هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها، عمن سيحمي أمريكا الآن بعد استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إن ماتيس قرر الاستقالة من منصبه بعد يوم واحد من إعلان الرئيس دونالد ترامب عن سحب القوات من سوريا.
وتشير الصحيفة إلى أن الجنرال المتقاعد بأربع نجوم برر استقالته في رسالة بالخلاف الرئيسي والمبدئي مع الرئيس في عدد من الأمور، لافتة إلى أنه لم يذكر قرار الرئيس "المتهور" في سوريا، لكنه فوجئ، كغيره من المسؤولين البارزين، بهذا القرار.
وتجد الافتتاحية أنه برحيل ماتيس فإن الإدارة قد خلت من المجموعة المحترفة التي نجحت نسبيا في ضبط الرئيس، مشيرة إلى أن قرار الرئيس لسحب القوات جاء بعد ثلاثة أشهر من إعلان مدير الأمن القومي جون بولتون عن استراتيجية الأمن القومي، التي ربط فيها بقاء القوات الأمريكية بخروج القوات الإيرانية.
وتقول الصحيفة: "بدا كلام بولتون في حينه كأنه كلام رجل يحمل مرجعية وثقة في نفسه، وكما هو الحال في رئاسة ترامب الفوضوية فإنه لم يكن كذلك، وفي يوم الأربعاء قام الرئيس بتجاوز كلام بولتون وفريق أمنه القومي بقرار سحب القوات الخطير".
وترى الافتتاحية أن "هذا القرار، الذي لا علاقة له بسياق الاستراتيجية الأمريكية أو المنطق العام، أدى إلى زرع حالة من عدم اليقين بشأن التزامات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ورغبتها في قيادة العالم".
وتقول الصحيفة: "على ما يبدو فإن تغريدة الرئيس كانت القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير، ودفعت ماتيس للخروج، وهو الذي حاول الموازنة والمشي بحذر خلال السنوات الثلاث الماضية، وأبقى على مخاوفه لنفسه، خاصة عندما استجاب لمطالب ترامب، مثل منع المتحولين جنسيا من الانضمام إلى الجيش، وطلبه استعراضا عسكريا شاملا في بنسلفانيا أفنيو".
وتورد الافتتاحية نقلا عن السنياتور الديمقراطي البارز عن ولاية فيرجينيا وعضو لجنة الاستخبارات مارك وورنر، قوله في تغريدة، إن رحيل ماتيس "مثير للخوف"، ووصفه "بواحة الاستقرار وسط فوضى إدارة ترامب".
وتقول الصحيفة إن "الجنود عليهم واجب تنفيذ قرار القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن النجاح يعتمد على الثقة في القائد الذي يعرف ما يقوم به، فإرسال رسائل متضاربة للجنود في ساحة المعركة، كما يفعل ترامب وأركان إدارته، لا يؤثر على معنوياتهم فقط، بل إنه أيضا يعرقل من جهود الحلفاء، مثل الأكراد السوريين، ما قد يودي إلى تعريض حياة الجنود الأمريكيين للخطر وهم يحاولون تحقيق أهداف لم يعد قائدهم يؤمن فيها".
وتلفت الافتتاحية إلى أن هذا القرار عارضه حتى المتحمسين الكبار لإدارة ترامب، مثل ماركو روبيو، الذي وصف القرار بالمهزلة "ولو لم يعرقل الجهود فإنه سيلاحق أمريكا لسنوات قادمة"، فيما عبر السيناتور عن ساوث كارولينا ليندزي غراهام، عن دهشته والمسؤولين في الكونغرس.
وتنوه الصحيفة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يرسل فيها الرئيس وإدارته رسائل مربكة، فوعد في أثناء الحملة الانتخابية بجلب الجنود من سوريا في حال تسلمه السلطة، وهو يحاول عمل هذا الأمر منذ ذلك الوقت، مشيرة إلى أن البنتاغون أعطت في نيسان/ أبريل وقتا لإنهاء المهمة ضد تنظيم الدولة، وركزت جهودها على قتاله، ثم وصل جون بولتون إلى مجلس الأمن القومي، فربط خروج القوات الامريكية بخروج القوات الإيرانية الموجودة خارج حدود بلادها.
وتذكر الافتتاحية أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، أخبر المجلس الأطلسي يوم الاثنين أن الولايات المتحدة ستظل في سوريا حتى هزيمة تنظيم الدولة، إلا أن الرئيس قام يوم الأربعاء بتجاوز مستشاريه، وأعلن عن نهاية المهمة وسحب القوات.
وتلاحظ الصحيفة أن الرئيس لم يستخدم النفوذ الأمريكي لتحقيق هدف سياسي أو عسكري من الانسحاب، معربة عن استهجانها من تأكيد الرئيس هزيمة تنظيم الدولة.
وتعلق الافتتاحية قائلة: "صحيح أن قدرة التنظيم على توجيه الضربات قد أضعفت، وتمت استعادة معظم المناطق التي كانت تحت سيطرته، لكنه لا يزال يحتفظ بجيوب في المناطق الحدودية بين العراق وسوريا، ولديه ما بين 20 ألف مقاتل إلى 30 ألفا، بحسب دراسة عسكرية، وكما قال جيفري يوم الاثنين: (لم تنته المهمة بعد)".
وتقول الصحيفة إن "لا أحد يريد بقاء القوات الأمريكية أكثر مما يجب، لكن الرئيس لم يفكر في عواقب قرار متعجل يعطي الفرصة لتنظيم الدولة ليعيد تجميع نفسه، ويجبر الولايات المتحدة على العودة مرة ثانية وبكلفة عالية".
وتعتقد الافتتاحية أن "الانسحاب الأمريكي سيكون هدية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يبذل جهده ليملأ الفراغ الأمريكي في المنطقة، وسيكون فرصة لتوسيع إيران تأثيرها، فيما ستجد واشنطن صعوبة في تنفيذ استراتيجيتها القائمة على فرض (الضغط الأقصى) على إيران".
وتفيد الصحيفة بأن "من بين الخاسرين الكبار من الانسحاب سيكون الأكراد، الذين سلحتهم الولايات المتحدة ودربتهم، واعتمدت عليهم في محاربة تنظيم الدولة، فيما يعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جماعات من الأكراد إرهابية، ولهذا تعهد في الأيام الأخيرة بتنفيذ عملية ضدها، وناقش ترامب خطة الانسحاب معه يوم الجمعة".
وتذهب الافتتاحية إلى أن الانسحاب الأمريكي سيزيد من قلق إسرائيل حول الوجود الإيراني القوي في سوريا، وسيزيد من متاعب الأردن، الذي يعاني من آثار موجات اللاجئين السوريين.
وتقول الصحيفة إنه "عادة ما تتم مناقشة قرارات تحمل ذات عواقب خطيرة مع مستشاري الأمن القومي، لكن الكونغرس يقول إنه لا يوجد ما يشير إلى هذا الأمر، وأكد البيت الأبيض الذي رفض مناقشة القرار أنه أمر اتخذه الرئيس".
وترى الافتتاحية أنه "من الصعب ربط هذا القرار بمحاولة الرئيس حرف النظر عن الأخبار السيئة التي يعاني منها، والقضايا القانونية التي تزيد من الخناق عليه، وسيكون أسوأ قرار من قائد أعلى للقوات المسلحة أقسم لحماية الرجال والنساء الذين يرتدون الزي العسكري".
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول إنه "بناء على رسالة استقالة ماتيس، فإن قرار الانسحاب كان من عمل الرئيس وحده".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)