هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يطلق سياسيون في
لبنان انتقادات تستهدف رئيس الجمهورية ميشال عون، تتناول أداءه السياسي، وتشكك في قدرته
على محاربة الفساد، لا بل صعدت مواقف صادرة عن شخصيات عدة من انتقادها لما تقول
إنه "هدر في المال العام عكسه حجم الوفد الرئاسي الكبير الذي ذهب مع عون إلى
نيويورك، والذي تطلب إلغاء رحلة مدنية متجهة إلى القاهرة"، ما أثار موجة
انتقادات متعددة الأقطاب على مواقع التواصل الاجتماعي وأبرزتها وسائل الإعلام
اللبنانية.
وبالتزامن، تواصل
أطراف سياسية معارضة لعون توجيه الانتقادات لأدائه على مستوى "السيادة
الوطنية في ظل استمرار هيمنة حزب الله"، بحسب ما تقول.
معارضو العهد
وانتقد المنسق
السابق لقوى 14 آذار فارس سعيد الرئاسة الأولى، فقال: "ليس هناك (عهد) بل
هناك شخصية اسمها ميشال عون مطلوب من خلال موقعها اللبناني والماروني والدستوري
تأمين غطاء شرعي لسلاح غير شرعي"، موضحا: "العهد يحمي سلاح حزب الله
مقابل أن يؤمن هذا السلاح له مقعده الرئاسي، كما يتضح أن أحد الوظائف الأساسية
للرئاسة هي الدفاع عن حزب الله وسلاحه أمام المجتمع الدولي، ويدلّل على صحة ذلك
تصريحات الرئيس عون لصحيفة "الفيغارو".
وعن ما يتم إعلانه
عن انجازات للعهد، قال في تصريحات لـ"عربي21": "يحقق الإنجازات
المتاحة له، كقانون الانتخابات، لكن حتى هذا الأمر جاء مطابقا لمصلحة حزب الله، حيث
عزز نفوذه من خلاله".
واعتبر سعيد أن
"الفساد هو جزء من النظام السياسي ووسيلة عيش لدى البعض"، مشيرا إلى أنه
"حلقة متكاملة جزء منه متعلق بالطبقة السياسية، والآخر يجمع شرائح من الشعب
اللبناني".
وصعّد سعيد من
موقفه ضد فساد الدولة، فقال: "لا يحاسب الفاسد في لبنان، بل يحاسب القاضي
والضابط والمسؤول الذي يخرج بنهاية خدمته من دون أن يكدس أموالا في حساباته"،
لافتا إلى عدم "وجود ثقافة حقيقية لمحاربة الفساد"، ورأى سعيد أن
"الأولوية ليست في هذا الملف، بل في السيادة الوطنية"، لافتا إلى أن من
"يتبنى محاربة الفساد كملف متقدم، يريد تجاوز مسألة وجود سلاحين في لبنان
أحدهما للدولة والآخر لحزب الله، إضافة إلى الحاجة لبناء الدولة، والعيش
المشترك، وغيرها من المواضيع الأساسية".
عون: نواجه حملة
لكن النائب عن
كتلة "لبنان القوي" المؤيدة لرئيس الجمهورية آلان عون اعتبر أن الرئاسة
الأولى تتعرض لحملة قوية"مصدرها خصوم (عون) المتضرّرون من وصوله إلى سدّة
الرئاسة، حيث تعمل قوى الرفض على بث الذبذبات السلبية الموجهة ضد الاقتصاد".
وأقرّ عون في
تصريحات لـ"عربي21" بوجود أزمات في الوضع الراهن، قائلا: "نحن أكثر
المنتقدين، وهناك مجالات يجب تطويرها ونسعى إلى ذلك"، لكنه حمّل الفريق
المعارض لعون مسؤولية الدفع باللبنانيين نحو اليأس، وقال: "بتنا واثقين من
وجود مؤامرة تستهدف العهد وينخرط بها البعض عن غير قصد فيما تحاول جهات لم تعجبها
التسوية الرئاسية التي أنهت الشغور الرئاسي إلى تعكير إنجازات هذه المرحلة"،
مضيفا: "نعي حجم الاستهداف الذي نواجهه، لكننا لن نسلم سلاحنا، وسنواصل العمل
والحصول على نتائج عملانية؛ لأنه رد كل التشويشات".
