها سعيه منفردا لخوض
انتخابات نيابية عام 2011، دون مشاركة المعارضة، لكن لم يكتب لها النجاح.
ويشير
الكاتب اليمني إلى أن الكتلة السياسية المعارضة التي قادها الإصلاح، بعد هبوب رياح
التغيير -ثورة فبراير 2011- مثلت إطارا فعالا لتنظيم الحركة الجماهيرية المنفلتة،
وتحويلها إلى حركة سلمية.
ورغم
إجبارها صالح على الاستقالة، إلا أنها ضمنت أن يأتي التغيير في صورة مكتملة من
الشراكة والتضامن الوطني. حسبما ذكره التميمي.
وأكد
السياسي التميمي أن الإصلاح يعيش في مأزق وجودي بهذه المرحلة، افتقد معه حرية
المبادرة، وعانى من قيود حقيقية على حركة قادته وعلى مسؤولياتهم المفترضة حيال
التطورات الخطيرة التي يشهدها الوطن في هذه المرحلة. موضحا أن ذلك قلل من قدرته
الحزب على اجتراح طريقا مستقلا لتوجيه مسار الأحداث وفق المسطرة الوطنية، وهو وضع
لا يتحمل الإصلاح وزره.
وقال
إن هناك عوامل عديدة وقوى دولية وإقليمية تظافرت لحشره في هذه الزاوية، على نحو
دفع بقادته إلى اختيار الصمت حيال معظم القضايا التي يمثل السكوت عنها في هذه
المرحلة خذلانا لا يستحقه الشعب اليمني.
وبحسب
التميمي، فإن جزءا من الكلفة السياسية التي يتكبدها الإصلاح في هذه المرحلة سببها
دوره الأساسي والمحوري في ثورة 11 فبراير -اندلعت ضد نظام صالح في العام 2011-،
ولهذا وقع ضحية الثورة المضادة التي مولتها الإمارات والسعودية، ومن الطبيعي أن
يكون هو الهدف الأبرز لهذه الثورة.
ولفت
إلى أنه ليس أمام الإصلاح من طريقة لمواجهة الاستهداف الممنهج له، من جانب بعض
أطراف التحالف بل طرفي التحالف، سوى "الصبر الاستراتيجي"، والحرص على
حماية المشروع الوطني، ودعم السلطة الشرعية، والمساهمة في حفظ كيان الدولة الذي
يتعرض أيضا لاستهداف ممنهج من جانب قوى خارجية معلومة.
وانتقد
المتحدث ذاته الموقف السلبي للقوى السياسية تجاه الإصلاح، وقال إنها على ما يبدو
ضحية لعبة الاستقطاب التي مارستها الأطراف الإقليمية والاستثمار السيئ لخصومات
الماضي من جانب تلك الأطراف، وتورطها في تأمين غطاء سياسي لاستهدافه، ما أدى إلى
تدمير الدولة اليمنية، وإفشال عملية الانتقال السياسي، الذي وضع الجميع أمام
الحقيقة الناصعة، وكشف سوأتهم.
شراكة
وتحول
من
جهته، قال الكاتب والقيادي في حزب "السلم والتنمية"، حسن الحاشدي، إن
حزب الإصلاح بحاجة إلى "خطة تحويلية" في هذا المرحلة، تتناسب واللحظة
العصيبة، التي يغلب عليها العمل العسكري الاجتماعي.
وأضاف
في حديث خاص لـ"عربي21" أن الحزب مطالب أكثر من أي وقت مضى بالدخول مع
القوى الفاعلة -أيا كانت- بشراكات حقيقية وفق الأداء في الساحات.
ومضى
السياسي الحاشدي قائلا: شراكات حقيقية أساسها خطاب لم الصفوف، وتجذير إصلاح ذات
البين، ومراجعة أداء الماكنة الإعلامية وفق ذلك.
وأوضح
عضو الهيئة العليا بحزب "السلم "أن الإصلاح مر بضربات كثيرة، خصوصا بعد
اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء خريف العام 2014، لكن هذه الضربات أكسبته مزيدا من
التماسك، وطول النفس، وتفويت مزالق كانت تستهدفه سياسيا أو عسكريا.
ويتعرض
قادة الحزب ونشطاؤه لعمليات اغتيال واعتقال في مدينة عدن (جنوبا)، بينما لا يزال
آخرون يقبعون في زنازين جماعة الحوثي في صنعاء ومدن أخرى تسيطر عليها، بينهم
القيادي البارز محمد قحطان.