هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت دعوة المجلس الثوري لحركة فتح لحل المجلس التشريعي الفلسطيني، والتحضير لانتخابات جديدة ردود فعل محذرة من هذه الخطوة، وانعكاساتها المتوقعة على حالة الانقسام الفلسطيني، كونها تهدف إلى إخراج حماس من المشهد السياسي (تمثل غالبية المجلس)، فضلا عن عدم قانويتها.
وقدّم المجلس الثوري لحركة فتح الإثنين توصية إلى المجلس المركزي لمنظمة التحرير بحل "التشريعي" وإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ومحلية في الضفة وغزة "إن أمكن".
ورغم أن الدعوة تخالف القانون الأساسي الفلسطيني الذي يعتبر المجلس التشريعي سيد نفسه، إلا أن توقيتها يأتي في ظل تعثر جهود المصالحة، وفي ظل جملة من الإجراءات التي ينفذها رئيس حركة فتح ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بهدف إنهاء سيطرة حماس في غزة. ما يعني أنها ستزيد مشهد الانقسام تعقيدا. بحسب محللين.
وفي حين رأى مراقبون أن هذه التوصية "استعراضية" وتأتي في سياق المنكافات السياسية بين حركتي فتح وحماس، قال آخرون إن تطبيقها يحمل خطورة بالغة كونها ستؤدي إلى عزل وانفصال غزة عن الضفة والقدس.
النائب المستقل في المجلس التشريعي حسن خريشة، قال إن الدعوة صدرت من حركة لا تمثل الأغلبية في المجلس التشريعي (حركة فتح)، مشيرا إلى أنه لا مصلحة لأي فلسطيني في هدم مؤسسة منتخبة وتحظي بتمثيل كبير وواسع.
ومن الناحية القانونية قال خريشة لـ"عربي21"، إنه ليس من حق أحد أن يحل المجلس، فهو سيد نفسه، وهو يستطيع حل مؤسسات أخرى وليس العكس، متسائلا: " هل يعقل استبدال جسم منتخب بأجسام أخرى غير منتخبة؟".
ورجح أن تكون الدعوة جزء من المنكافات السياسية بين حركتي فتح وحماس على ضوء استمرار الانقسام، متوقعا ألا تأخذ طريقها للتطبيق الفعلي.
وتابع قائلا: "الحديث عن حل التشريعي واجراء انتخابات ليس جديدا، وأطلقت تصريحات عديدة حول هذه الموضوع بعد الانقسام عام 2007، ودار الحديث عن انتخابات مبكرة في العديد من المحطات وقيل حينها أن غزة ستستثنى منها بفعل استمرار الانقسام، وهذا ما يعطي انطباع أن الدعوة بالفعل هي في إطار حالة الجدل وتبادل الاتهامات واستمرار المنكافات بين طرفي الانقسام".
لكنه حذر من خطورة الدعوة مؤكدا أن "الأخذ بها فهي سيعمق الانقسام، باعتبار أنه لا يمكن اجراء انتخابات في غزة لعدم وجود توافق، ومن شأن ذلك أن يعزل غزة بل ويفصلها عن باقي الأراضي الفلسطينية".
الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور قال إن حل المجلس التشريعي ستكون له تداعيات خطيرة محليا ودوليا ولن يكسب فيها أي طرف فلسطيني.
وأكد شاور في مقال له اطلعت عليه "عربي21" أنه بالعودة إلى القانون الأساسي، فإن المجلس التشريعي سيد نفسه، ولا تنتهي ولايته الدستورية إلا بانتخاب مجلس جديد.
ومتحدثا عن صلاحيات المجلس الثوري لفتح أضاف: "المجلس الثوري هو بمثابة سلطة تشريعية في حركة فتح وليس له علاقة مباشرة مع المجلس المركزي لمنظمة التحرير ولا مع السلطة الفلسطينية وتكون توصياته للجنته المركزية الخاصة بالحركة وليس لمنظمة التحرير أو مؤسساتها".
وتابع: "في اتفاقية أوسلو يعدّ المجلس هو الهيكل الأساسي للسلطة الفلسطينية وإليه تنقل الصلاحيات التي تدخل تحت سيطرته وحكمه، ومنه تنبثق السلطة التنفيذية (الرئاسة والحكومة")، وهذا يعني أن حل المجلس التشريعي هو نهاية السلطة الفلسطينية واتفاقية أوسلو، وعليه تكون كل الإنجازات المحلية والدولية للسلطة لاغية تلقائيًا، فالعالم لم يعترف بدولة فلسطين إلا من خلال السلطة وليس من خلال منظمة التحرير التي ما زالت دول تحاربها ومنها الولايات المتحدة الأمريكية".
اقرأ أيضا: عباس يدعو المجلس المركزي لحل "التشريعي" والتحضير للانتخابات
ودعا شاور إلى استغلال المجلس التشريعي لخدمة القضية الفلسطينية بإعادة تفعيله وإجراء انتخابات متفق عليها وعلى أساس وثيقة الوفاق الوطني التي تقوم على القواسم المشتركة للعمل الفصائلي والبرامج السياسية المختلفة.
من جهته أكد النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس في الخليل محمد الطل، أن المجلس المركزي لا يمتلك الصلاحية لحل المجلس التشريعي لكي يطالبه المجلس الثوري لفتح بهذه المهمة.
وشدد الطل في تصريح صحفي وصل "عربي21" نسخة منه، على أن قبول المجلس المركزي لتوصية حل المجلس التشريعي، يعني أن مؤسسة شرعية منتخبة ممثلة لكل مكونات الشعب الفلسطيني، قد تم تصفيتها وإحالة مهامها إلى مؤسسة معينة وبعيدة كل البعد عن التمثيل الحقيقي والحر لشعبنا المناضل.
وعدّ النائب الطل أن هذا الإجراء إذا ما تم اتخاذه من المجلس المركزي ورئيس السلطة؛ فإنه سيدفع بالأوضاع إلى نفق عميق تتسع فيه هوة الانقسام، ومن المؤكد أن ذلك سيساهم بشكل كبير في خلق أجواء لتعدد المؤسسات وتنازع الشرعيات، وهي بداية مرحلة حقيقية من مراحل الانفصال.
يذكر أن حركة حماس يمثلها في المجلس التشريعي الذي انتخب عام 2006، 74 نائبا، (65% من مجموع المقاعد) مقابل 45 نائبا عن حركة فتح (34% من مجموع المقاعد)، فيما تتوزع المقاعد المتبقية البالغة 17 مقعدا على مستقلين وفصائل أخرى.