هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رجح مراقبون وخبراء استراتيجيون أن تنحصر "عملية
درع الشمال" التي أطلقتها قبل قوات الاحتلال قبل أيام على الحدود الشمالية لفلسطين
المحتلة مع لبنان بأهداف داخلية لرئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتطابقت آراء الخبراء في أن "التسخين الإسرائيلي"
لا يعدو عن كونه مجرد دعاية موجهة إلى الجبهة الداخلية الإسرائيلية وبهدف تحقيق مكاسب
سياسية خاصة لحلف نتنياهو، غير أنّهم حذروا في الوقت عينه من محاولة تطويق لبنان دعائيا
عبر الحملات الإسرائيلية الموجهة ضده إلى المجتمع الدولي.
وعلى الرغم من التقليل اللبناني من أهمية "التهويل
الإسرائيلي"، فإنّ مراقبين يشددون على افتقاد حزب الله في الحرب الافتراضية المقبلة
للحصانة الداخلية اللبنانية التي كان يتمتع بها في حرب تموز عام 2006، وذلك بسبب خيارات
حزب الله الخارجية وسياساته في لبنان.
واستبعد الخبير الاستراتيجي والعسكري الدكتور أمين
حطيط تطور الأوضاع إلى حرب مباشرة، وبيّن أنّ إجراءات " قوات الاحتلال على حدود
فلسطين المحتلة الشمالية تأتي تحت سقف محدّد مع حرصها على عدم الانزلاق نحو استفزازات
تجاه لبنان"، مشيرافي تصريحات لـ"عربي21" إلى أنّ الجانب اللبناني
"دولة ومقاومة متنبهين لغايات التحركات الإسرائيلية ويراقبون عن كثب أعمال جيش
الاحتلال على الحدود".
اقرأ أيضا: وزير إسرائيلي يؤكد تواصل تدمير أنفاق حزب الله لبضعة أشهر
استهلاك داخلي
وتحدّث حطيط عن غايات داخلية للحكومة الإسرائيلية،
موضحا بأنّ "رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سيعلن انتهاء العملية على الحدود
عند حصوله على هدفه بالنسبة للجبهة الداخلية الإسرائيلية"، متابعا: "سيعلن
حينها انتهاء العملية بادعاء تحقيق أهدافها سعيا منه لحصد مكاسب سياسية".
وعن تأثيرات وتداعيات العملية الإسرائيلية من الناحية
الاستراتيجية والعسكرية، قال: "لم يحقق جيش الاحتلال أي إنجاز بعد مرور أيام على
تحركاتهم في الحدود، وهذا ما يفسّر محاولة إقحام قوات الطوارىء الدولية لأخذ زخم ودافع
أممي، بيد أن الموقف الرسمي والشعبي اللبناني كان حاسما ورادعا للقوات الأممية التي
بدت منحازة في خيارها الأول مع الاحتلال قبل أن تتراجع عنه على وقع الرفض والاستنكار
اللبناني".
وقلّل حطيط من أهمية المنتقدين لخيارات حزب الله ممن
صنفهم الأخير بأنهم يخدمون أهداف الكيان الإسرائيلي، وقال: "لا تأثيرات من جانبهم
وكل ما يحاول نتنياهو فعله هو للاستثمار في ساحته، خصوصا أنّ الداخل اللبناني متحصن
بمناعة تنبذ أي محاولة للعبث بمعادلة الدفاع عن لبنان".
وعن تطوّر قدرات حزب الله العسكرية قياسا لآخر جولة
قتال مع جيش الاحتلال عام 2006، بيّن حطيط تعاظم قدرات المقاومة من مختلف النواحي،
وقال: "الإسرائيليون أنفسهم يقولون إنّ إمكانيات المقاومة تضاعفت إلى نحو عشرين
مرة عمّا كانت عليه سابقا".
والتقى الكاتب والمحلل السياسي جورج علم مع حطيط في
استبعاد"قيام الحكومة الإسرائيلية بشنّ عمل عسكري تجاه جنوب لبنان"، مؤكدا
أنّ "َأيّ اعتداء إسرائيلي في ظلّ المناخ الإقليمي يدفع بالحرب إلى أبعد من الحدود
اللبنانية إضافة إلى الانعكاسات المحتملة في الداخل".
و لفت علم في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن
"الفتنة الداخلية واردة في لبنان في حال نشوب حرب قادمة لكون الانتقادات حاضرة
تجاه سياسات حزب الله إضافة إلى الاتهامات ضده بخصوص تعطيل الحكومة ونقل الصراع الإقليمي
إلى الساحة اللبنانية"، نافيا "وجود حجج حاليا لاستمرار سلاح حزب الله في
محاربة الإرهاب على عكس الفترة الماضية".
ونوّه إلى "أهمية المظلة الدولية التي تحصّن لبنان
وتدفع نحو استقراره"، وتطرّق علم إلى التعاطي الداخلي في لبنان مع التهديدات الإسرائيلية،
فقال: "ما عبر عنه الرئيس المكلف واضح لجهة الحرص على الاستقرار والقرار الأممي
1701 (قرار صدر من مجلس الأمن عام 2006 وينصّ على انسحاب القوات الإسرائيلية وانتشار
الجيش اللبناني حصرا بمساعدة من قوات الطوارىء)"، مبينا أنّ الحكومة الإسرائيلية
تلجأ إلى التصعيد المتدحرج بدءا من كلام نتنياهو في الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر
الماضي واتهامه لحزب الله بامتلاك ترسانة ومصانع عسكرية في أحياء سكنية وبالقرب من
مطار العاصمة وصولا إلى الأعمال والإجراءات الأخيرة التي تقوم بها قوات الاحتلال على
الحدود مع لبنان".
وأشار علم إلى أهمية تحذيرات المبعوث الرئاسي الفرنسي
للمسؤولين اللبنانيين من احتمال شنّ عمل عسكري إسرائيلي في الأراضي اللبنانية"،
ورأى أن "التأييد الأمريكي للخطوات الإسرائيلية الأخيرة إلى جانب بعض الدول الأوروبية
يحمل دلالات كبيرة، إلا أنه وفي الوقت عينه لا يبدو البيت الأبيض متشجعا على فتح مواجهة
على حدود لبنان"، لافتا إلى أن دول القرار تعمل على نسج "تسويات متعدّدة
في الشرق الأوسط وليست في صدد دعم أي عمل عسكري يبعثر أوراقها الاستراتيجية والسياسية".
وأكد أن أيّ طرف لبناني لن يكون مستفيدا من الحرب المقبلة
إن حدثت بمن فيهم بيئة حزب الله في ظلّ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يرزح تحت
وطأتها اللبنانيون، وقال: "الحاضنة الشعبية التي كان يتمتع بها حزب الله سابقا
خصوصا في عام 2006 لم يعد يحظى بها حاليا، عدا أن أطرافا سياسية بارزة بمن فيها تيار
المستقبل تسعى إلى الاستقرار للتصدي للتحديات الداهمة على لبنان معيشيا واقتصاديا".