دعوة إيطالية لفرنسا للمشاركة في مؤتمر "روما".. ماذا وراءها؟

وجهت إيطاليا أول دعوة لحضور مؤتمرها المقبل حول ليبيا إلى فرنسا، رغم الاختلاف في وجهات النظر، ما يثير تساؤلات عن دلالة وأهداف ذلك، وما إذا كانت روما تريد طمأنة "باريس" بعدم إبعادها كليا عن الملف الليبي.

ووجه رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي دعوة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمشاركة في المؤتمر الدولي الذي تستضيفه مدينة "باليرمو" الإيطالية بشأن ليبيا يومي الـ12 والـ13 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، بحسب ما أعلنته الحكومة الإيطالية.

وأكدت الخارجية الإيطالية أن "المؤتمر لن يفرض أي آجال نهائية للانتخابات أو إملاءات معينة، وإنما يستهدف تحديد مراحل عملية لتحقيق الاستقرار في ليبيا"، بحسب إحاطة مقدمة لمجلس الشيوخ الإيطالي.

دور روسي عال

في سياق متصل، أشارت حكومة روما إلى أن "وزير خارجيتها سيدعو روسيا للمشاركة على أعلى مستوى في المؤتمر، وذلك خلال لقائه بنظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو الاثنين المقبل، دون تفاصيل عن طبيعة هذه المشاركة عالية المستوى"، وفق وكالة "آكي" الإيطالية.

وطرحت دعوة إيطاليا لمنافستها في ليبيا "فرنسا"، إلى مؤتمر ترعاه روما، استسفارات عدة عن هدف الدعوة المعلنة، وتأثير المؤتمر على اتفاق "باريس" الأخير وبنوده، وهل سيحضر ماكرون أم سيسعى لإفساد المؤتمر قبل أن يبدأ؟

تقريب المسافات

من جهته، رأى الأكاديمي المتخصص في الملف الليبي، خيري عمر، أن "الدعوة عادية جدا كطبيعة المؤتمرات الدولية أولا، ولأن فرنسا طرف رئيس في الملف الليبي، خاصة أن المؤتمر كله هدفه تقريب المسافات بين الأطراف الدولية والاتفاق على خريطة عمل واحدة في الملف الليبي".

وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "هناك صراعا أوروبيا ظاهرا في الأزمة الليبية، ولو استمر هذا الصراع قد تنفلت الأمور، وهو ما يرفضه المجتمع الدولي حاليا، خاصة بعد أحداث طرابلس الأخيرة، لذا سيتم النقاش حول ملفين هامين هما: التقارب الدولي في الملف، والانتخابات الليبية"، وفق تقديره.

وتابع بأن "النقاش سيكون حول الانتخابات والدستور وحل الإشكالية، وكون إقرار مسودة الدستور الحالية صعب، فقد يكون هناك طرح لإعادة صياغة مسودة جديدة، لكن الانتخابات ستكون المحور الأهم في المؤتمر، وبخصوص روسيا فربما سيكون هناك تفاهم دولي حول دور روسيا في ليبيا"، وفق قوله.

اتفاق دولي جديد

وقال الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد، إن "إيطاليا تسعى من خلال المؤتمر إلى الخروج باتفاق مدعوم دوليا، وهي تحتاج إلى توافقها مع فرنسا، وهذا ما يفسر انخفاض حدّة التصريحات من قبلها تجاه فرنسا، وبالمقابل ستشارك فرنسا بتمثيل قوي، لأنها تدرك أن حضورها هو الضامن الأساسي لمصالحها".

وأضاف لـ"عربي21": "أعتقد أن باريس ستدفع باتجاه دعم مخرجات تضمن بقاء الأطراف الداعمة لها في المشهد، وبخصوص اتفاق "باريس" فتجاوزه بات واقعا وسيتم بشكل دبلوماسي من خلال الإعلان عن تضمين فحواه في مخرجات مؤتمر إيطاليا"، بحسب رأيه.

رسالة "طمأنة"

لكن المحلل السياسي، أسامة كعبار أشار إلى أن "مثل هذه الدعوات بين الدول تحمل العديد من الرسائل الإيجابية والمطمئنة من أجل تخفيف التوتر والمقاربة الفكرية، فقد دعت فرنسا إيطاليا فى اللقاءات السابقة التى أجريت في باريس حول ليبيا".

اقرأ أيضا: تأجيل انتخابات ليبيا.. هل نجحت إيطاليا وفشلت باريس؟

وقال: "الأزمة الليبية تجاوزت مرحلة العبث الفرنسي والعبث الإقليمي من قبل مصر والإمارات، وعليه فإن الأمور خرجت من سيطرة فرنسا الآن، وأن ليبيا في طريقها إلى الحل السياسي على مراحل"، وفق تصريحاته لـ"عربي21".

واستبعد أستاذ القانون الدولي والأكاديمي المصري، السيد أبو الخير "نجاح المؤتمر في حل الأزمة الليبية، نظرا لتباعد المواقف بين الدول الكبرى المشاركة فيه، وبوجود هذه الخلافات الجوهرية ستكون فرص نجاح المؤتمر "ضئيلة" جدا"، وفق تعبيره.

وقال لـ"عربي21": "هناك دول حاضرة للمؤتمر تريد فعلا استقرار ليبيا والاتفاق على صيغة دولية موحدة لتحقيق ذلك، لكن أيضا هناك مشاركون يريدون تقسيم ليبيا واستمرار الفوضى بها وهم أغلبية وعلى رأسهم الجنرال "خليفة حفتر" ومن يموله دوليا وإقليميا".