هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تصاعدت حدة التراشق بين أنقرة وباريس على إثر
اعلان الأخيرة دعمها لأكراد سوريا، وقرار تركيا البدء بعمليتها العسكرية "شرق
الفرات" ضد الجماعات الكردية المسلحة.
وظهر التباين في المواقف بين الطرفين الفاعلين
في سوريا بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب، وسعي الدولتين لسد
الفراغ الذي ستتركه واشنطن في المنطقة.
الانتقام
وأثار الإصرار الفرنسي على استكمال قتال تنظيم
الدولة على الرغم من أن واشنطن قالت إن وجوده انتهى تساؤلات بين المراقبين حول
الرغبة الحقيقية لباريس من دعم الوحدات الكردية.
وأجاب المحلل السياسي إسماعيل خلف الله على هذا
التساؤل بالقول: "فرنسا ترى بأن تواجد قواتها ضمن التحالف الدولي في سوريا
جاء لمهمة القضاء على تنظيم داعش، ويرى المسؤولون الفرنسيون بأنها لم تكتمل بعد،
وبالتالي فالقوات الفرنسية ستواصل هذه المهمة".
وتابع خلف الله في حديث لـ"عربي21":
"فرنسا لديها رغبة في الانتقام من داعش، بسبب الهجمات التي نفذتها الأخيرة في
باريس عام 2015".
وأشار المختص بالشأن الأوروبي، حسام شاكر، إلى أن "الحرب على داعش كان الذريعة الأساسية للحضور الفرنسي في سوريا، وتحت هذا العنوان شاركت باريس في الحملة الدولية على التنظيم، لكن فرنسا بالأحرى ترى مصالح لها في شرق المتوسط، وتبقى حريصة على دور فاعل في المشهد السوري ويبدو عنوان مواجهة داعش لافتة ملائمة لذلك".
منافسة شرسة
وقال حسام شاكر في حديث لـ"عربي21":
"وأيضا فرنسا ترى بأن التمدد التركي في تلك المنطقة لن يكون في صالح دورها،
وهي لن تجد نفسها الجهة المخاطبة من قبل الإدارة الأمريكية، بعدما ظهر من اتفاق
ضمني بين الأخيرة وبين تركيا على ترتيبات ما بعد الانسحاب الأمريكي".
وأشار شاكر إلى أن "تركيا لديها فرصة بأن
تكون طرف حوار في المشهد السوري، وهذا أيضا لن يكون في صالح الدور الفرنسي:، مضيفا:
"التدخل التركي سيضعف موقع الأكراد، وكما هو معلوم كان يمكن لفرنسا أن تستثمر
فيهم بشكل أو بآخر".
اقرأ أيضا : بناء قاعدة فرنسية في الرقة السورية.. ما الدلالات؟
وأكد على أن "أحد أسباب المنافسة الفرنسية
لتركيا في شرق سوريا أيضا، هو تقلص فرص وثقل دورها، وذلك نتيجة لتعزيز الدور التركي
في سوريا، أضف لذلك أن فرنسا استشعرت بأن ترامب لم يراع حضورها في المشهد
السوري".
وأضاف شاكر: "وإذا كانت فرنسا لاعب من الدرجة
الثانية أو الثالثة، فإن انكشاف دورها بمعزل عن الحضور الأمريكي، يضعها إزاء
اختلال نسبي في التوازنات التي عهدتها من قبل في المشهد السوري".
بدوره قال خلف الله: "هناك منافسة شرسة
بين تركيا وفرنسا في سوريا، فالسلطات التركية تعلم بأن باريس تدعم وحدات حماية
الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية، وأيضا بأن لها صلة بحزب العمال
الكردستاني، وقد صرّح بذلك وزير الخارجية التركي".
وأردف: "بالتالي فإن أنقرة لا تريد بقاء
القوات الفرنسية على الأراضي السورية إذا استمرت في تقديم الدعم لوحدات حماية
الشعب الكردية، وبالمقابل فرنسا ترغب بالتدخل وزيادة تواجدها هناك، من باب عدم ترك
المجال لتركيا وحدها لتبقى كبديل لأمريكا للقضاء على تنظيم الدولة".
سد الفراغ
وحول قدرة فرنسا على سد الفراغ الذي ستتركه
الولايات المتحدة في حال انسحبت بشكل كامل من سوريا رد خلف الله بالقول: "لا
أعتقد بأنه سيكون بمقدور فرنسا سد الفراغ الذي سينتج عن انسحاب القوات الأمريكية
سواء في الجانب السياسي أو اللوجستي والعسكري، ورغم أنها حريصة على إتمام مهمة
القضاء على داعش، إلا أنها ستبقى بحاجة لدعم دول أخرى ومن بينها تركيا".
لكن شاكر رأى أن فرنسا إن حاولت توسيع أدوارها في المشهد السوري فإنه "قد يؤدي إلى احتكاكات أو توترات مع أطراف أخرى. وقد تحاول تعزيز موقفها في هذه المنافسة بفتح قنوات تواصل مع نظام الأسد لإبرام تفاهمات ما".
الرد التركي
وحول رد وخيارات تركيا في ظل سعي فرنسا لأخذ
مكان واشنطن في محاربة تنظيم الدولة وبنفس الوقت التنسيق مع خصوم تركيا
"قسد" هناك.
اقرأ أيضا: "التحالف" يقر بمشاركة قوات فرنسية إلى جانب "قسد" بسوريا
قال المحلل السياسي التركي أنس يلمان: "خيارات تركيا هي نفسها التي كانت تستخدمها ضد الدور الأمريكي، وإبقاء التوازن بين
الجهات الطامعة في سوريا، حيث أن فرنسا ستحاول أن تحل محل أمريكا في سوريا، ولكن
تركيا تستنكف ذلك، وأيضا أن المعارضة السورية الموالية لتركيا ترفض رفضا تاما الوجود
الفرنسي".
وأضاف يلمان في حديث لـ"عربي21":
"باعتقادي ستواصل التعاون مع روسيا وإيران، وخصوصا أن كلا الدولتين لديهما
مصلحة كبيرة مع البقاء التركي كمحور فعال في شرق الفرات، ويبقى موقف ودور تركيا
ثابتا وهو حقن دماء الشعب السوري وحماية أمنها القومي على طول الحدود مع
سوريا".