وردا على إشكالية
الوفد الرئاسي وتأخير طائرة كانت متجهة إلى القاهرة، قال: "الإجراءات
اللوجستية التي تطبق عند سفر رئيس الجمهورية هي روتينية، وقد تكرّرت في كل السفرات
السابقة، وما حصل من خلل تعود الإجابة عنه إلى شركة طيران "الشرق
الأوسط"، مستغربا أن "توظّف هذه القضية ضد رئيس الجمهورية الذي لا يعلم
بشخصه ما يحدث من إجراءات أمنية"، معربا عن "أسفه عن تأخر طائرة الركاب"،
متمنيا أن "لا تتكرر هذه الحادثة".
وعن مدى قدرة
الرئاسة اللبنانية على تنفيذ وعودها في القضاء على الفساد، قال: "هناك الكثير
من الإشاعات التي تضرب عامل الثقة الأساسي في الاقتصاد بالنسبة للمستهلك
والمستثمر"، مردفا: "لا بد من اتخاذ إجراءات إصلاحية أساسية تخفف العجز
في الميزانية، وتوقف المسار الانحداري على المستوى المالي للدولة".
ما حقيقة الهدر؟
وعن صحة الهدر في
المهام الرسمية، أكد المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية داني حداد
أن "الإنفاق غير واضح في السفريات الرسمية، لكونها غير مدرجة بشكل واضح في
الموازنة العامة"، ورأى في تصريحات لـ"عربي21" أن الحل يكمن في "تطبيق موازنة البرامج
والأداء غير المعمول بها في لبنان، وهي وسيلة تفند وتفسر التفاصيل المالية الدقيقة
لكل مشروع ومدى الاستفادة منه"، مضيفا: "لا يزال لبنان يعتمد على
الميزانية التقليدية التي ترتكز على مجموع النفقات والواردات مع خطوط عريضة
للموازنات من دون الوصول إلى التفاصيل التي بإمكانها الكشف عن الهدر أو
الفساد".
ولفت إلى أن
"الميزانية الحالية لا يمكن من خلالها معرفة تفاصيل رواتب الموظفين وكلفة
السفريات، ما يعكس غموضا حول جدوى ونزاهة الإنفاق".
وعن قراءة الجمعية
لمستوى الفساد بالنسبة للطبقة السياسية، قال: "نطالب دائما بالحد من الإنفاق
والهدر مع بلوغ عجز الميزانية حد 5 مليارات دولار سنويا، في ظل اقتصاد غير منتج"،
وتساءل حداد: "هل الدولة اللبنانية بحاجة فعلا إلى الإنفاق المعمول به حاليا في رحلات الوفود الرسمية الممثلة للبنان في
الخارج؟"، مطالبا "بضرورة الوقوف على التفاصيل المتعلقة بالرحلات
الرسمية للوصول إلى جدوى الإنفاق الخاص بتلك السفريات من عدمه"، وذكر حداد أن "رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري طلب من وزراء حكومته السابقة تخفيض الإنفاق
في ميزانيتهم بنسبة 20 بالمئة؛ للتخفيف من الهدر في الميزانية العامة".
وتحدث حداد بلغة
الأرقام ، فقال: "هناك ثلاثة بنود للإنفاق يتسرب من خلالها الهدر، في مقدمتها
الكهرباء، حيث يباع كيلو الواط إلى المستهلك بأقل من كلفة إنتاجه، وتنفق الميزانية
عليها قرابة ملياري دولار وفق سعر النفط العالمي، والبند الثاني يتعلق بخدمة الدين
العام، والأخير سببه كتلة الأجور (الموظفين)، وسط عدم تقييم حاجة لبنان إلى هذه الأرقام
من الأعداد في مختلف القطاعات الرسمية".