هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ربما يبدو العنوان مستغربا، إذ كيف يستساغ الحديث عن شيخ أزهر قادم، بينما لا يزال شيخ الأزهر الحالي الدكتور أحمد الطيب حيًّا على رأس منصبه، وشيخ الأزهر حصنت ثورة يناير ودستورها منصبه، فجعلته غير قابل للعزل، وإن كان حكم العسكر بوجه عام لا يعز عليه المخالفة الدستورية، مع مشيخة الأزهر، فقد خالفها وضرب بها عرض الحائط السيسي مع وزير الدفاع صدقي صبحي، وهو المحصن بالدستور، والمؤسسة العسكرية!
فلماذا إذن الحديث عن شيخ أزهر قادم، بينما الحالي لا يزال على رأس عمله؟ لأن المتابع لأمرين يدرك جيدا أن المخطط يسير على قدم وساق لتغيير الشيخ الحالي، الأمر الأول: تاريخ الحكم العسكري منذ محمد علي وحتى الآن، والأمر الآخر: ما يحدث منذ فترة مع المشيخة، وتفكيكها، والإجراءات التي تتم مع شيخها، يدل بقوة على أن السيسي يسعى لتغيير المشيخة، شيخا وأفرادا، ودورا.
أحمد الطيب برغم الخلاف معه في عدة قضايا، إلا أنه يظل بمعيار السيسي ليس الشخصية المناسب تماما لحكمه
اقرأ أيضا: الشيخ الطيب والسيسي.. حدود الخلاف وأبعاده!
فمغامرة السيسي بعزل صدقي صبحي، كان قد مهد قبلها بتغيير كل قيادات الجيش، لكن تغيير شيخ الأزهر بقرار سيؤدي دينيا إلى مقارنة واضحة بين تدخل السيسي الفج في المؤسسة الدينية المسلمة، بينما لا يملك أن يفعل ربع ذلك مع المؤسسة المسيحية متمثلة في الكنيسة، وفي قيادتها بكل مستوياتها.
أحمد الطيب برغم الخلاف معه في عدة قضايا، إلا أنه يظل بمعيار السيسي ليس الشخصية المناسب تماما لحكمه، فهو يريد شخصيات من عينة علي جمعة ومختار جمعة، الذي يعملون بمبدأ: (أحلام سعادتك التي تحلم بها غدا، قمنا بتنفيذها أول أمس!). ولذا سنرى التنافس الشديد بين المؤسسات الدينية، فترى وزارة الأوقاف ودار الإفتاء كل منهما يقوم بأدوار بدل التنسيق، تراها متعارضة، بدعوى محاربة الإرهاب والتطرف.
أسماء منافسة
وإذا تركنا مجال التنافس بين المؤسسات الدينية التي تطمح لإرضاء السيسي، ويطمح القائمون عليها بالاستيلاء على مقعد المشيخة، لا تخلو المنافسة من شيوخ خارج المؤسسة الدينية، كعلي جمعة وسعد الدين الهلالي، وبخاصة علي جمعة الذي يمثل له مقعد المشيخة (حلم العمر)، ظل يداعب خياله، قبل الإفتاء، وبعده، فعندما طلق البدلة والكرافتة، وارتدى الزي الأزهري، سئل من أحد الأشخاص: لماذا؟ فقال: لها ما بعدها، وبعدها بشهور تولى الإفتاء، وعينه على المشيخة.
وعلى مبدأ الساحر الذي كان مخلصا للملك في قصة أصحاب الأخدود، والذي ذهب يطلب من الملك انتقاء شاب يعلمه أصول الصنعة، فقد رشح علي جمعة أحد تلامذته وهو أسامة الأزهري، فقد قدمه للسيسي، وتم تعيينه مستشارا دينيا له، ثم في مجلس الشعب، ثم إعادة تلميع الأزهري عن طريق عدم حرقه إعلاميا في معارك، كسعد الهلالي، وعلي جمعة، ومبروك عطية، وغيرهم، الملاحظ: أنه يجري إعداده على نار هادئة، وبخطة إعلامية ودينية، وراءها محمد بن زايد والإمارات، فمن طباعة كتب له لا تساوي ثمن الحبر الذي كتب به، على ورق فاخر مصقول، ولا يشتريها أحد، بل أشبه بهدايا، ليجري تلميعه دينيا وعلميا. وخروجه الإعلامي المدروس في توقيته وموضوعه، كما في مناظرته مع إسلام البحيري، والحبيب الجفري.
اقرأ أيضا: كيف انتصر شيخ الأزهر على السيسي في صدامات 2018؟
الخطة الآن التي تجري على قدم وساق مع المشيخة، هي معركة عض أصابع، فإلى متى يتحمل شيخ الأزهر هذه الإجراءات التي تنال من قدر المشيخة والمؤسسة، هذا أمر مرهون بمدى تحمله ذلك، أو يرى نفسه مجبرا على تقديم الاستقالة، بدعوى الظروف الصحية، كما سبق من العسكر مع شيوخ أزهر سابقين. من قبل فعلها العلامة الدكتور عبد الحليم محمود عندما حاصره السادات ببعض هذه الإجراءات، فهدد بالاعتكاف، أو السفر خارج مصر، وبذلك يتم فضح رئيس الدولة، فاضطر السادات للرضوخ، وظل قانون الأحوال الشخصية في الأدراج حتى توفي عبد الحليم محمودز
خطة السيسي أن يكون أقرب الأجلين، وهو أن يقدم شيخ الأزهر استقالته، ثم بعدها يقدم السيسي: أسامة الأزهري، بدعوى التجديد والشباب، كما يحلو للسيسي تقديم نفسه كرئيس راعي للشباب، فيقدم الأزهري، ليكون السيسي قد تخلص من كل من له عنده استحقاق أو فضل سابق، لتكتمل دولة السيسي بأفراد من صنيعته الخالصة، لا فضل لهم عليه.