هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف اغتيال الصحفي
السعودي جمال خاشقجي، مواقف منحازة من قبل بعثيي العراق
تجاه السعودية بشكل لافت، واستماتتهم في الدفاع عن الموقف الرسمي السعودي، على
الرغم من عدائهم الشديد للرياض في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، واتهامها بالمشاركة في إسقاط حكمه.
تحوّل مواقف بعض أجنحة
البعث العراقي من عداء السعودية ومهاجمتها بشدة إلى التحالف معها والدفاع عنها
باستماتة أثار جملة من التساؤلات حول سر ذلك التحول، وانتقالهم من دائرة الأعداء
إلى مربع الأصدقاء.
ويُرجع خبراء في الشأن
العراقي أسباب ذلك التحول إلى جملة من المعطيات الواقعية التي دفعت كثيرا من بعثيي
العراق للانفتاح على السعودية، والدفاع عنها وعن سياساتها، باعتبارها القوة
الإقليمية القادرة على مواجهة عدوهم اللدود إيران.
انفتاح على الرياض
من جهته قال الأكاديمي
والسياسي العراقي، الدكتور زياد الصميدعي إن "حزب البعث يمتلك خبرة كبيرة في
إدارة ملفات المشهد العراقي المعقدة للغاية، والتي تحتاج إلى الدقة وبعد النظر في
التعامل مع تلك الملفات".
وأضاف في تصريحاته
لـ"عربي21": "كذلك فإن الحزب بما يمتلكه من معلومات دقيقة أكسبتها
إياه تجربة حكم العراق لأكثر من ربع قرن، فإن خياراته في مواقفه مبنية على معطيات
واقعية أكثر من مجرد كونها اختيارا عشوائيا، ومن هذه الخيارات الانفتاح نحو
المملكة العربية السعودية، وتأييد مواقفها".
وأرجع الصميدعي ذلك
الانفتاح إلى عدة أسباب يأتي في مقدمتها "الدور الإقليمي للسعودية، كونها أحد
اللاعبين الأساسيين في منطقة النزاع المعقد في الشرق الأوسط، إلى جانب إيران
وتركيا".
أما ثاني تلك الأسباب
بحسب الصميدعي فيعود إلى "التأثير السعودي على طبيعة العلاقات مع الولايات
المتحدة الأمريكية بغض النظر عن ظاهر هذه العلاقات، الأمر الذي يتيح الفرصة لهم في
كسب ثقة الأمريكان فيما لو تم دعمهم من قبل السعودية".
ولفت الأكاديمي
والسياسي العراقي إلى أن "الخيار الوحيد أمام حزب البعث العراقي هو التوجه
نحو السعودية، فمن المعلوم أن الدعم التركي هو لبعض الجهات السياسية ذات الخلفيات
والتوجهات الإسلامية مما يشكل صعوبة أمامه للحصول على دعمهم في العراق".
واعتبر الصميدعي أن
"الاستقطاب الطائفي في المنطقة أحد الأسباب الرئيسة وراء ذلك التحول، فبسبب
الدعم الإيراني للشيعة في العراق، بات كثير من أهل السنة يعتقدون أن بعدهم
الاستراتيجي هو السعودية"، مضيفا أن "التأثير السعودي الملحوظ على بعض
الجهات الشيعية في العراق، قد يتيح لهم مجالا أوسع للتحرك من خلالها لو حصلوا على
دعم السعودية".
استعاد نفوذ
وبدوره قال الباحث
الشرعي والداعية العراقي، فاروق الظفيري: "بعد الاحتلال استيقظ البعثيون وقد
فقدوا كل شيء، فانقسموا عدة أقسام، قسم دخل ضمن حكومة الاحتلال بصورة أو بأخرى،
وقسم انخرط في المقاومة المسلحة، وقسم دخل المنظومة الشيعية والمليشياوية وأصبح
عينا لهم وللمحتل الأمريكي، وقسم انكفأ على نفسه، وحاول بعضهم التقرب إلى
السعودية، والدفاع عنها".
وتابع حديثه
لـ"عربي21": "وهؤلاء بمحاولتهم هذه إنما يسعون لاتخاذ السعودية
جسرا يعبرون عليه، كمحاولة منهم لاستعادة بعض نفوذهم في العراق بحجة أنهم
عروبيون".
وأشار الظفيري إلى أن
"بعض البعثيين أحسوا بفداحة الجرم الذي ارتكبوه سابقا يوم أن أقصوا عقلاء أهل
السنة من الساحة، ومكنوا الشيعة من اختراق البلد بكل مفاصله بسبب نظرتهم القومية
للتشيع، وليس استنادا إلى النظرة الدينية كي يستشعروا خطره الحقيقي، فهم يحاولون
اليوم التخلص من إيران وأذنابها بالتقرب إلى السعودية" على حد قوله.
انقسامات بعد السقوط
ووفقا للباحث والمحلل
السياسي العراقي، هشام الهاشمي فإن "حزب البعث بعد عام 2003 انقسم إلى أربعة
أجنحة، الأول والثاني في العراق وهما جناح عزت الدوري، وجناح عبد الباقي السعدون،
وجناح ثالث مرتبط بسوريا وهو جناح يونس الأحمد وفوزي مطلق الرواي، والرابع جناح
الشتات وهم الذي انتشروا في البلدان العربية والأوروبية وبقوا متعاطفين مع القومية
العربية".
وأضاف في تصريحاته
لـ"عربي21": "حزب البعث بصفة عامة، بجناحيه في الداخل هما مع
التصالح مع العمق العربي، ضد إيران منذ عام 2006، وكذلك جناح الشتات، باستثناء
جناح سورية فموقفه يتماهى تماما مع موقف النظام السوري".
من جانبه أوضح سياسي
عراقي فضل عدم ذكر اسمه، أن مواقف بعثيي العراق تجاه السعودية تبدلت في سنوات ما
بعد الاحتلال لظهور الدور الإيراني الذي بات يستفز غالب العرب، خاصة السنة منهم بشكل سافر، لأن
المعركة أصبحت معركة طائفية بامتياز".
وأردف قائلا: "إن
معطيات مع بعد احتلال عراق، التي مكنت إيران من التحكم في كثير من مفاصل الدولة
العراقية، دفعت البعثيين للذهاب باتجاه السعودية، وباتت مواقفهم تتماشى مع مواقفها
باعتبارها الند الحقيقي الذي يقف بوجه إيران في المنطقة".
وإجابة عن سؤال
"عربي21" حول دفاع كثير من بعثيي العراق عن السعودية في قضية مقتل
خاشقجي، أشار السياسي العراقي إلى أن "الأمر بنظرهم يتمثل في أنه لا يمكن
خسارة بلد مثل السعودية الذي يجابه بقوة عدوهم إيران من أجل شخص مثل خاشقجي، والذي
لا يحظى أصلا بموقف إيجابي عندهم".
وأكد السياسي
"موقف بعثيي العراق المؤيد للسعودية والمدافع عن سياساتها حاليا، لا يعدو أن
يكون من قبيل (عدو عدوي صديقي) مع ما بينهما من خلافات في الفكر والأيدلوجيا".